وكالة القدس للأنباء _ سامر الحاج
يُحيي الفلسطينيون ذكرى النكبة في 15 أيار من كل عام، وفي مخيّم الجليل لا يمكن أن يمُر يومٌ واحد على مدار العام دون العيش على وجع النكبة المتمثل بذكرى طردهم من بلادهم ليحلُّوا ضيوفاً على ثكنة عسكرية للجيش "الفرنسي" في منطقة بعلبك، كانت في حينها عبارة عن المبنى الأوسط ومبنيَين آخرين والسور و"البركسات"، أي "اسطبل الخيول للجيش"، ممّا اضطرهم للسكن فيهم وقسّموا الغرف بين بعضهم بأكياسٍ من الخيش والبطانيّات والكرتون؛ وصولاً إلى أوائل السبعينات ومع دخول "الثورة الفلسطينيّة"، بدأت عمليات البناء والتوسع العشوائي في المساحات الفارغة، ثم أصبح البناء عامودياً، قبل أن تمنع القوانين اللبنانيّة البناء داخل المخيّمات، فهذه البيوت ليست على مستوى معايير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ فبعضها لا تدخله الشمس، وبعضها لا يوجد فيه متنفس للتهوئة، ولا مصادر كافية للتدفئة.
يشرح علاء دلال ل"وكالة القدس للأنباء" مدى المعاناة اليوميّة التي يعيشها في مبنى الجيش "الفرنسي" المتهالك وغير القابل للسكن، ولكنها ظروف الحياة على اللاجئ الفلسطيني المحروم من أبسط حقوق الحياة والآدميّة. ويضيف علاء أنه يكمل ما بدأه والده منذ عشرات السنين بالمطالبة بتأهيل البناية الوسطى في المخيّم أو "العمارة" كما هو متعارف عليها في المخيّم، التي لا تصلح للعيش والمخاطر التي يعيشونها بشكل يومي، على أمل إيجاد حلٍ ينصفهم.
بدوره يعتبر أحمد الزقطة ل"وكالة القدس للأنباء" وهو متزوج ووالد لطفلين يعيشون في البناية المشؤومة كما يقول، فالأمطار داخل البيوت لا تجف خلال فصل الشتاء، ناهيك عن قِطع الإسمنت التي تتداعى على رؤوسهم في أي وقت، مناشداً من لديه ضمير حي أن يزورهم ويلقي نظرة ليستنتج حجم المعاناة اليوميّة في المبنى.
في نفس السياق يكشف مسؤول حزب الشعب الفلسطيني في البقاع، سليمان فيومي، ل"وكالة القدس للأنباء" عن عشرات الرسائل المرفوعة لإدارة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين- الأونروا" وللفصائل الفلسطينيّة واللّجان الشعبيّة منذ عشرات السنين للمشكلة المستعصيّة المتمثلة باسم "العمارة"، قائلاً: "تلقينا وعوداً مراراً وتكراراً وخاصةً عام 2014، أن لا يكون التأهيل جزئياً، وأن يكون شاملاً وكاملاً لكل الأهالي، ولكن لا حياة لمن تنادي، لم نرى سوى تأهيلٍ لبعض البيوت فيها وتطنيش الأكثرية".
ويضيف الفيومي: "على الرغم أنّ هذا المبنى من الأساس لم يكن مخصصاً للسكن وللعوائل، وهو بالأصل ثكنة عسكرية للجيش "الفرنسي"، ومنذ النكبة اتخذه الأهالي مكاناً للسكن حيث لم يكن هناك بناء غيره، واليوم عمره ما يزيد عن مئة عام مليء بالإهتراءات، والتصدُعات تنخر الأساسات فيه، ونتيجة الظروف المناخيّة في منطقة بعلبك بين الجبال، وتساقط الأمطار والثلوج وتكوُّن الجليد في فصل الشتاء، ممّا جعله عرضة للنش يؤدي إلى رطوبة عالية، ما يُسبب العديد من الأمراض على قاطنيه. وتوجه الفيومي إلى "الأنروا" بصفتها الشاهد الوحيد والمعني باللاجئين، إلى الإسراع بإرسال فريق هندسي للكشف عن المبنى بالكامل، ووضع تقرير مهني وشفاف عن الحالة من جميع النواحي (هندسيّة وصحيّة)، مناشداً السفارة الفلسطينية في لبنان وجميع الفصائل بالتدخل العاجل والسريع، لرفع الضرر عن الأهالي قبل وقوع الكارثة، حيث أشارت بعض التقارير الهندسيّة السابقة عدم أهليّة المبنى للسكن، التي اعتبرها البعض أنه آيل للسقوط ما تسبب بحالة من الذعر والخوف اليومي لأكثر من 60 عائلة تسكنه ولكل أهالي المخيّم لمجرد المرور من تحته أو عند محيطه".
فقرٌ وجوع وحرمان، وباءٌ وشتاء وإغلاق، تحديّات يوميّة تواجه اللاجئ الفلسطيني في مخيّماتٍ تفتقر لأدنى مقوّمات الحياة والإستمراريّة، ويبقى السؤال، انطلاقاً من الواقع الإقتصادي والإجتماعي الصعب الذي يعيشه اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، ألا يستحق هذا الواقع خطة طوارئ إغاثيّة من قبل وكالة الغوث..؟ وهل سياسة صرف النظر ستبقى قائمة حتى وقوع كارثة..؟ وإلى متى..؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق