دعوات لإنشاء أفران خبز داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان


 

ميرنا حامد /بوابة اللاجئين الفلسطينيين

كما كل ضائقة يشهدها لبنان، رفعت أزمة انقطاع الخبز من الأفران الشهر الماضي منسوب العنصرية ضد اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين في البلاد، مع تزايد مطالب بعض السياسيين في أحزاب لبنانية ولبنانيين متأثرين بالدعايات الإعلامية، بعدم بيع الخبز لهم واتهامهم بأكل خبز اللبنانيين، ولجوء بعض الأفران إلى توزيع الخبز على الهوية لضمان وصولها إلى اللبنانين فقط.
ومما لا شك فيه أن الحصول على ربطة خبز واحدة بات مهمة شاقة ليس فقط لمواطني لبنان إنما لجميع ساكنيه، فأزمة انقطاع الرغيف طالت الجميع من دون استثناء بعدما بلغت مرحلة غير مسبوقة في ظل إغلاق عدد كبير من الأفران أبوابها ومزاحمة الخبز للدولار الأمريكي في السوق السوداء.
كما أن المشهد تصاعد ليصل في بعض المناطق إلى مشادات عنيفة بين الناس التي تنتظر تأمين رغيف خبز في "طوابير ذل" لا نهاية لها، يتخللها أحياناً سقوط جرحى خلال التزاحم.
ورغم إعلان وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام، عن حل أزمة الخبز التي ضربت لبنان  خلال الأيام الماضية بنسبة 90 %، إلا أن التخوف من تكرارها لا يزال سائداً لدى اللاجئين الفلسطينيين خاصة بعد اعتماد الهوية تمنعهم من الوصول إلى الرغيف دون أن يحرك أحد من المسؤولين الفلسطينيين ساكناً.
اللاجئة الفلسطينية شذى عبد العال تتلقى طلبات من أبناء مخيمها نهرالبارد شمال لبنان بإحضار عدد لا بأس به من ربطات الخبز من بيروت مكان سكنها مع زوجها في مخيم برج البراجنة.
تقول عبد العال لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: لا يوجد أفران داخل مخيمات الشمال، بالتالي الأفران الخارجية تشهد طوابير انتظار كبيرة أو معظم الأوقات تكون مغلقة الأمر الذي جعل الناس تعيش فترة طويلة بلا خبز.
تضيف: حتى خلال زفاف أخي لم نؤمن ربطات الخبز بسهولة لإقامة مراسم العراس لدينا وهي وليمة غداء يجتمع عليها الرجال، احتجنا إلى ما لا يقل عن 12 ربطة خبز وبالتأكيد لا يوجد فرن يقدم لنا هذا العدد في خضم الأزمة، فاضطررنا لتأمين ثلاث ربطات من كل فرن بعد جولة طويلة من البحث ناهيك عن ثمن الربطة الواحدة المرتفع جداً.
بالفعل ثمن ربطة الخبز وصل إلى أرقام خيالية، فقد سجل سعر الواحدة منها 40 ألف ليرة لبنانية  في السوق السوداء بعدما كانت تباع بألف ليرة ما قبل الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان حالياً.
تؤكد اللاجئة الفلسطينية فاديا لوباني أن نسبة كبيرة من اللاجئين عاجزين عن تأمين سعر ربطة خبز واحدة فكيف سيؤمنون ربطات عدة خاصة العائلات التي تتألف من عدد  أفراد كبير
وترى لوباني أن المسؤولية تقع بشكل أساسي على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" واللجان الشعبية والفصائل الفلسطينية، خاصة أن اللاجئين باتوا بحاجة لإغاثة فعلية مع تدهور الأوضاع المعيشية في لبنان.
ودعت إلى زيادة المبادرات الفردية البناءة "حيث لها دور كبير في تخفيف المعاناة الاقتصادية عن اللاجئين، على سبيل المثال حين يتم توزيع ألف ربطة يعني يوجد ألف أسرة تم مساعدتها". 
لعل مخيم الرشيدية جنوبي لبنان أحد أقل المخيمات التي تأثرت الفترة الماضية بأزمة انقطاع الخبز في لبنان نظراً لوجود الفرن الذهبي داخله وهو أحد أهم الأفران ليس فقط داخل المخيم إنما في منطقة صور ككل، لكن ذلك لا يمنع أن الأزمة أثرت على  آلية عمله بشكل كبير.
 تقول الصحفية الفلسطينية جنى شحرور: إن الفرن أقفل أبوابه مدة عشرة أيام، خلال تلك الفترة وصادفت امرأة سألتها ماذا تفعلين بالعادة حين تنقطعين من الخبز فقالت: إنها منذ أسبوعين أوصّت الفرن الذهبي على خبز واليوم حتى وصلتها ربطة تعادل رغيفين بحسب طريقة توزيعه للخبز أي أنه مرّ عليها أسبوعان بلا خبز ولديها ابن مريض ولا معيل لها.
تضيف شحرور: إن أهالي المخيمات اعتادوا على الأزمات، وخلال انقطاع الخبز لجأت النساء لطهي المناسف أو اليخنات أو المعكرونات لتدبر أمور بيوتهن، وهذا حصل على مدار 5 أيام، كما أن بعض الناس استبدلت الخبز العربي بالبرغر والتنور والافرنجي، ولكن من لا يملك المال لا يستطيع تأمين كل هذا
"نطالب بفرن ذهبي في كل مخيم" بهذه الكلمات دعا مسؤول العمل الاجتماعي في الجبهة الشعبية في لبنان، فؤاد ظاهر، إلى افتتاح أفران كبيرة داخل المخيمات الفلسطينية أسوة بالفرن الذهبي في مخيم الرشيدية جنوباً.
 يقول ظاهر لبوابة اللاجئين الفلسطينين: كما هو معروف الفرن الذهبي شكل عاملاً أساسياً في تأمين الخبز لمنطقة صور خلال عدوان تموز/ يوليو  عام 2006،  واليوم يقوم بدور مهم في مواجهة أزمة الرغيف، وسابقاً عمل دوراً مهما خلال جائحة كورونا، معتبراً أن هذه التجربة تستحق التعميم على بقية المخيمات الفلسطينية في لبنان، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تشهدها البلاد وتنعكس على اللاجئين بطبيعة الحال
 ويؤكد ظاهر وجود بعض التحديات لنجاح هذه التجربة، لا سيما مشكلتين أساسيتين، وهما:
الأولى: كيف بالإمكان تأمين طحين يكفي وينتج الكمية الكافية للاجئين؟ خاصة مع وجود نقص حاد في السلع الغذائية في لبنان لا سيما مادة الطحين وغياب الدعم عنه بشكل كاف.
الثانية: عدم وجود مساحات كافية لإنشاء المشروع داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، خاصة أن غالبية المخيمات تعاني اكتظاظاً سكانياً كبيراً لعدم قدرتهم على تأمين كلفة سكن خارج المخيمات.
يرى ظاهر أن "المسؤولية تقع على المرجعية الفلسطينية داخل المخيمات بالبحث عن حلول لمعالجة أزمة انقطاع الخبز قدر المستطاع، وإذا بحثنا بجدية نستطيع تأمين مساحات لإنشاء المشروع. هذه المرجعية هي معنية بتأمين فرن ذهبي في كل مخيم، من خلاله تستطيع تأمين عمل لعدد كبير من اليد العاملة الخاضعة للبطالة في المخيمات، وتأمين اكتفاء ذاتي من الخبز للاجئين"



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق