الجنائية الدولية والولاية القضائية على الأراضي الفلسطينية

 

بقلم  :  سري القدوة

الاثنين 8 شباط / فبراير 2021.

 

بعد صدور قضاة المحكمة الجنائية الدولية قرارها الخاص حول الولاية القضائية على الأراضي الفلسطينية اصبحت الان الطريق ممهدة للتحقيق في جرائم الحرب التي يقدم المستوطنين وجنود الاحتلال على ممارستها والكشف عن سجل الجرائم التي ارتكبت بحق ابناء الشعب العربي الفلسطيني وذلك بعد ان أصدرت الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي قرارها بشأن طلب المدعية العامة فاتي بنسودا حول الولاية القضائية الإقليمية على فلسطين، حيث قررت بالأغلبية أن الاختصاص الإقليمي للمحكمة في فلسطين تشمل الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 وهي غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، على اعتبار أن فلسطين هي طرف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

 

ويشكل هذا القرار الذي صدر عن  الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية، خطوة مهمة على صعيد التحرك العاجل وتقديم الملفات حول جرائم الحرب التي يرتكبها المستوطنين وقادة جيش الاحتلال الي المحكمة الدولية حيث وبصدور القرار تؤكد انها جهة الاختصاص الإقليمي والذي يشمل الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة، وأن هذا القرار يبرهن على استقلالية المحكمة ونزاهتها في ظل حملة التشويه الإسرائيلية للمحكمة وكمحاولة عرقلة عملها.

 

القرار الصادر عن المحكمة سيتيح للمدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فتح التحقيق الجنائي بشكل فوريٍ، وتتويجاً للجهد الدؤوب الذي قامت فيه دولة فلسطين وخاصة وزارة الخارجية الفلسطينية للعمل الدولي وتفعيل قضايا محاكمة مجرمي الحرب من قادة الاحتلال الاسرائيلي على جرائمهم في فلسطين مع المحكمة الجنائية الدولية منذ اليوم الأول لانضمام دولة فلسطين لعضويتها عام 2014، استناداً لتوجيهات الرئيس محمود عباس ومتابعته للمسعى الفلسطيني المهم بتحقيق العدالة والانتصاف لضحاي الارهاب الاسرائيلي المنظم الذي ترتكبه عصابات المستوطنين بحق ابناء الشعب العربي الفلسطيني في فلسطين المحتلة .

 

ويعد هذا الانتصار القانوني هو ثمرة لعلاقات التعاون والتكامل التي جمعت بين المؤسسات الرسمية ومنظمات حقوق الإنسان واللجان الوطنية والمؤسسات الحقوقية العربية واتحاد الحقوقيين العرب ضمن إطار اللجنة العليا لمتابعة العمل مع المحكمة الجنائية الدولية، وأن ما حققته دولة فلسطين أمام المحكمة الجنائية الدولية جاء تنفيذاً للإستراتيجية التي وضعتها الدبلوماسية الفلسطينية انطلاقاً من مكانة دولة فلسطين في الأمم المتحدة بعد حصولها على صفة دولة مراقب غير عضو في 29 تشرين أول/نوفبر 2012 إلى جانب عضويتها في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافية (يونيسكو) في عام 2011.

 

وبات من الضروري الان قيام المحكمة الجنائية الدولية والمدعية العامة  باتخاذ الاجراءات اللازمة وضرورة فتح التحقيق الجنائي في أسرع وقت ممكن وصولاً لإجراءات محاكمة مسئولي سلطات الاحتلال الإسرائيلي وعصابات المستوطنين عن سجلهم الإجرامي وممارساتهم الارهابية والقمعية واللا انسانية التي ترتكب يوميا دون وجه حق او رادع اخلاقي بحق أبناء الشعب الفلسطيني .

 

وفي ظل هذا التطور الايجابي لا بد ايضا الاستعداد السريع من قبل دوائر وجهات الاختصاص الحقوقية الفلسطينية بالعمل وتجهيز الملفات وتقديمها للمحكمة الجنائية الدولية وتقديم كل سبل التعاون وبشكل كامل مع المدعية العامة انطلاقاً من تمسك دولة فلسطين بالتزاماتها القانونية كدولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية وإيماناً منها بأهمية دور المحكمة في وضع حد للجرائم الأشد الخطورة ومحاسبة مرتكبيها، وضرورة تحقيق العدالة الدولية وتطبيق القانون بما يخدم العدالة والسلم الاهلي والاستقرار والأمن المجتمعي وتنفيذ قرارات الامم المتحدة والمجتمع الدولي .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق