فرقة الكوفية.. بيت الأطفال وملجأهم في عين الحلوة



 وكالة القدس للأنباء - ملاك الأموي

ببراعة وتميز وإبهار، يقدم أطفال مخيم عين الحلوة، جنوب لبنان، عروضا تراثية فلسطينية تحاكي ثقافتهم وتاريخ أجدادهم، من خلال "فرقة الكوفية للتراث الفلسطيني"، التي أسستها السيدة حورية الفار، وكانت بمثابة أم ثانية لهؤلاء الأطفال، فاحتضنتهم وشكلت بهم عائلة كبيرة، وما زالت حتى اللحظة تعمل جاهدة كي تحافظ عليهم من الضياع، وتدلهم على الطريق الصواب، وتغتنم فرصة العطلة الصيفية كي تزرع فيهم حب الأرض والوطن من خلال تدريبهم على الدبكة الفلسطينية التراثية، التي يقومون بتأديتها في المناسبات الوطنية، للحفاظ على العادات والتراث الفلسطيني من الإندثار.

وفي هذا السياق، تحدثت مسؤولة ومدربة "فرقة الكوفية للتراث الفلسطيني"، في مخيم عين الحلوة، حورية الفار، لـ"وكالة القدس للأنباء"، قائلة: "تأسست فرقة "الكوفية"، عام 1992، ومن أهم أهدافها، إحياء التراث الفلسطيني، والحفاظ على الهوية الفلسطينية. ونحن نقوم بجمع الأطفال ليس بهدف الترفيه والرقص، إنما نحن نعرفهم على الرسالة التي يجب أن يحملوها ويوصلوها، خاصة بالمخيمات، لأننا متمسكين بحق العودة، ونحن نزرع في الأطفال حب الوطن، وعشقه، كي يقوموا بتأدية رسالتهم المطلوبة، وهدفنا الأساسي هو الحفاظ على الهوية، وعلى التراث والثقافة، وعلى حضارتنا العريقة، لأن من ليس له أرض ليس له ثقافة، ومن ليس له ثقافة ليس له تاريخ وهوية".

وقالت الفار في حديثها لوكالة القدس للأنباء: "نحن نهتم بكافة الطلاب المشاركين بشكل عام، ونهتم بشكل خاص بالطلاب المتسربين من المدارس، وأيضاً بالأطفال الذين يعانون من حالات اجتماعية، فنحاول قدر الإمكان الحفاظ عليهم كي لا يضيعوا في المجتمع"، مشيرة إلى أن "باب الفرقة مفتوح لكافة الطلاب دون استثناء، ولكافة الفئات العمرية، وأنا أركز بشكل خاص على الطفل لأنه من السهل التعامل معه وزرع عشق وحب الوطن فيه"، مبينة أنها تعمل أيضاً "على تقوية شخصية الطفل، من خلال صعوده على المسرح، ومخاطبة الجمهور، هذا الأمر يعزز ثقته بنفسه، ويكون مؤمنا بالرسالة التي يؤديها، والتي تؤكد على وجود أرضنا، وتاريخنا وتراثنا، وثقافتنا".

وأشارت الفار موضحة الى أن الأطفال الجدد عندما يأتون إلى الفرقة تتغير نفسيتهم، ويصبح عندهم ثقة، ويحبون عملهم، خاصة الأطفال المحرومين، الذين لا يوجد أماكن تحتضنهم، وإن وجدت هذه الأماكن، فهي خارج المخيم، والمشاركة فيها تتطلب مبالغ مالية لا يمكن للأهل تحملها، لذلك أصبحت الفرقة ملجأ للأطفال لإبراز طموحاتهم ومواهبهم".

وبينت أن "من ضمن أهدافنا أيضاً، حماية الأطفال من آفات المجتمع، خاصة الذكور منهم، نحميهم من آفة المخدرات، والإنجرار وراء المغريات السيئة التي يمكن أن يتعرضوا لها، لأن الثقافة والموسيقى والفن هم غذاء وتهذيب للروح، والموسيقى علاج نفسي فعّال، فهناك العديد من الأطفال الذين يعانون من عداء نفسي، في التعامل مع الآخرين، أشكر الله أننا استطعنا تغييرهم، من خلال إقامة النشاطات والرحلات الترفيهية، فهذا الأمر يشجعهم ويحمسهم كثيراً، فأنا أطلب منهم أن يأتوا الساعة التاسعة مثلاً، فيأتون الساعة السابعة"، وأيضاً عندما يكون لدينا حفلة، ونخرج من حاجز المخيم، يشعرون وكأنهم مسافرين من بلد إلى بلد، ويرقصون داخل الباص، وبذلك يفرغون كل الطاقة السلبية الموجودة عندهم، وهذا الأمر يسعدني لأن هؤلاء أولادنا ونحن نهتم بهم على هذا الأساس".

وأضافت الفار "نحن نقوم أيضاً بإعطاء "pocket money" للمشاركين، كتشجيع لهم، ولا نأخذ إيجار ما نقوم به من أي طفل، نحن ندعمهم حسب الفئات العمرية، وهذا المبلغ يعزز ثقة الطفل بنفسه، ويخفف عن الأهل عبء المصروف اليومي، ويكون قادر من خلاله على شراء ما يحتاجه، وأهله غير قادرين على تأمينه، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة"، كما نقوم أيضا "بزيارة بيوت المشاركين في المناسبات، كالعيد مثلاً، وهم أيضاً يقومون بزيارتي، وعلاقتنا هي عبارة عن عائلة كبيرة متماسكة وداعمة لبعضها البعض، أكثر مما هي فرقة، وهذا الرابط المتواجد بيننا يساعدنا على الاستمرارية".

وقالت "نحن نتابع أوضاع الأطفال في المدارس، لأن العلم سلاحنا، وعندما يمرون بفترة الامتحانات، نعطيهم إجازة من الفرقة كي يستطيعوا الدراسة، وأنا فخورة جداً أن جميع الأطفال نجحوا هذا العام، وكان لدينا تلميذتان قدمتا امتحانات رسمية، ونجحوا،  وهذا فخر لنا جميعاً"، مؤكدة "نحن كشعب فلسطيني سلاحنا هو علمنا، وعندما نحاول تغيير الأطفال إلى الأفضل، نهتم بكافة التفاصيل، ونتابع حياتهم دون الشخصية، وأحياناً أضطر للتدخل بخصوصياتهم كي أنصحهم وأدلهم على الطريق الصحيح".

وختمت الفار حديثها لوكالة القدس للأنباء بالقول "نحن كفرقة فنية فلسطينية نبعت من المخيم، هدفنا الأساسي هو الحفاظ على التراث والهوية، وزرعها في نفوس الأطفال بشكل جميل من خلال السفرات التي نقوم بها خارج لبنان، تحت إشراف ودعم، السفارة الفلسطينية، ودائماً نحصل على الجائزة الأولى، خاصة إذا كان هناك مهرجانات دولية، وأنا أفتخر عندما أستلم جائزة أفضل فعالية وأفضل انضباط، هذا فخر لنا كشعب فلسطيني وكفرقة كوفية مشاركة من مخيمات لبنان ومن عين الحلوة بشكل خاص، لأننا دائماً نركز على نقل الصورة الجميلة للمخيم، رغم المعاناة التي نعيشها، لكن شعبنا هو شعب مثقف.. هو أرض وتاريخ وهوية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق