حصاد 2022 فلسطينيا عام إستثنائي تلاق فتحاوي–حمساوي... تراجع خدمات الاونروا وفقر مدقع


  النشرة

شكل 2022 عاما استثنائيا بالتطورات السياسية والأمنية على الساحة الفلسطينية في لبنان، إذ حفل بأحداث كثيرة، بعدما بدأ مثقلا بتداعيات العام 2021 والخلاف "الفتحاوي–الحمساوي"، على خلفية الحادثة في مخيم البرج الشمالي في منطقة صور (10 و11 كانون الاول 2019) والتي أدت الى سقوط 4 ضحايا من حركة "حماس"، وقد نجح رئيس مجلس النواب ورئيس حركة "أمل" نبيه بري بانجاز مصالحة بينهما (17 نيسان 2022) في مقر حركة "أمل" في بيروت وطي صفحة الخلافات واعادة الحياة الى هيئة العمل المشترك الفلسطيني في لبنان.

وخلال العام، لم يهدأ الحراك السياسي اللبناني–الفلسطيني لترتيب البيت الداخلي من بوابة تعزيز التعاون والتنسيق بين أكبر قوتين فلسطينيتين حركتي "فتح" و"حماس"، فأطلقت أربع فصائل فلسطينية هي "حركة الجهاد الاسلامي" و"القيادة العامة" (تحالف القوى الفلسطينية) والجبهتان "الشعبية والديمقراطية" (فصائل منظمة التحرير الفلسطينية) مبادرة تقوم حماية المخيمات من خلال قطع الطريق على اي توتير أمني وسط خشية متزايدة من دخول طابور خامس او العدو الاسرائيلي وعملائه على خط صب الزيت على النار واشعال الفتنة بهدف ضرب المشروع الوطني الفلسطيني واسقاط رمزية المخيمات كساحات نضال للدفاع عن حق العودة وتالياً فتح باب التهجير او فرض التوطين.

أمنيا، القطوع الاخطر كان في عين الحلوة، حيث جرى (8 آب 2022)، اغتيال مسؤول الإرتباط والعلاقات العامة في قوات "الأمن الوطني الفلسطيني" في لبنان العميد سعيد علاء الدين، الملقب بـ "العسوس" حين اطلق مجهول النار عليه أثناء أدائه صلاة العشاء في باحة منزل في حي صفوري قرب سوق الخضار، فأصيب برأسه وقلبه ورقبته ونقل بحالة حرجة جداً الى مستشفى "الراعي" في صيدا وسرعان ما فارق الحياة. ونجحت فتح في تجاوز فتنة في المخيم وسط إصرار على كشف الجناة.

وإغتيال العسوس لم يكن الأول في المخيم، إذ سبق (3 نيسان 2022) وقام مقنع باغتيال العنصر في قوات الأمن الوطني الفلسطيني محمد يوسف مبدا سليمان أثناء تواجده في سوق الخضار حيث أصيب ونقل الى مستشفى "النداء الانساني" داخل المخيم، ولاحقا إلى مستشفى الراعي في صيدا، قبل ان يتوفى متأثرا بجراحه. وقد جرى كشف الجناة وتسليمهم الى مخابرات الجيش اللبناني بعد ايام قليلة عليها، ما ترك ارتياحا كبيرا لدى ابناء المخيم، بعد سلسلة من الإغتيالات الدامية الماضية.

وفي 15 تشرين الثاني 2022 ، توفي أحد عناصر قوات الأمن الوطني الفلسطيني محمد سعد عبدالله الملقب بــ العراقي"، بعدما أصيب خطأ في الإشكال المسلّح الذي وقع مساء السبت 12 تشرين الثاني، في الشارع الفوقاني بين شبّان من منطقتي الصفصاف (معقل الإسلاميين) والبركسات (معقل فتح) على خلفية تلاسن وخلافات قديمة ونقل الى مستشفى "الراعي" في صيدا.

وشهد المخيم اشتباكين داميين (السبت 10 أيلول 2022) و(الاثنين 21 أيلول 2022)، في "حي الزيب" بالشارع التحتاني بين اشخاص من آل قبلاوي وآخرين من آل البحتي، تطور إلى تبادل لإطلاق النار والقذائف الصاروخية وأسفرت عن سقوط عدد من الجرحى ووقوع خسائر مادية جسيمة، قبل ان تتكلل الجهود الحميدة بإجراء مصالحة بينهما.

سياسيا، ميز العام زيارات لكبار المسؤولين الفلسطينيين أبرزها لرئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية (21 حزيران) الذي إلتقى الأمين العام لـ "حزب الله" السيد نصر الله والتقى الرؤساء الثلاثة العماد ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، ثلاثة زيارات لعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" والمشرف على الساحة الفلسطينية في لبنان عزام الاحمد الأولى (10 تشرين الثاني) والثانية (30 تشرين الثاني) والثالثة (8 كانون الأول)، لكن الحركة السياسية لم ترق الى اي مبادرة جديدة تعيد فتح خطوط الاتصال وقنوات التواصل بين حركتي "فتح" و"حماس" بعد القطيعة بينهما. وزيارة عضو اللجنة التنفيذية لـ "منظمة التحرير الفلسطينية، رئيس "دائرة شؤون اللاجئين" الدكتور أحمد أبو هولي (12 حزيران)، للمشاركة في اجتماعات اللجنة الاستشارية الخاصة بوكالة "الاونروا" في بيروت.

وشهد العام تطورات سياسية لافتة، تقدمها دخول الجزائر على خط المصالحة الفلسطينية حيث وقّع 16 فصيلاً فلسطينياً أبرزهم "فتح" و"حماس" على الاتفاق في قاعة قصر المؤتمرات في مدينة الجزائر العاصمة 14 تشرين الأول 2022، برعاية الرئيس عبد المجيد تبون وكبار المسؤولين إلى جانب 70 سفيراً في الجزائر، وقد حمل رمزية للقضية الفلسطينية إذ اعلنت منه وثيقة الاستقلال لدولة فلسطين في تاريخ 15 تشرين الثاني 1988، فيما تمنّى الرئيس تبون أن يكون هذا الاتفاق مقدمة لإعلان الدولة الفلسطينية على حدود حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشريف. ونجح الرئيس تبون في 5 تموز من عقد لقاء بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، على هامش الاحتفالات بالذكرى الستين لاستقلال الجزائر.

وفي شباط، زار رئيس "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني" الدكتور باسل الحسن، مخيم عين الحلوة، في رسالة سياسية وانسانية بان الحكومة اللبنانية ستبذل قصارى جهدها من أجل تعزيز التعاون والتنسيق مع القوى الفلسطينية لتخفيف معاناة اللجوء في المخيمات، في ظل التداعيات السلبية لجائحة "كورونا" من جهة والازمة المعيشية الخانقة من جهة أخرى. وزيارة تعتبر الاولى له الى المخيم نفسه منذ توليه مهامها الرسمية في تشرين الثاني من العام الماضي خلفا للوزير السابق الدكتور حسن منيمنة.

في اذار، انعكست الحرب الروسية–الاوكرانية مخاوفا جدية على القوى السياسية والشعبية الفلسطينية من خطورة تداعياتها على التمويل المالي لوكالة "الاونروا" في ظل العجز التي تترنح منه، بعد توجيه الاهتمام الدولي الى رعاية اللاجئين الجدد من اوكرانيا وتخصيص كل الدعم المالي والانساني لهم، ما يؤثر سلبا على خدمات "الاونروا" واستمرارها.

وفي أيار، أثار اقتراح المفوض العام لوكالة "الأونروا" فيليب لازاريني، عن أهمية قيام بعض المؤسسات الدولية تقديم خدمات نيابة عن "الأونروا" ضجة كبرى في الاوساط الفلسطينية الرسمية والسياسية والشعبية، وسط اجماع فصائلي وطني واسلامي على رفضه جملة وتفصيلا، لانه يعني عمليا تفكيك الوكالة الاممية والمساس بجوهر قضية اللاجئين وشطب عنوانها السياسي وتحويلها الى انساني - اغاثي، تحت ذريعة العجز المالي المتراكم، بينما المطلوب هو السعي الى تأمين التمويل لديمومة عملها الذي أسست من اجلها في غوث وتشغيل اللاجئين.

وفي حزيران، عقدت اللجنة الاستشارية الخاصة بوكالة "الاونروا" اجتماعاتها في بيروت برئاسة لبنان، (14 و15) ومشاركة ممثلي 28 دولة من مانحي المساعدات المالية، (اللجنة الاستشارية التي تم تشكيلها بعد انشاء "الاونروا" مهمتها التشاور مع المفوض العام حول القضايا الاستراتيجية المتعلقة بمستقبل الوكالة الدولية، وهو اجتماع دوري يعقد كل ستة اشهر في بلد)، في اعقاب تصريحات المفوض لارزايني الذي اقترح فيها نقل جزء من خدمات الاونروا الى مؤسسات أممية شريكة تحت ذريعة العجز المالي الأمر الذي لاقى رفضا فلسطينيا قاطعا رسميا وسياسيا وشعبيا لانه يؤدي الى ضرب تفويض الوكالة الدولية وانهاء عملها تدريجيا، وتاليا شطب حق العودة على اعتبارها الشاهد الحي على نكبة فلسطين وحق عودة اللاجئين الى ديارهم التي هجروا منها وفق القرار الدولي 194.

وعقد ممثلو الدول المانحة لمساعدات "الاونروا" )23 حزيران( اجتماعا لبحث سبل سد العجز المالي التي تعاني منه وكالة "الاونروا" والبالغ نحو 100 مليون دولار اميركي لتغطية نفقات خدماتها للاجئين للفترة المتبقية من عام 2022 وقد سبقه مؤشرات ايجابية ابرزها تراجع المفوض لارازيني عن المضي قدما في اقتراحه بنقل جزء من خدمات الوكالة الى مؤسسات أممية شريكة والتزامه بالمقابل السعي لتأمين التمويل، مشاركة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان دوروثي شيا شخصيا الى جانب السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريّو مع السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبّور في افتتاح مدرسة الأونروا المختلطة والثلاثية اللغات التي بنيت حديثًا في المية ومية في صيدا. حيث أكدت على أنّ "الأونروا" هي شريان حياة للفلسطينيين المحتاجين سواء كان ذلك عبر توفير التعليم والرعاية الصحية أو المساعدة الطارئة للمتضررين من النزاع"، في رسالة واضحة الى الموقف الاميركي بمواصلة دعمها ماديا، حيث قدمت العام الماضي 2021 مساهمة بقيمة 338.4 مليون دولار، بعد توقف دام سنوات طوال عهد الرئيس الاميركي السابق رونالد ترامب الذي اوقفها ضمن سلسلة قرارات كثيرة في اطار الضغط السياسي والمالي لفرض "صفقة القرن" الهادفة الى تصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة، وتاليا إنهاء عمل "الاونروا" على اعتبارها الشاهد الحي على النكبة.

وفي تموز، شكلت لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني برئاسة الدكتور باسل الحسن، "لجنة من الوزارات اللبنانية المعنية بالشأن الفلسطيني وخاصة الخدماتية منها مثل "الصحة، التربية والتعليم، العمل والشؤون الاجتماعية"، استكمالا للدور اللبناني في دعم الاونروا لسد العجز المالي في اعقاب اجتماع اللجنة الاستشارية التي عقدت في لبنان في شهر حزيران.

وفي نهاية تموز، أعلنت "الأونروا" عن قرارين مجحفين، الاول: عدم تغطية الاستشفاء للاجئي فلسطين الذين يحملون الجنسية اللبنانية والذين يتم تغطيتهم من قبل وزارة الصحة اللبنانية عملاً بسياستها الصحية المطبقة منذ العام 2016، والثاني: ايقاف تسجيل اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سورية إلى لبنان، ضمن برنامج مساعداتها المالية الدورية اعتباراً من الاول من آب الجاري، بسبب نقص التمويل لديها، ولتتمكن من تقديم المساعدة المالية للفلسطينيين السوريين الذين يعيشون حالياً في لبنان، كما انهم لن يحصلوا على جميع خدمات الأونروا الأخرى، بما في ذلك التعليم والصحة والاستشفاء، كما سيستفيدون من أي مساعدة نقدية تقدم للفلسطينيين في لبنان، وبنفس المبالغ إذا كانوا يندرجون ضمن الفئات المستهدفة بهذه المساعدة الخاصة، (الأطفال، الأشخاص ذوي الإعاقة، كبار السن، والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة). بينما ترك قرار وكالة "الاونروا" في لبنان في 28 تموز 2022، عن تحويل مبلغ 7.5 مليون دولار من الرئاسـة العامة الى مكتب الأونروا الاقليمي في لبنان، لتغطية نفقات الاستشفاء والعلاج الطبي والأدوية للاجئي فلسطين حتى نهاية عام 2022 استياء بسبب سياسية التوفير غير المبرر.

وفي نهاية شهر تموز، أنهى المدير العام لوكالة "الأونروا" كلاودي كوردوني عمله على رأس الوكالة وفق عقد مدته خمس سنوات، على أن يتولى مكانه موقتاً رئيس قسم الهندسة في الوكالة المهندس منير مني، وقد وفد من عمان–الأردن لهذه الغاية، على أن يجري تعيين مدير أصيل في وقت لاحق.

وفي آب، وجهت إدارة "الاونروا" إنذارا نهائيا لنحو 77 معلما بوقف مشروع الدعم الدراسي الذي بدأ منذ العام 2008 تحت حجة انه لم يعد له حاجة وضرورة، فيما الوقائع تؤكد عكس ذلك ومنها نتائج شهادة المتوسطة الرسمية "البريفية" المتدنية والتي جاءت مخيبة للامال، الامر الذي يتطلب استمراره بل وتوسعته ليشمل صفوفا اكثر من الثلاثة الاولى من المرحلة الابتدائية. وبعد الانقطاع الاضطراري عن التعليم الحضوري بسبب جائحة كورونا لمدة عامين تقريبا، والفجوة الذي تركها هذا الواقع على قدرات طلاب الحلقات الاولى من التعليم الأساسي من حيث قدراتهم على القراءة والكتابة وغيرها من المهارات التعلمية.

وفي نهاية آب، عقدت حركة "فتح" ورشة العمل التنظيمية للاقاليم العربية السابعة "دورة الشهيد القائد الدكتور جمال محيسن"، في مقر سفارة دولة فلسطين في بيروت، تمهيدا لعقد المؤتمر العام الفتحاوي الثامن، وقد اكتسبت اهمية خاصة في التوقيت والمشاركة والمواقف السياسية التي أكدت على ان فتح" هي صاحبة الطلقة الاول ونهج الاعتدال والمقاومة ولن تسمح بسلب قرارها.

وفي 17 أيلول، أعلنت "حماس" إن استئناف علاقاتها مع سوريا "خدمة لأمتنا وقضاياها العادلة"، وإنها "ماضية في بناء وتطوير علاقات راسخة مع سوريا". وعزت الحركة الخطوة الى "التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة التي تحيط بقضيتنا وأمتنا" في إشارة ضمنية إلى تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين عدد من الدول العربية وإسرائيل واستئنافها بين إسرائيل وتركيا التي لجأ اليها عدد من قياديي حركة حماس بعد خروجهم من سوريا.

وخلال العام، أرقت الهجرة القوى السياسية الفلسطينية في لبنان، بعدما تحولت من فردية قبل سنوات الى جماعية ومنظمة ومكلفة معا، هربا من البؤس والحرمان وسعيا وراء العيش الكريم مع استفحال تداعيات الازمة اللبنانية المعيشية الاقتصادية الخانقة التي حولت غالبية أبناء المخيمات الى عاطلين عن العمل وتحت خط الفقر المدقع.

واللافت في الهجرة انها غير شرعية وباتت جماعية بل لعائلات بأسرها وتشمل مختلف فئاات المجتمع بعدما كانت مقتصرة على جيل الشباب، ومن كافة المخيمات والتجمعات الفلسطينية التي يعيش ابناؤها المعاناة المتفاقمة في ظل الغلاء وارتفاع الاسعار والحرمان من الحقوق المدنية والاجتماعية. وانها باتت تتم عبر القوارب البحرية بعدما كانت تعتمد طريق الجو، عبر السفر الى احدى الدول وتكون وجهتها عادة تركيا كمحطة اولى، قبل الانتقال الى اليونان بطريقة غير شرعية ومنها الى اي دولة تقبل طلبات اللجوء الانساني وخاصة المانيا وبلجيكا، وانها اصبحت مكلفة اذ باعت عائلات هاجرت كل ما تملك من اجل دفع تكاليفها ومنها من نجح ومنها من فشل وعاد الى "الصفر" وعلى "الحديد"، ومنها من غرق ومات وتحولت أجسادهم الى طعوم للأسماك في أعماق البحر، ناهيك عن وقوع الكثير فريسة بين يدي السماسرة وعصابات تجار البشر التي تتقاسم الأموال وتفاوض على من يريد الهجرة وكأنه سلعة.

و20 أيلول 2022، غرق 33 شخصاً من اللاجئين الفلسطينيين، وغالبيتهم من مخيم نهر البارد، كانوا على متن مركب للهجرة غير الشرعية من لبنان أمام سواحل طرطوس السورية وعلى متنه اكثر من 150 مهاجرا غير شرعي من لبنانيين وفلسطينيين وسوريين. وذلك هربا لحياة أفضل نتيجة ازدياد المعاناة الإنسانية في المخيمات الفلسطينية وجرّاء تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في لبنان، وتزايد معدلات البطالة والفقر.وأعلنت سفارة فلسطين في لبنان، عن تشكيل خلية عمل مشتركة بين سفارتي دولة فلسطين في بيروت ودمشق وتولى السفير دبور الاتصالات لتسهيل عمليات نقل الضحايا والاطمئنان على الناجين

و19 أيلول 2022، جرت انتخابات اتحاد موظفي وكالة الاونروا (قطاعات المعلمين، العمال والخدمات)، على وقع تعثر مدارس وكالة "الاونروا" في لبنان في انطلاق عامها الدراسي، ما اثار استياء القوى السياسية واللجان الشعبية والمجلس التربوي الفلسطيني لنكث الادارة ودائرة التربية والتعليم بوعودها بتأمين عام دراسي ناجح وآمن، اذ كشفت انتظام التدريس عن نقص حاد في الكتب والقرطاسية والمعلمين واكتظاظ الصفوف ونقص المقاعد الخشبية، ما أجبر الطلاب على الجلوس أرضا حينا أو كل ثلاثة على مقعد واحد حينا آخر، وسط غياب تام لاجراءات الوقاية من فيروس "كورونا".

13 تشرين أول 2022، بدأت سلسلة تحركات احتجاجية من قبل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ضد سياسة "الأونروا" تقليص خدماتها وسوء إدارتها على المستوى التعليمي لجهة تعثر بدء العام الدراسي وشهد المقر الرئيسي للأونروا في بيروت اعتصاما مفتوحا لاتحاد المعلمين داخل المقر، بهدف الضغط على إدارة الأونروا والاستجابة للمطالب ولجهة وقف برنامج العسر الشديد-الشؤون الاجتماعية زيادة أعداد المنتسبين اليه منذ العام 2015 تحت حجة العجز المالي، للمطالبة بإعادة فتح ملف العسر الشديد والاغاثة وفق معايير جديدة تحاكي الازمة الاقتصادية والمعيشية اللبنانية وتداعياتها السلبية على أبناء المخيمات مع الفقر المدقع وارتفاع نسبة البطالة وتراجع خدماتها الصحية والتربوية وسط تحذيرات شعبية متكررة من انفجار اجتماعي وشيك.

وفي 19 تشرين الاول، قام وفد من "حركة حماس" برئاسة رئيس "مكتب العلاقات العربية والإسلامية" خليل الحية بأول زيارة رسمية الى سوريا في إطار استكمال تعزيز العلاقات الثنائية، بعد الإعلان عن استئنافها في ايلول اثر قطيعة دامت أكثر من عشر سنوات مع اندلاع الاحداث فيها العام 2012 ومغادرة قياداتها دمشق وفي أعقاب إنتهاء "مؤتمر لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية" الذي عقد في الجزائر برعاية الرئيس عبد المجيد تبون. والتقى الحيّة الرئيس السوري بشار الاسد ضمن وفد من الفصائل الفلسطينية.

وفي تشرين الاول، وفي خطوة لافتة، أقرت "الاونروا" ان عددا متزايدا من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان باتوا يقولون للوكالة إن "أي شيء" اصبح أفضل من حياتهم اليوم. ارتباطا بمستويات الفقر غير المسبوقة، ومعدلات البطالة المرتفعة للغاية، ودرجات اليأس المتزايدة التي تنتشر في انحاء لبنان، الأمر الذي أثر بشدة على اللبنانيين ولاجئي سوريا وفلسطين الذين يعيشون في مخيمات مكتظة، وهم أحد أفقر الناس في البلاد عبر العقود. أصبحوا الآن يتشبثون بآخر ما تبقى. واقرار "الاونروا" بهذا الواقع المرير، تزامن مع اطلاقها مناشدة عاجلة للجهات المانحة لدعمها بالحصول على تمويل بقيمة 13 مليون دولار من أجل مواصلة دعمها للاجئين الفلسطينيين في لبنان، البلد الغارق منذ ثلاث سنوات في أزمة إقتصادية متسارعة.

وخلال تشرين الأول 2022 أرخى تفشّي وباء الكوليرا في لبنان بظلاله على المخيّمات الفلسطينية وخاصة إلى المدارس التابعة لوكالة الأونروا، حيث اكتظاظ الطلاب داخل الصفوف وشحّ المياه وغياب النظافة في دورات المياه (الحمامات). غير ان قسم الصحة في «الأونروا» في لبنان طمأن أن "الأونروا" وضعت خطة متكاملة بين مختلف الأقسام لحماية المخيمات من التفشي.

وفي 24 تشرين الثاني وفي موقفٍ هو الأكثر توصيفاً لمعاناة اللاجئين الفلسطينيّين في لبنان، في ظلّ تداعيات الأزمة الاقتصادية والمعيشية اللبنانية وتراجع خدمات وكالة "الأونروا" جرّاء العجز الماليّ المتلاحق، أكّد المفوض العام لوكالة "الأونروا" فيليب لارازيني، "إن الوضع الإنسانيّ للاجئي فلسطين في لبنان شديد الخطورة"، مضيفاً "يموت الناس موتاً بطيئاً، الكثير منهم لا يستطيعون تحمل تكاليف الأدوية أو المشاركة في تقاسم كلفة العلاج خصوصا للأمراض المزمنة والسرطان".

وخلال العام، لعبت لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني برئاسة الدكتور باسل الحسن دورا بارزا في البحث عن سبل تخفيف معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، مقتنعاً ان استقرار المخيمات وتوفير الحياة الكريمة لابنائها عنصران اساسيان لحفظ لبنان وأمنه واستقراره ومسيرة السلم الاهلي فيه، مع تزايد المخاوف من انفجار اجتماعي وشيك على وقع ارتفاع نسبة الفقر المدقع جراء تراجع خدمات «الاونروا» من جهة وانعكاس الازمة اللبنانية من جهة أخرى.

وعقدت اللجنة باشراف الحسن سلسلة لقاءات مع القوى الوطنية والاسلامية لشرح رؤيتها المستقبلية لمهامها والتي سترتكز على مسارين، الاول: متابعة ومعالجة القضايا المتعلقة بحياة اللاجئين الفلسطينيين ببعديها الانساني والاجتماعي، والثاني: السعي لتحصيل الحقوق المدنية والانسانية وفي مقدّمها حق العمل والتملك. حيث ابلغ الحسن هذه الرؤية ومنها تشكيل لجنة من الوزارات اللبنانية المعنية بالشأن الفلسطيني وخاصة الخدماتية منها مثل الصحة، التربية والتعليم، العمل والشؤون الاجتماعية، استكمالاً للدور اللبناني في دعم القضية الفلسطينية وشعبها "الاونروا" كونها المسؤولة الاولى عن رعاية اللاجئين مع العجز المالي المتراكم، ومنها العمل على مشروع تغيير بطاقة الهوية للاجئين الفلسطينيين الزرقاء والكبيرة بأخرى بيومترية وقد اصبح في مرحلة متقدمة من الانجاز.

وفي نهاية تشرين الثاني، تبلغت القوى والفصائل الوطنية والإسلامية رسمياً من الدولة اللبنانية عبر لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني قرارها ببدء جباية رسوم الكهرباء من المخيمات الفلسطينية في لبنان أسوة بالمواطنين اللبنانيين، وذلك في إطار خطتها لمواجهة التعديات وتحصيل الجباية وتفعيلها بعد رفع رسومها، مع العزم بالمضي قدما بتحسين وزيادة ساعات التغذية في المرحلة المقبلة. بعدما هدد وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، بقطع التغذية الكهربائية عن المخيمات وخيام اللاجئين السوريين، في حال لم تدفع ثمن التغذية الكهربائية، في مقابلة تلفزيونية (الأحد 20 تشرين الثاني).

وكانون الاول، جرى تمديد ولاية "الأونروا" حتى 30 حزيران 2026، دون إخلال بأحكام الفقرة 11 من قرار الجمعية العامة 194 (د-3) من قبل لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الإستعمار (اللجنة الرابعة) للجمعية العامة للأمم المتحدة وبأغلبية ساحقة هو إنتصار مهم سيمهد للإنتقال إلى التصويت النهائي في الجلسة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول القادم.

وصوتت 165 دولة لصالح قرار يتعلق بعمليات “الأونروا”، دون إخلال بأحكام الفقرة 11 من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لتاريخ 11/12/1948 الذي ينص على حق العودة والتعويض واستعادة الممتلكات للاجئين الفلسطينيين وست دول ضد القرار وإمتنعت خمس دول عن التصويت، كما صوتت 165 دولة لصالح قرار “تقديم المساعدة إلى اللاجئين الفلسطينيين”، وإمتنعت عشر دول عن التصويت، في حين انعزلت دولة الاحتلال الاسرائيلي بتصويتها ضد القرار وحدها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق