الروائية نزهة الرملاوي: أعمل على حب الوطن وهوية الانتماء في ذاكرة طلابنا


 وكالة القدس للأنباء - ملاك الأموي

متعددة المواهب، مسكونة بحب القدس، ملتزمة بقضايا وهموم شعبها، حريصة على غرس القيم الوطنية في نفوس أطفال فلسطين، إنها الروائية المقدسية، نزهة رمضان الرملاوي. فازت مجموعتها القصصية "عشاق المدينة" كأفضل مجموعة قصصية عن القدس عام 2018، في مهرجان "زهرة المدائن"، ولاقت أعمالها أصداء واسعة على الصعيد الثقافي. 

في هذا السياق، تحدثت الرملاوي لـ"وكالة القدس للأنباء"، قائلة: "أنا امرأة شرقية، كاتبة ومعلمة تسعى إلى تزويد قيم العدل والانتماء في نفوس أبنائنا، والعمل على استرجاع حريتنا التي نفتقدها في وطننا من خلال الكتابات الهادفة والجادة والملتزمة"، مضيفة: "أحاول جاهدة تزويد القيم الفضلى في نفوس أبنائنا وإشراكهم بالعملية التعليمية، من خلال غرس قيم التعاون، وحب الوطن، وتعزيز الهوية والانتماء للوطن والمجتمع".

وعن مسيرتها وبداية مشوارها الأدبي أشارت الأدبية إلى أنها "بدأت بكتابة القصص للأطفال قبل سنوات، نُشر البعض منها، "القبعات الملونة" و"قراءة من وراء الزجاج" و"الفراشات المضيئة"، و"القصص السنابل الراقصة"، "عمر حبيب القمر"، "آخر النفق"، "نور الدين وفتية المدينة"، و"تعويذة الايمان"، قيد الطباعة في دور النشر.

بنيت جسراً من الثقة بين جيلين

ومن خلال تجربتي كمعلمة، أحسست أن هناك فجوة من الناحية العاطفية والسلوكية آخذة بالتفاقم ما بين الجيل السابق وهذا الجيل، فأردت أن أبني جسراً من الثقة والإحترام والتعاون وتفهم الآخر بين الأجيال، كما أسعى إلى أن أقوي عزائم الأفراد من خلال الكتابة للوطن، إثر تهجيره والعمل على تهويده، وإنارة الأمل، وإفساح طرق الثقافة والسعادة في طريق نجاحهم ووصولهم".

وعن سؤالها حول اختلاف أدب الأطفال عن غيره، أكدت الروائية الرملاوي، أن "أدب الأطفال تكمن صعوبته في إختزال الكلمات وملائمتها للجيل الذي تكتب له"، مبينة أنه "يجب أن تكون جملها بسيطة، ملائمة للجيل الذي كتبت له، وأن تعالج فكرة واحدة، حتى يستوعبها الطفل، وأن تغرس القيم الصالحة في نفوس الأطفال، وأن تبتعد جملها عن التشاؤم، وان تكون نهايتها سعيدة مفعمة بالأمل، وتزيد من الثروة اللغوية لدى الأطفال".

وأضافت، أنا "أقتنص الملهمات والفكرة غير المكررة، وأعمل من خلال النصوص على تزويد قيم الخير والحب والتعاون، بعيداً عن العنف والكره وقطع الصلات المجتمعية، إضافة إلى غرس قيمة الإنتماء للأرض وحب الوطن، والمحافظة على العادات والتقاليد الجيدة، والاحتفاظ بالموروث الشعبي، إضافة إلى معالجة السلوك، وحث القارئ الصغير على البحث والتفكير خارج الصندوق، وأفضل بكتاباتي أن أدمج الحقيقة بالخيال وأستلهم فكرة غير مكررة".

الروائية نزهة الرملاوي

 

 


 

الفرق بين الكتابة للأطفال والكبار

وأكدت الرملاوي، أن "هناك فرقاً شاسعاً وكبيراً بين ما يكتب للصغار واليافعين وما يكتب للكبار، ففي الكتابة للكبار تتعدد الأفكار والموضوعات، ويسهب الكاتب بالمعالجة والسرد، وتتداخل الأحداث وتتشابك في الحبكة والتسلسل العام للرواية، بالإضافة إلى تعدد الشخصيات والوقائع. في أحيان كثيرة يسقط الكاتب فكره ونتاج ثقافته على ما يكتب، وتعالج مواضيع اجتماعية وسياسية وفكرية ودينية".

وأوضحت أن "للمثقف دوراً مهماً في الحياة، فهو الكاتب، والرسول الموجه، ومؤرخ القضايا، وحامي ذاكرة تتحّدى الّنسيان، وهو الصوت الجميل في وجه الصمت القبيح، بالإضافة إلى أنه يدرك أهمية رسالتة في الّتوجيه المعنوي والعاطفي والثقافي اتجاه أبناء وطنه وأمته والعالم، فيصبح المشارك العالِم بما يدور حولهم، والناقد لا يقل أهمية عن الكاتب، لذا نرى تعدداً فكرياً لنفس الرواية من قبل النقاد، وربما يحلل الناقد الرواية أو النص من وجهة نظره السياسية أو الحزبية، أو مخلفاته الثقافية ما لم تكن بفكر الكاتب، إلا أن النقد الإنطباعي يطغى على النقد الموضوعي والأسس العلمية النقدية للأدب".

وأشارت إلى أن أعمالها "تعالج بعض قضايا المرأة كقصة "ستائر معتمة"، و"قصة الفصل الأخير"، أوثق فيها ما يدور حولي من قضايا مجتمعية أو عالمية، كـ"جائحة كورونا"، وصفتها ووثقتها من خلال قصتي "زفاف في عرف كورونا"، و"خلف ستائر الإنتظار"، و"رسائل القدس زمن الكورونا".

كما أتناول قضايا الأسرى وما يجري من أحداث في الوطن عامة والقدس خاصة، من ممارسات قمعية على الحواجز وهدم البيوت والإعتقالات، وأسلط الضوء على تهجير السكان وتهويد المدينة، وأعالج تلك الممارسات من خلال الوصف الأدبي، وتنشيط الذاكرة الفلسطينية، كي لا ننسى، وإثارتها من خلال رواياتي: "كرنفال المدينة" و"ذاكرة على أجنحة حلم"، إضافة إلى معالجة المواضيع الوطنية والاجتماعية في مجموعتي القصصية "عشاق المدينة"، لأني مؤمنة بدور الأدباء في إيصال رسائلهم وإرشاداتهم وأحاسيسهم النابعة من شعور يتنامى مع الأحداث ومجريات الأمور، لما لكلماتهم من وقع وتأثير في نفس المتلقّي، لذا يشارك الأديب أو الكاتب بها لعلمه بأنها تحقّق للمتلقي ما لم يستطع الّتعبير عنه شفوّياً أو كتابياً، فيصبح الكاتب هو المترجم الصادق لشعور الآخرين وبوحهم الخفي، وقد يساعد ذلك على نشوء علاقة قوّية فكرّية أو روحّية بين الكاتب والمتلقّي، أضف إلى أنه الحافظ لذاكرة المكان إثر عملية التهجير القسري الذي لحق بآلاف الفلسطينيين، وما لحق بالأماكن والقرى المهجرة من تهويد.

 لذا من الواجب على الكاتب المنتمي الصادق أن يكتب الرواية، ويدحض بها رواية المحتل الذي زعم أنه رجع إلى أرض الميعاد، وأنه وجد أرضاً بلا شعب، ذلك المستعمر الغاشم الذي نسي أن الكبار لا زالوا يعلقون مفاتيح العودة في أعناقهم، وأن الصغار لن ينسوا ما تعلموه من كبارهم، حفظوا أسماء قراهم المهجرة، ومواقع بيوتهم المدمرة، يقفون خلف حدود النار والإنتظار، يستعدون للعبور".

index
موقع الرواية المكتوبة

وعن سؤالها عن موقع الرواية المكتوبة في زمن العولمة، قالت الكاتبة لوكالة القدس للأنباء: إن "للقراءة الورقية عبق خاص، لن تنال العولمة من مكانتها، وإن بدت متاحة للعالم أكثر، وتروج بزمن أقل، ولها خصائص ذكية للوصول إلى أكبر عدد من القراء، وهناك الروايات الهادفة التي تحمل أفكاراً هادفة منطلقة من الواقع، ومن دوافع سياسية واقتصادية أو دوافع اجتماعية"، موضحة أن "هناك الروايات الهدامة التي وجدت سبيلها في النشر السريع، ولكني أرى حضوراً لافتاً للرواية العربية، من خلال تحفيز الكتاب وعمل المنتديات الثقافية، وتقديم الجوائز لتشجيعهم، ولكن بنسب قليلة"، قائلة "أشرت إلى مناقب زمن العولمة في روايتي "ذاكرة على أجنحة حلم"، فكتبت: وإني لأشكر الله الذي وهب البشر هذه العقول المخترعة التي اخترعت قنوات الّتواصل الاجتماعي والثقافي هذه، لتجمعنا وتلم شملنا، وتدخلنا إلى عالم الفكر والإبداع، تتركنا نسبح في فضاء واسع من التخّيل المبني على الواقع، عالم افتراضي وجد لنا شركاء يبحثون عّنا ونبحث عنهم في ركن الكلمات، نختارهم في الأزمات والمواقف، ونجدهم في الصور واسترجاع الذّكريات، يأتون إلينا ونأتيهم بلا سفر، وحقائب تبكي على محطات الإنتظار، نشاركهم آهات الحب والفرح، ودموع الحرب والنزوح، وآلام  الأسر وفقد الأحبة، وننام على أسّرة من الألم فوق ركام البيوت، نتشارك الفن والفكر، والنجاح والسعادة، نفتح الصفحات التي تروق لنا فتشعرنا بشيء من الثّقة ودفقات من الحب والإيمان".

وفي سياق آخر، أكدت الرملاوي، أن "مواجهة الرواية "الإسرائيلية" المروجة عالمياً، تكون بكتابات تثبت حقنا في الأرض والبقاء عليها، لذا من واجبنا الإلتزام بالرواية التاريخية الفلسطينية المميزة والمتفردة بسبب ما مر به الشعب الفلسطيني، خاصة بعد عام النكبة 48، وعام النكسة 67، والإنتفاضات والهبَّات والمظاهرات والإضرابات، ما بين الحين والآخر، حيث شكلت الأحداث مفصلاً واضحاً في كتابة الرواية، ولكن الرواية تواجه نقصاً في المصادر، لذا علينا بالتاريخ الشفوي والوثائق والأرشيفات، فالرواية الفلسطينية تتحدى ولا زالت في أوج عطائها، وقد تناولها الكثير من الكتاب، ويجب حمايتها من التزييف والتزوير، وأهمية ربط الماضي بالحاضر، وتعزيز الإنتماء لدى المتعلمين، بالإضافة إلى عدم الإعتراف بتطبيع بعض الدول العربية مع المحتل، وتهميش القضية وإقصائها من جدول اعمال "جامعة الدول العربية"، إضافة إلى الإتفاقيات بين العرب والمحتل حولت القضية لإتجاهات وتنازلات لغير الصالح الفلسطيني، زادت من الإستيطان، وأصبح التحول الديمغرافي أكبر لصالح المحتل، والهادف لتهويد الدولة، وإثارة نزاعات وخلافات بين الأحزاب الفلسطينية، إضافة إلى شطر القدس والوطن بجدار فصل عنصري، له أثر سلبي كبير من الناحية السياسية والاجتماعية على الفلسطينيين، والكثير الكثير لا مجال لذكره في هذه العجالة...".

الوائية الرملاوي
القدس قبلة أرواحنا ومنارة عشقنا

وأضافت: "كتبت الخاطرة واللوحات الشعرية الحرة والخاطرة والقصص القصيرة، بعد إصدار باكورة أعمالي مجموعتي القصصية "عشاق المدينة" 2017، والتي دخلت إلى عمق البيت المقدسي، ووصفت كل ما يجري به من عادات وتقاليد وأفراح ومآتم، واستنهاض الذاكرة الوطنية والمجتمعية في الحارات والأزقة في البلدة القديمة من القدس.

 أصدرت أول رواية "كرنفال المدينة"، روايتي الثانية "ذاكرة على أجنحة حلم"، تتجلى كتاباتي في روح المدينة، مدينة القدس، مدينتنا قبلة أرواحنا، ومنارة عشقنا، وتراتيل محّبتنا، وأسطورة بقائنا، وإن وصفت نفسي في حالة الكتابة، أجد أن الفكرة تبهرني، ويأتيني الإلهام من حيث لا أحتسب، فأركض لاجتلاب الجمل والحوارات، والإستعارات والّتشبيهات، وأصف الأشياء كما رأتها أعماقي، فألّبي بوصف تفاصيلها شغفي، وأخفّف من تأزم نفسي، وفي الحين الذي أقرؤها فيه، أضع نفسي مكان القارئ، رّبما أكتشف لاحقاً تلك الأخطاء أو تراكيب جمل ليست في محلها، أو تشبيهات فيها لم تدهشني، ورّبما أعيد ترتيب كلماتي وصياغتها مئة مرة، وأعرج بها إلى ممالك أخرى كانت غائبة عّني في لحظات الإلهام، فأرى فيها مقصدي، فقد عّودت نفسي أن أسألها حينما أكتب: لماذا أكتب؟ ولمن أكتب؟ وماذا أكتب؟ وكيف أكتب؟ وفي النهاية أسأل نفسي ثانية: ما الذي تحقّق مما كتبت؟ ما الفكرة الجديدة أو المتجّددة المثيرة التي أضفتها؟ هل اقتنعت ولّبيت رغبات القارئ؟ هل عملت بجّد وإبداع ليكون عملي هو الأفضل؟ هل يستحق الثناء والوقوف عليه كتجربة؟

فالكتابة ليست الصنعة السهلة، بل هي الإلهام الصعب، وهي الموروث المتشّعب المتجّدد، والموجه الروحي الصادق للكاتب المبدع، والذي بدوره يضيف من عقلانيته وجنونه وخياله وابتكاره إليها، لتبدو إنسانية تحقّق الهدف المرجّو منها، فتستحق الطمأنينة والإحساس بالعطاء، والصمود والبقاء أمام وجه آخر للكتابة الزائفة".

وأكدت أن "لكل كاتب وجهة نظر ورؤية كتابية خاصة، ربما يستلهم ما هو أكثر إثارة وموضوعية، وربما يشده الخيال والملهمات لمحطات أخرى، وربما تعارض الكتابات المستلهمة من عالم الغيبيات أفكار الكاتب الإيمانية، وربما يكبت ما في صدره خوفاً من المجتمع المحيط به، هناك من الأدباء من كتب عن الخالق والنشوء، ومن وجهة نظري الكاتب الذكي يقتنص الأشياء (الملهمات) حتى وإن بدت للغير عادية، لكنه يراها مفتاحاً لكتابة إبداعية"، مشيرة إلى أن "الرواية تفتح آفاقاً كبيرة ومجالات كثيرة لسرد الوقائع وما يجري في المكان، أما في القصة القصيرة يكون تكثيف للجمل ولا تحتمل الإسهاب، وتحتمل فكرة واحدة تبنى عليها القصة، وكان ذلك واضحاً في قصص "عشاق المدينة"، وبالطبع يمكن أن تبني رواية من قصة قصيرة، لكن المعالجة تحتاج إلى نفس طويل".

وتابعت الكاتبة الملاوي سرد فصول مشوارها الأدبي قائلة: إن "الأديب هو ابن بيئته يجمع ما بين الأفراح والأتراح، والكتابة متنفس الكاتب وهي فن جميل، ورسالة إنسانية عظيمة، تعبر عن طموحات الإنسان وانتصاره لقضيته وأفكاره العظيمة. والكاتب الجيد هو من يمتلك أدواته الفنية والجمالية مع سعة التجربة والخيال الخصب، واشتراطاته في استيعاب اللغة التي يكتب، لذا أعتقد أن لكل زمن أحداث تثير الكتاب وتدفعهم للكتابة، بعض الكتاب اتخذوا من الرمزية متكأ، فأسقطوا عليها أفكارهم المعارضة للسياسة والمجتمع على ألسنة الحيوان، سواء في العصور السابقة أو في العصر الحديث، ولكل عصر ومجتمع أحداث وملهمات تثيره وتدفعه إلى تناولها، وذلك من خلال الأصناف الأدبية المتعددة والفنون الأخرى، فتعكس الواقع ونواتج المجتمع الفكرية من خلال وصف الحدث".

الروائية الفلسطينية نزهة الرملاوي
رسالة الأدب في كشف الواقع الذي يعيشه المجتمع

واعتبرت الكاتبة أن "الأدب عامة يرقى بالأمة نحو الأفضل. في رواية "كرنفال المدينة" قمت بأنسنة المكان، أصبح المعبر والحواجز والجدار والمخيم والشوارع والمقابر والمستوطنات رواة لأحداث، شهدوا حالات الإختناق والموت، والولادة خلف الحواجز الإكترونية، وجوع الأطفال وبكائهم، وبتر الفرح الذي أقيم ليخفف من عناء الإنتظار، شهدت أدراج المدينة وأسوارها وحاراتها على القتل والركض، وإغلاق الأقصى والصلاة على الأسفلت، تطرقت الرواية إلى كل ما يؤلم المدينة بماضيها وحاضرها من خلال شخوصها الذين يدقون أبواب الحواجز لتفتح لهم إثر انتظارهم الطويل، وتطرقت لأكثر من حدث وعرضت الكثير من الأفكار والشخصيات، كتبت أحداثها من الواقع المرير الذي يواجهه الناس على حواجز القهر والإنتظار، وأمام غطرسة الجنود، وكتبت الواقع الأليم الذي تغير في المخيمات، وما يواجهه الوطن ومدينة القدس بالذات من إعتداءات وإغلاقات وتدمير وتهويد.. لذا اقتنص كل الملهمات التي اتصيدها من الأحداث والمشاهدات من هنا وهناك.

رحلة الأفكار والأحداث وقضايا الإغتراب

وبالنسبة إلى رواياتي الأخيرة "ذاكرة على أجنحة حلم"، فقد طرحت بها قضية القدس وحبها المتوارث المحمول في جينات المغتربين، وجنحت لإجتياح الضفة، ووصفت الأحداث بمصداقية على ألسنة  المكلومين، من خلال رحلة قمت بها إلى الأردن إلى وادي رم والبتراء والعقبة، فكانت رحلة الأفكار والأحداث، تناولت بها قضايا الإغتراب وأثره السلبي على المجتمع والأفراد، وقضايا المرأة من حيث الطلاق والزواج العرفي والحب وعشق المدينة التي تكتبنا، إضافة إلى قضايا الأسرى ودور المثقفين بسلاسة واهتمام شديد باللغة وطرح المواضيع كما أشار النقاد والكتاب.

وفي نهاية حديثها، قالت: "كثيراً ما أشعر أّني من يرهق الكتابة ويخرجها من قمقمها السحري لتدفع بنفسها إلي فأطلب منها المزيد، فتراني أقلّب حروفها وجملها وأمحوها ثّم أتناولها من جديد، أتركها ثم أعود إليها بإلهام جديد، أعيد صياغتها مراراً وتكراراً، أتعبها في الذّهاب والإياب، أستحضرها في السر والعلن، وأستسمحها عذراً لتتحمل قسوتي عليها، وتلّبي شغفي بها، أرمي كلّ ضغوط دنياي عليها، وأحملها ما لا طاقة لها به، لأسعد بعد ألمها من فوضاي أو رتابتي، من انتهازّيتي المتعّمدة لها حين تتهيأ بعبقرّيتها أمامي، وتتجلّى بنهايات تبهرني، فأشعر بنشوة من السعادة والإرتياح تسري في داخلي بعد كلّ نهاية تقنعني باستدامتها، ثّم أدعوها لإحتفالّية خاصة، أراقصها وأشرب معها نخب إنجاز يليق بحضرتها، إنجاز يحقّق رؤياي في الإتزان والجنون، والعبثّية والإختلاف، ويكون لافتاً لمن يقرأني...

أشعرها صديقتي بكلّ ما تعنيه الصداقة من معنى، فلم يعد لي صداقات تشغلني بمثل طهرها، أو نرجسّيتها التي تترعرع أمامي، أراها فرحة تتغّنى بإبداعات وتجليات حالمة، تعفو وتكظم غيظها إن عّنفتها أو هّمشتها، وتفرح حين أجعل من أبجدّياتها ممراً يليق بذائقة القارئين، أشعرها مملوكتي، سبّيتي منذ أن ترّبعت عرش الكلام، أتتني متوسلة وقالت هي لك، قلت: أنا لك، ونّصبتها وريثة لممالكي الباقية من رؤياي الصالحات".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق