لبنان.. تفاقم معاناة اللاجئين الفلسطينيين في ظل انهيار العملة الوطنية

 


مازن كريّم - قدس برس

تواصل العملة اللبنانية تسجيل انخفاض قياسي "غير مسبوق"، منذ دخول البلاد دوامة الانهيار الاقتصادي قبل نحو عامين ونصف، متخطية عتبة الـ35 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد.

وتزيد الأزمة التي يعيشها لبنان من سوء الأوضاع والظروف المعيشية التي يعانيها اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات اللجوء في البلاد.

يقول الكاتب الفلسطيني، وعضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج في لبنان، ياسر علي، إن "اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعانون الأمرّين، مرارة اللجوء، ومرارة الحرمان من أبسط الحقوق".

وأوضح علي لـ"قدس برس" أن تزايد معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان "بدأت في شهر تموز/يوليو من عام 2019، عندما أصدر وزير العمل اللبناني الأسبق كميل أبو سليمان قرارًا يقضي بمنعهم من العمل".

وتابع: "تلا ذلك اندلاع حراك شعبي لبناني في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وبعدها أتت مباشرةً أزمة فيروس كورونا العالمية، وانفجار مرفئ بيروت، مع ما رافق ذلك من انهيار حاد في الاقتصاد اللبناني".

وبيّن أن "حرمان اللاجئين الفلسطينيين من العمل في الكثير من المهن على الأراضي اللبنانية، إلى جانب عوامل كثيرة، أدت لمطالبة اللاجئين بإغاثة طارئة، بعد أن كان اللاجئ يطالب بالمشاريع التنموية، في ظل الظروف المعيشية الصعبة وفقدان أدنى مقومات الحياة الكريمة".

وأكد علي أن اللاجئين "يعانون صعوبات كثيرة، ولعل أبرز صورها تتجلى بعد رفع الحكومة اللبنانية الدعم عن الكثير من السلع الغذائية، الأمر الذي أدى لارتفاع فاحش في أسعارها".

وحذر من أن "الظروف التي تمر بها عائلات اللاجئين قد تدفع بأبنائهم في الفترة القليلة القادمة إلى ترك مقاعد الدراسة، لأن أسعار القرطاسية والمواصلات والمتطلبات الأخرى للدراسة باتت عالية الثمن، وتثقل كاهلهم".

وزاد: "إضافة إلى أنه لا قدرة لهم على تأمين تكاليف التعليم وخاصة في الأسر التي لديها أكثر من طالب في المدرسة أو الجامعة".

من جهة أخرى، قال الكاتب والناشط الفلسطيني، أحمد الحاج، إن "أول وأكثر من يتضرر من انهيار العملة الوطنية في لبنان هم اللاجئون الفلسطينيون، خاصة أنهم أقل حمايةً في ظل عدم وجود دولة تحميهم وتعطي لهم ضمانًا اجتماعيًا".

وأكد الحاج لـ"قدس برس" أن هذه القضية "تحتاج إلى نضال واسع، وتضامن مشترك، ونفس طويل فيما بين اللاجئين الفلسطينيين"، إلى جانب "تحرُّك يومي وغير منقطع من أجل الضغط على أونروا من جهة، والمجتمع الدولي من جهة أخرى".

وشدد على أن "المسؤولية الأساسية تقع على عاتق منظمة التحرير الفلسطينية، كونها تتلقى المساعدات الدولية باسم الشعب الفلسطيني".

وطالب الحاج المنظمة بـ"العمل مع جميع القوى والفصائل الفلسطينية من أجل إيجاد حلول لخدمة اللاجئين بعيداً عن الخلافات السياسية".

ورأى أنه "من الضروري أن يتم النظر إلى ساحة لبنان على أنها ساحة محرومة متدهور وضعها، مما يتطلب مساعدة مضاعفة عن أي ساحة أخرى".

ودعا الحاج إلى "تشغيل وإحياء بعض المؤسسات، التي كانت قائمة ما قبل عام 1982، مثل مؤسسة صامد (مؤسسة اجتماعية إنتاجية فلسطينية)، إذ كانت تشغل ما يزيد عن 5 آلاف عامل من أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان"، مشيرًا إلى أن "من شأن ذلك النهوض بالواقع الفلسطيني".

من جانبه، طالب اللاجئ الفلسطيني "أبو أحمد" (فضّل عدم ذكر اسمه)، وكالة أونروا بـ"إعادة توزيع كافة السلع الغذائية الأساسية (الإعاشة) لجميع اللاجئين دون استثناء، والتي هي حق لهم جميعًا".

ودعا "أبو أحمد"، في حديثه لـ"قدس برس"، إلى "العمل على توفير الرعاية الصحية الكاملة، وتحسين مستوياتها والتعاقد مع مستشفيات تتوافر فيها جميع المواصفات والخدمات اللائقة، وعدم ترك اللاجئين فريسة سهلة لجشع المستشفيات الخاصة وعدم اكتراثها".

ويواجه لبنان، حاليًا، أزمة اقتصادية توصف بأنها "الأسوأ على مستوى العالم منذ 150 عامًا"، وفقًا لتقييم البنك الدولي.

ومنذ بدء الأزمة قبل عامين، استمرت أسعار المواد الغذائية بالارتفاع، حتى بلغت نسبتها 600 في المائة، وفق الأمم المتحدة، علمًا أن نسبة السلع الأساسية المستوردة في لبنان تقدر بـ80 في المائة.

ويُصرف الدولار الأمريكي الواحد، اليوم الأربعاء، مقابل 35 ألفًا و250 ليرة لبنانية في السوق السوداء، علمًا أن صرفه قبل عامين كان ألفًا و500 ليرة فقط.

ويقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بنحو 200 ألف لاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة، يتوزع معظمهم على 12 مخيمًا، ومناطق سكنية أخرى في البلاد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق