التجمعات الفلسطينية غير الرسمية في لبنان عشوائيات مهمشة تغرق في عذابات اللجوء

 
القدس العربي - عبد معروف
 توزع اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، في بعض الأماكن خارج المخيمات الرسمية والمعترف بها من وكالة الأونروا والسلطة اللبنانية، والتي وإن لم يتم اختيارها كمواقع سكن دائمة، إلا أن بعضها أصبح كذلك مع مرور الأيام، وقد شكلت هذه التجمعات بخصائصها البنيوية وعلاقاتها، مخيمات غير معترف بها رسميا لا من قبل الدولة اللبنانية، ولا من قبل الأونروا.
وفي سياق المراجعة لحراك اللاجئين الفلسطينيين السكاني والديموغرافي يلاحظ أن بعض مراكز التجمع الأولى تشكل على الدوام نقطة استقطاب للاجئين فيما اعتبرت الدولة اللبنانية أن بعض مراكز السكن المقبولة لدى اللاجئين لم تكن مناسبة للدولة لدواع أمنية، وفي حالات أخرى فإن بعض مراكز الإيواء لم تشكل نقاط جذب للاجئين على الإطلاق بسبب صعوبة العيش فيها كمواقع القرعون في البقاع الغربي شرق لبنان.
ويعيش قرابة 54 في المئة من اللاجئين الفلسطينيين في 12 مخيّما معترفا بها من قبل وكالة الأونروا أمّا نسبة الـ 46 في المئة المتبّقية، فيعيشون إما في مدن لبنانية أو في تجمّعات سكنية.
والمخيم حسب تعريف الأونروا هو قطعة من الأرض، تكون إما حكومية أو في أغلب الحالات استأجرتها الحكومات المستضيفة من الملاك المحليين، وضعت تحت تصرف الأونروا كمساعدة للاجئين الفلسطينيين في تسهيل احتياجاتهم الأساسية، ولا يمكن لسكان المخيمات تملك هذه الأراضي، ولكن لهم الحق في الاستفادة منها للسكن.
أما التجمع فهو النطاق الجغرافي الذي يقع خارج المخيمات الرسمية، والتي تقيم ضمنه 15 أسرة فلسطينية على الأقل. وتنقسم التجمعات السكنية الفلسطينية إلى نوعين: الأول، التجمعات المحاذية للمخيمات، وهي بمثابة امتدادات للمخيمات الرسمية بفعل الحروب والتهجير، أو الحاجة إلى التوسع بفعل التزايد السكاني الطبيعي.
والثاني، التجمعات الأخرى وهي مناطق تواجد الفلسطينيين بشكل مستقل أو ضمن أحياء القرى والمناطق المدينية على مختلف الأراضي اللبنانية.
لذلك فـ«التجمع»عبارة عن بقعة جغرافية إما مملوكة من قبل أشخاص أو أرض مشاع يعيش فيها اللاجئون الفلسطينيون، وذلك دون أن تقوم وكالة الأونروا باستئجار هذه العقارات من مالكيها، ولذلك فإن هذه التجمعات لا تستفيد من تقديمات الأونروا كما تستفيد المخيمات.
وهناك مجموعة من التجمعات الشبيهة بالمخيمات التي تشكلت خلال فترات مختلفة مثل، المعشوق، الشبريحا، البرغلية، القاسمية، كفر بدا، في جنوب لبنان، حيث بلغ عدد اللاجئين فيها حدا فرض على الأونروا، تقديم بعض الخدمات التربوية والصحة والاجتماعية، مع الإشارة إلى أن اللاجئين الفلسطينيين الذين يقطنون داخل التجمعات غير الرسمية نحو 25 في المئة من الفلسطينيين في لبنان.
والتجمعات الفلسطينية في لبنان، أقيمت ضمن مبدأ «الأمر الواقع» ذلك أن الأراضي التي أنشأت عليها هي إما مشاع للدولة اللبنانية أو للبلديات المجاورة، ومنها ما هو متداخل مع أراض مملوكة للغير كعقارات آل عسيران وعقارات حسن يونس المغترب في أمريكا والمتداخلة مع تجمع القاسمية، والذي يواجه بعض سكانه بين الحين والآخر شكاوى واستدعاءات إخلاء، والتهديد بالإزالة عنوة من قبل السلطات اللبنانية. كما هو حاصل مثلاً في تجمع الشبريحا حيث إن هناك حوالي 65 منزلاً مهددا بالهدم أيضا.
الأونروا تعتبر نفسها مسؤولة فقط عن 12 مخيماً رسمياً في لبنان، وتحاول التنصل من تقديم الخدمات لسكان التجمعات الفلسطينية مباشرة في نفس مكان التجمع، إنما قد تُحيل خدمات هذا التجمع أو ذاك إلى أقرب مخيم من حيث المدارس والرعاية الصحية وغيرها، أما إزالة النفايات وتطوير البنية التحتية من طرقات وشوارع وترميم المنازل.
أما موقف الحكومة اللبنانية فهو في حالة تجاذب وتراخي، فالتجمعات الآن هي أمر واقع، لكن السلطات اللبنانية تضع قيودا صارمة على تطويرها أو تحسينها، وبالتالي ستبقى هذه مهمشة تعاني الإهمال.
وتتوزع التجمعات الفلسطينية غير الرسمية على مختلف المناطق اللبنانية، ففي منطقة صور جنوب لبنان هناك تجمع الشبريحا الذي تأسس عام 1952 شمال مدينة صور اللبنانية، وعلى الرغم أن عدد سكانه يقارب 5000 لاجئ، فلا توجد أي مؤسسة صحية سوى مستوصف يعالج المرضى في المخيم يومين في الأسبوع، طرقات التجمع متعرجة، واللاجئون يعانون الفقر والحرمان.
تجمع القاسمية: يرجح تاريخ إنشاء هذا التجمع، الذي يقع شمال مدينة صور، إلى عام 1948. وتعود تسمية تجمع القاسمية بهذا الاسم إلى نهر القاسمية المحاذي للتجمع (هو نفسه نهر الليطاني). يبلغ عدد سكان تجمع القاسمية حوالي 4500 نسمة وذلك وفقاً لتعداد اللجنة الشعبية. يتسم تجمع القاسمية برغبة معظم شبانه بالهجرة إلى دول أوروبا وخاصة ألمانيا، وذلك هرباً من الظروف الاقتصادية المعيشية الصعبة التي يعيشها التجمع، لذلك يطلق عليه البعض من باب التندر والدعابة بتجمع برلين.
تجمع المعشوق: يقع على بعد 3 كلم شرق مدينة صور بين مخيمي البص وبرج الشمالي ويبلغ عدد سكانه حوالي 3000 لاجئ فلسطيني ولا يوجد فيه خدمات الأونروا، إلا مدرسة ابتدائية واحدة ومستوصف الكرامة التابع للهلال الأحمر الفلسطيني، ويمر اللاجئون في التجمع بظروف مأساوية، بسبب حالة الفقر والحرمان والبطالة وانتشار الأمراض، كما أن الطرقات سيئة.
وبفعل التهجير المتواصل للاجئين الفلسطينيين، تحولت أيضا المنطقة المحاذية لمخيم عين الحلوة قرب مدينة صيدا، إلى ملاذ آمن للمهجرين الفلسطينيين، وشكل الذين لم يستطيعوا العودة إلى مخيماتهم الأصلية، أو الذين دمرت منازلهم، تجمعات سكنية محاذية لمخيم عين الحلوة، إلى جانب حوالي 130 أسرة هجرت من مخيم تل الزعتر والنبطية، وقد بدأ اللاجئون في إنشاء هذه التجمعات قرب مخيم عين الحلوة عام 1974 بعد أن دمرت الطائرات الحربية الإسرائيلية مخيم النبطية بالكامل، وترزح هذه التجمعات تحت ظروف معيشية وصحية ونفسية صعبة، منذ إنشاء التجمعات هذه لم تقدم أية جهة رسمية أو دولية مساعدات ترفع الظلم والحرمان عن اللاجئين، فالأونروا، تعتبر هذه التجمعات خارج مخيم عين الحلوة وبالتالي تعتبر نفسها غير معنية بالخدمات والرعاية.
كثيرا ما قدمت اللجنة الشعبية الفلسطينية في مخيم عين الحلوة المذكرات والمناشدات للمسؤولين في الأونروا، وغيرها من المؤسسات الدولية، إلا أن حجم المأساة والإهمال الذي يعيشه اللاجئون الفلسطينيون يجعل المطلوب كما يراه سكان هذه التجمعات تحركا عاجلا يضع يضع حدا لهذه المعاناة التي يتعرضون لها منذ عقود.
والتجمعات حول مخيم عين الحلوة هي، السكة، أوزو، البركسات، وهي جميعا تضم لاجئين فلسطينيين مهجرين من أماكن مختلفة.
ولا يوجد في هذه التجمعات أية خدمات وكالة الأونروا بل إن اللاجئين فيها يتلقون الخدمات الصحية والتربوية وغيرها في مراكز تابعة للوكالة داخل مخيم عين الحلوة.
أما عدد اللاجئين الفلسطينيين في هذه التجمعات فهي الآتي: السكة حوالي 408 لاجئا، والبركسات 1590 وأوزو حوالي 201 لاجئا.
تجمع وادي الزينة: حال اللاجئين الفلسطينيين في منطقة وادي الزينة جنوب بيروت، إحدى أهم التجمعات الفلسطينيّة، كحال سواهم من اللاجئين القاطنين في التجمّعات أو المخيّمات الفلسطينية على امتداد الجغرافيا اللبنانية، إذ تُعاني العائلات فيها من مشاكل اقتصادية واجتماعية عديدة، وتحاصرهم قوانين الدولة اللبنانية التي تحرمهم من حقوقهم المدنيّة في العمل والتملك وسواها. ففي لبنان أكثر من 56 تجمّعا فلسطينيا غير رسمي وغير معترف به من قبل وكالة الأونروا ويعتبر وادي الزينة من أكبر تلك التجمعات. وصلت أولى طلائع اللاجئين الفلسطينيين إلى المنطقة في منتصف السبعينات، قوامهم من النازحين عن مخيّم النبطية الذي دمّره الاحتلال الصهيوني عام 1974 وبعد ذلك تدفّق عدد من اللاجئين عُقب مجزرة مخيّم تلّ الزعتر عام 1976 وكذلك عقب مجزرة صبرا وشاتيلا. ويعيش فيها حاليّاً حوالي 20 ألف نسمة، أكثر من 15 ألفا منهم هم من اللاجئين الفلسطينيين من لبنان وسوريا.
وفي منطقة شمال لبنان، هناك تجمع الثكالى قرب مخيم البداوي، والظروف التي أدت لإنشاء التجمعات الفلسطينية غير الرسمية، هي تلك التي أدت إلى إنشاء تجمعات حول مخيمي نهر البارد والبداوي شمال لبنان، وقد تشكل حول مخيم البداوي بعض التجمعات الصغيرة للمهجرين الفلسطينيين من المخيمات التي شهدت حروبا وأدت إلى تهجير سكانها، خاصة في جنوب لبنان وبيروت بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 فتم بناء مساكن متواضعة في تجمع الثكالى، ويسكن فيه اليوم حوالي 1500 لاجئ، لم يلتفت طرف لأزماتهم الإنسانية خاصة موضوع المنازل المتصدعة، الآيلة للسقوط فوق رؤوس ساكنيها، إضافة إلى ضيق الأزقة والمجارير المكشوفة ويعاني التجمع الفقر والبؤس الشديد، نتيجة البطالة وانتشار الأمراض.
ويتلقى اللاجئون الفلسطينيون في هذا التجمع الخدمات الطبية والتعليمية من مراكز الأونروا والهلال الأحمر الفلسطيني في مخيم البداوي.
كما يسكن في تجمع المهجرين قرب مخيم نهر البارد، حوالي 110 عائلات أي 1300 لاجئ فلسطيني ويقيم فيه لاجئون فلسطينيون من مخيم تل الزعتر وصبرا وشاتيلا بسبب الحروب والدمار التي شهدتها هذه المخيمات خلال سنوات الحرب.
وقد تم بناء مساكن هذا التجمع بقرار من الأونروا مشروطا باعتماد سقف من المعدن، ويبلغ عدد العائلات المسجلة بالتجمع، وهو من أكثر التجمعات الفلسطينية فقرا وحرمانا حسب ما يصفه سكان التجمع.
ولا توجد في التجمع أية خدمات، ويتلقى اللاجئون المساعدات والخدمات المختلفة من مخيم نهر البارد.
كما توافد اللاجئون الفلسطينيون منذ العام 1948 إلى منطقة البقاع اللبناني، وأقيم لهم أربعة مخيمات تحت إشراف الصليب الأحمر الدولي، إلا أن زوال عدد من هذه المخيمات وهجرة اللاجئين الفلسطينيين من المخيمات التي شهدت ويلات الحروب والدمار، أدى إلى إنشاء عدد من التجمعات الفلسطينية غير الرسمية، في منطقة البقاع، ولا تعترف الأونروا بأنها تجمعات فلسطينية ولا تقدم لها الخدمات المطلوبة استنادا لمسؤولياتها، وحسب احصائيات الأونروا فقد بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في منطقة البقاع حوالي 3340عائلة تضم حوالي 15214 لاجئا موزعين في مخيم الجليل قرب مدينة بعلبك والتجمعات غير الرسمية التي يتوزع اللاجئون عليها على الشكل التالي:
زحلة حوالي 1288 لاجئا، تعلبايا وسعدنايل حوالي 3430 لاجئا، بر الياس 1815 لاجئا، البقاع الغربي 840 لاجئا، مدينة بعلبك 716 لاجئا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق