أم محمد الفرانة ... إمرأة من عين الحلوة تحدَّت الواقع بعد وفاة زوجها


 وكالة القدس للأنباء – عمر طافش

لم تعلم اللاجئة الفلسطينية ناديا العلي المقيمة في مخيم عين الحلوة، بمنطقة صيدا، أنها ستلعب دور الأب والأم معاً، في وقت مبكر، بعد أن توفي زوجها أبو محمد النابلسي، صاحب الفرن المشهور في حي البركسات داخل المخيم. فبعد وفاته استلمت مكانه في الفرن، عازمة على العمل كفرانة لتعيل أسرتها وأولادها، وهم على حسب قولها "كانوا ولادي لحمة حمرة".
كفاها الموشحتان باللون الأبيض، وثيابها الحاملة رذاذ الطحين وابتسامتها العريضة التي تستقبل بها زبائنها، تعكسان تماماً قوة شخصيتها وكفاحها كامرأة فلسطينية قضت عمرها في تربية أبنائها حتى أصبحوا متعلمين وتخرجوا من الجامعات.
وما إن وصلنا الى منطقة البركسات نسأل عن فرن إم محمد حتى أطلت صوبنا صبية ملامحها سمراء تقول لنا، "انا رح دلك على فرن "أم محمد المشهورة" صاحبة المنقوشة الخفيفة واللذيذة، والتي  يعرفها جميع سكان المنطقة.
تقول ناديا العلي  لـ"وكالة القدس للأنباء: "أصاب زوجي المرض المزمن والطويل عندها اضطررت ان استلم الفرن انا وابني الكبير، وقمنا بتشغيل الفرن فترة طويلة ولكن في بعض الأحيان كنت أتعب وخاصة بعد أصابتي بجلطة، والظروف كانت صعبة على الجميع من ضمنهم اللبناني والفلسطيني والسوري".
وتابعت ناديا "منذ اللحظة الأولى التي فتحت بها الفرن وانا أقف أمام بيت النار، فالرجال لا يمكنهم ان يصمدوا امام هذا اللهيب".
واكدت اللاجئة الفلسطينية لـ"القدس للأنباء" انها مستمرة وتريد التمسك قدر المستطاع، مشددة على ان ثيابها الملطخة بالطحين يشكلون بالنسبة لها عزتها وكرامتها.
وقالت ناديا: "عندما مات زوجي تأثرت كثيراً وانكسر بداخلي اشياء كثيرة، ومنها الحنية والأمان ولكن في هذه الحياة الصعبة علي أن أقاوم حتى أعيش وأكون  قوية بجانب أولادي الذين يستمدون قوتهم مني، فأنا لن أكون ضعيفة، ويجب أن أكون أقوى من القدر، ففي قاموس حياتي محوت كلمة الضعف والانكسار فانا لن اضعف ولن اهزم".
وأضافت: "زوجي في بداية فتحه للفرن كان يريد أن يجلب عاملاً ولكنني منعته وقلت له أن الراتب الذي ستدفعه للعامل نهاية كل شهر يمكنك إطعام أولادك منه، فأجابني أنك لا تجيدين العمل بالفرن، فقلت له أريدك ان تعلمني المصلحة، وفعلاً بدأ زوجي بالعجن ورق العجين وأنا أخبز.             
وأشارت ناديا الى انها ليست من النساء اللواتي يطقن الجلوس في المنزل، قائلة : "انا لست رجلاً ولكنني "أخت الرجال"، مؤكدة ان هذا الفرن الصغير يعيل  3 بيوت.  
وتابعت: "انا ممنوع أن أمرض وهذا أمر فرضته على نفسي، يجب أن أقوم كل يوم وعند كل صباح بالذهاب الى الفرن، في بعض الاحيان يطلب مني اولادي بعدم الذهاب للفرن، أجاوبهم لا استطيع لا يمكنني ان ابقى بعيدة عن الفرن الذي أحببت".
واعتبرت ناديا ان هذا الفرن رزقتها ولقمتها الحلال وكبريائها الذي يساعدها على عدم مد يدها الى ايٍ كان، موضحة انها قامت بتربية اولادها افضل تربية بفضل هذا الفرن عندما "كانوا ولادي لحمة حمرا"، مضيفة، "الحمد لله ربيتهم احسن تربية وعلمتهم وزوجتهم ايضاً، وابني الصغير متخرج من الجامعة وبنتي تتعلم في معهد، والحمد الله  نعيش مستورين".
ووجهت ناديا رسالة الى جميع أمهات العالم قائلة: "رسالتي الى كل الامهات في هذا العالم عليهن ان يكن حناين على اولادهن وان يتقاسمن معهم رغيف الخبز فالظروف صعبة على الجميع، واعتبرت أن المرأة التي لم تدخل ميدان العمل فهي امرأة حتماً تناضل في منزلها وفي تربيتها لاولادها.
وحيت جميع الامهات العربيات وخاصة الامهات الفلسطينيات والمرابطات في المسجد الاقصى وكل عام وانتن بألف خير، واعاده عليهن بالصحة والعافية وكل عام وانتن بخير.

هناك تعليق واحد