مطبخ وفرن نسائي في مخيم شاتيلا


العربي الجديد: انتصار الدّنّان
08-01-2021
بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، تحاول الفلسطينيات التفكير في مشاريع عمل لمساعدة عائلاتهنّ. وهذه المشاريع قد تنبع أحياناً من جذورهنّ وثقافتهنّ.
منتهى ديب، امرأة فلسطينية تعيش في مخيّم شاتيلا في بيروت، كانت تتمنى دائماً أن تحيي التراث الفلسطيني لناحية الطبخ والخبز المنزلي الذي كانت النسوة تعده في بيوتهن. لذلك، افتتحت في مخيّم شاتيلا مطعماً لطبخ الطعام المنزلي الفلسطيني وفرناً للخبز المنزلي.
قول منتهى ديب لـ"العربي الجديد": "كان زوجي يعمل في الدهان، لكن، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، وعدم توافر وظائف في البلد، صار عاطلاً من العمل. اضطرّ إلى أخذ قرض وشراء باص لنقل التلاميذ، لكن، بسبب جائحة كورونا والتعليم عن بُعد، لم يعد التلاميذ يحتاجون للنقليات، وبذلك فَقَدَ عمله الثاني". لديب ثلاث فتيات يتعلمن في الجامعة، وتقول: "البنت الأولى تدرس التمريض، وحالياً تُعدّ للماجستير بالعناية الفائقة، والثانية درست علم الأحياء، والآن تُعدّ للماجستير فيها، أما الثالثة فما زالت تتخصص بالتمريض في الجامعة. كانت حركة فتح تساهم في أقساط ابنتي الثانية بالجامعة، لأنّ علاماتها كانت مرتفعة، لكن في الماجستير، توقفت المساعدة المالية، فاضطرت إلى أخذ قرض". تضيف: "بسبب الأوضاع، ولمساعدة زوجي على الحياة المعيشية وتأمين مصاريف بناتي الجامعية، افتتحت فرناً لبيع خبز البيت والمناقيش".
ن بداية عملها، تروي: "علمت بأنّ جمعية "أحلام لاجئ" تعمل على تقديم مشاريع صغيرة في المخيم، فقدّمت طلباً بتمويل المطبخ والفرن، وكانت الموافقة على المشروع وعلى تمويله، وأصبح باستطاعتي تأمين مصاريف عائلتي، وإحياء التراث الفلسطيني، وتأمين فرص عمل لعدد من النساء في المخيم".
تتابع: "الجمعية هي التي تولت شراء المعدّات اللازمة التي بلغت قيمتها 1700 دولار أميركي، وتؤمّن الجمعية أيضاً إيجار المحلّ واشتراك الكهرباء، وتوفر رواتب النساء العاملات في المطبخ اللواتي يبلغ عددهن ست عاملات، وقريباً سيصبح عددهن 12. كذلك، تقدم لي الجمعية 200 دولار شهرياً لشراء ما أحتاجه من لوازم طبخ للمطبخ".
أمّا عن العمل في الفرن، فتقول: "في الصباح أبيع المناقيش، وبعد الظهر أعدّ وجبات الطعام لأبيعها خلال أيّام الأسبوع، غير أنّني أستثني يوماً واحداً من أيام الأسبوع، فأوزع فيه الطعام مجاناً على عشرين عائلة محتاجة في المخيم. وأتمنّى أن يزداد العدد؛ لأنّ هناك عدداً كبيراً من السكان في المخيم بحاجة للطعام، ولا يملكون المال الكافي لشرائه. بالإضافة إلى ذلك، فإنّني أعدّ الكعك الفلسطيني الذي أخبزه في الفرن، وأبيعه أيضاً".
وعن اللواتي يعملن معها، تضيف: "هناك العديد من الفتيات اللواتي يبلغن من العمر عشرين عاماً، انضممن إلى العمل معنا، حتى يتدرّبن على الطبخ الفلسطيني، وليس لجني المال، والدورة طبعاً مجانيّة". تختم: "بسبب جائحة كورونا، نعمل في الفرن والمطبخ بدوامين مختلفين في اليوم الواحد، الدوام الأول صباحيّ من الساعة السابعة صباحاً حتى الساعة الواحدة ظهراً، والدوام الثاني من الساعة الواحدة ظهراً حتى الساعة الخامسة مساءً".
أريج الكردي، عاملة في الفرن، وهي فلسطينية من يافا في فلسطين المحتلة، وتقيم في مخيم شاتيلا، وتبلغ من العمر واحداً وأربعين عاماً، تقول لـ "العربي الجديد": "أنا متزوجة ولديّ ابنتان وولدان، وزوجي، قبل الأزمة الاقتصادية الحاصلة اليوم في البلد، كان يعمل دهاناً، وبعد هذه الأزمة صار عاطلاً من العمل.عندما علمت بافتتاح الفرن والمطبخ، قررت العمل من أجل دعم نفسي أوّلاً، لأنّ الإنسان إذا أراد العيش يجب أن يكون لديه عمل، وأيضاً لأدعم زوجي في تأمين مصاريف عائلتنا". وتوضح: "ليس هذا عملي الأول، فقد كنت أعمل في السابق في دار العجزة بمخيم شاتيلا". وتختم بالقول: "من خلال عملي في الفرن أكتسب مهارات لم تكن لي معرفة بها من قبل، مثل الطبخ الفلسطيني وأمورٍ أخرى في الطبخ".
كن وسط النساء العاملات في الفرن، هناك الشاب الفلسطيني، غسان مرضعة، وهو من يافا في الأصل، ويقيم أيضاً في مخيّم شاتيلا، ويبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً. يقول عن عمله معهن: "أنهيت دراستي المتوسطة، ثم عملت في الحلاقة، ومن بعدها تعلّمت مهنة الطبخ، وذلك لمدّة عامين، بعدها عملت لمدة قصيرة خارج المخيّم. لكن بعد انتشار جائحة كورونا والوضع الاقتصادي المتأزم في لبنان، تركت عملي، وصرت أعمل في الفرن. في البداية، كنت سأعمل في بيع السندويشات، لكن بسبب ارتفاع أسعار اللوازم التي نحتاجها، أحجمنا عن الأمر، وصرت أساعد السيدات في الطبخ".


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق