المخيمات تشيّع ضحاياها... والناجي جهاد مشلاوي يروي قصة رحلة الموت


محمد دهشة - نداء الوطن

ما زالت المخيمات الفلسطينية في لبنان تحاول لملمة اشلائها وبلسمة جراحها بعد فاجعة غرق عدد من ابنائها في الزورق البحري قبالة الشواطئ السورية مع ارتفاع عدد الضحايا باضطراد، في وقت كشف فيه ناجون، وهم قلّة، عن تفاصيل رحلة الموت المفجعة وسط البحر الهائج والامواج المتلاطمة، ما أعاق عمليات البحث وأدى الى تشويه جثث الضحايا مع صعوبة التعرف عليها، الا وفق اجراء الفحوصات الطبية اللازمة.

الفلسطيني جهاد مشلاوي، واحد من الناجين من على متن المركب، نقله الصليب الاحمر اللبناني من سوريا الى الحدود اللبنانية في العريضة، حيث تولى الهلال الاحمر الفلسطيني نقله الى مستشفى حيفا في مخيم برج البراجنة في بيروت، وهناك تلقى العلاج وغادر الى منزله في منطقة برج حمود، فيما اصيب والده بجلطة قلبية نتيجة فقدان أثره لحظة الغرق وهو يخضع للعلاج في أحد المستشفيات.
يروي جهاد تفاصيل رحلة الموت، ويقول: «ما جرى كان بشعاً جداً، بل هو كابوس لا يمكن نسيانه، لانه في النهاية زهقت ارواح بريئة كانت تسعى الى حياة حرة كريمة خلف البحار»، كاشفاً «ان المركب لم يغرق كما يعتقد البعض، بل تعطل «موتيره» ولم يشتغل مجدداً، وبدأت الامواج تتلاطمه يمنياً وشمالاً الى ان انقلب رأساً على عقب دون ان يتحطم، كثير من المهاجرين بقوا قربه لساعات طويلة على أمل وصول النجدة، والبعض بدأ يسبح فعثرت عليه الزوارق السورية او الروسية وأنقذتهم قبل الوصول الى موقع المركب».
بسرعة قررت التوجه نحو اليابسة، قطعت مسافة طويلة وسبحت لمدة 13 ساعة، الى ان وصلت الى شاطئ طرطوس وهناك تمّ انقاذي ومساعدتي حيث ابلغتهم تفاصيل مع جرى، معتبراً من الصعوبة بمكان العثور على ناجين بعد هذه الايام، قائلاً: «انها مأساة انسانية».
وشكلت سفارة فلسطين في لبنان خلية عمل مشتركة مع سفارة دولة فلسطين في دمشق وكلّفت الدكتور عماد المطري بمتابعة القضية في مستشفى «الباسل» في طرطوس، حيث توجه اليها وعاين الجثث، وروى ان المشهد في المستشفى مؤلم، مشيراً الى أنّ الجثث المنتشلة من قاع البحر تجاوز عددها 94 جثة لكنّ أغلبها مشوّه وبات التعرّف عليها صعباً حتى من قبل أهاليها، ما يتطلب اجراء فحص DNA.
وعلى وقع الحداد العام الذي اعلنته القوى الفلسطينية وهيئة العمل الفلسطيني المشترك، شيع مخيم نهر البارد – شمال لبنان، الفلسطينيين «سامر الوحيد وعامر الزيان» اللذين غرقا في الزورق وذلك بموكب حاشد بعد تشييع الضحية عبد العال عبد العال، في وقت شيع فيه مخيم شاتيلا الضحية احمد الحاج بموكب مهيب وحزين بعد تشييع رواد السيد.
وأوضح أمين سر «اللجنة الشعبية الفلسطينية» في مخيم نهر البارد ابو مهر غنومة لـ»نداء الوطن»، ان عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا على متن الزورق يبلغ 39، 35 منهم من مخيم نهر البارد، و4 من مخيم شاتيلا في بيروت، وان غالبيتهم من الغرقى، فيما جرى التعرف على جثة طفلة فلسطينية من عائلة اسماعيل، واصفاً ما جرى بانه نموذج مصغر عن حياة اللاجئين الصعبة وخياراتهم المرة في سبيل العيش الكريم، مشدداً ان اللجان الشعبية الفلسطينية تدعو ابناء المخيمات إلى عدم المغامرة عن طريق البحر.
ووصف أمين سر فصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» في مخيم شاتيلا، كاظم بدوي لـ»نداء الوطن»، غرق القارب بالكارثة الانسانية التي لا توصف، مشيراً ان الفلسطيني يهرب من المعاناة، لأنه يستحم بالمياه المالحة، ويشرب مياهاً ملوثة، وهو محروم من حقوقه المدنية والاجتماعية والانسانية، والبعض يموت بلا علاج لان لا قدرة له على كلفته، وقد اقفلت بوجهه ابواب العمل في الخليج»، مشدداً ان «المطلوب معاملته باحترام وبانسانية ودون تمييز لانه يريد العيش بحرية وكرامة الى حين العودة، انظاره شاخصة الى فلسطين وليس إلى سواها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق