صلاح اليوسف: عاشق فلسطين... وداعا

 

محمد دهشة

4 ايار 2022، رحيل القائد الوطني عضو المكتب السياسي لـ "جبهة التحرير الفلسطينية" صلاح اليوسف "عاشق فلسطين".

24 تشرين الثاني 2021 رحيل عضو اللجنة المركزية لـ "جبهة التحرير الفلسطينية" القائد الشعبي محمد اليوسف "عاشق المخيم".

ستة اشهر بين رحيل مفجع وآخر، بين العاشقين من المخيم خزان الثورة ومحطة الانتظار المؤقت، الى فلسطين الوطن المحتل وأمل العودة، بين "ابو السعيدين"، اللذين تقاسما المرض كما النضال في ساحات المخيمات الى فلسطين ذاتها وحتى الرمق الاخير.

عائلة اليوسف المناضلة سليلة "جبهة التحرير الفلسطينية" الفصيل الوطني المقاوم التي دفعت ثمن انتمائها الوطني دماء، مصابها اليوم جلل وكبير، وقد لحق الشهيد "صلاح" وقبله الشهيد "محمد" بشقيقهما الاكبر القائد العسكري سعيد اليوسف وهو يقاوم الاحتلال الصهيوني اثناء اجتياحه للبنان عام 1982 في جبل لبنان الاشم، وبشهداء الثورة في مسيرة يسقط فيها الابطال الواحد تلو الاخر، ولهما أسوة بقافلة الشهداء الابرار من الشهيد الخالد ياسر عرفات الى قائد "الجبهة" الشهيد "ابو العباس"، واللائحة تطول.

ستة أشهر بين رحيل وآخر، لم يغب الحزن عن منازل العائلة ولا عن مكاتب ولا مقرات الجبهة في المخيمات الفلسطينية حتى اتشحت بالسواد مجددا، وقد صدحت منها آيات الذكر الحكيم، ولفها الحزن والحداد من الكبير الى الصغير، احتسابا الى الله، ففي حضرة الموت يصمت الكلام، وتصبح الدموع كل الكلام...

اليوم، تودع عائلة اليوسف و"جبهة التحرير الفلسطينية" وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية ومعهم عين الحلوة ومدينة صيدا وكل المخيمات الفلسطينية في لبنان، القائد صلاح الذي وافته المنية يوم امس الاربعاء بعد صراع مع المرض، أنهك جسده، وخطف ابتسامته واغمض عينيه التي كانت ترنو دائما الى فلسطين محررة من رجس الاحتلال الصهيوني وعاصمتها القدس الشريف.

وسينطلق موك موكب التشييع من منزل شقيقه نائب الامين العام للجبهة اللواء ناضم اليوسف في الهلالية الى مسجد "الشهداء" في صيدا، حيث ستقام الصلاة عن روحه الطاهرة عصرا، قبل ان ينطلق الموكب مجددا الى مقبرة صيدا الجديدة في سيروب ليوارى الثرى، في محطة من محطات الانتظار المؤقت على طريق العودة الى فلسطين. فالموت في ظل التشريد والترحال عن الوطن يضحي لجوءا من نوع آخر، عند الفلسطيني المسكون بعشق فلسطين يكتسب كل شيء بعدا وطنيا من الولادة الى النهاية.

وصلاح الذي أفنى عمره دفاعا عن القضية الفلسطينية وشعبها، شكل صمام أمن وامان سياسي في المخيمات، وحلقة تواصل بين مختلف القوى، كان صوتا للثورة الفلسطينية وللوحدة الوطنية والتلاقي العام ومن دعاة نبذ الخلافات والفرقة، ولعب دورا بارزا في وأد الفتن ما ظهر منها وما بطن، من خلال موقعه الوطني وفي اللجنة الامنية العليا للحفاظ على المخيمات، وفي الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في لبنان حوارا مع الدولة اللبنانية ومؤسساتها الرسمية، واحتجاجا ضد تقليصات الاونروا حيث خاض مع رفاقه اوسع حملة في العام 2016 حيث اجبرت الاونروا على التراجع عن قراراتها.

لقد شكل رحيل صلاح مفاجأة وفاجعة في آن بعدما اشتد عليه المرض فادخله الى المستشفى، لكنه ترك اثرا لا ينسى، صاحب الابتسامة التي لا تغيب، وصاحب الحضور المحبوب، القائد الوطني الذي لم يترك ساحة نضال سياسي ولا شعبي الا وكان فيها، مشاركا وخطيبا، داعيا الى الصمود والصبر واحباط مؤامرة التهجير والتوطين، مؤمنا بعدالة القضية وبان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وبمشروعية المقاومة وكنس الاحتلال الصهيوني وتحرير الارض وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

"عاشق فلسطين"، نعته عائلته اليوسف، وجبهة التحرير الفلسطينية وأمينها العام الدكتور واصل ابو يوسف ونائب الامين العام ناظم اليوسف واشقاؤه كاظم "ابو علي" ومسؤول رابطة علماء فلسطين في لبنان الشيخ علي اليوسف ومحمود وفادي اليوسف واعضاء قيادة الجبهة في لبنان، كما نعته فصائل منظمة التحرير والقوى الفلسطينية، وسفير دولة فلسطين في لبنان اشرف دبور، معتبرين ان رحيله خسارة كبيرة ولمسيرة النضال الطويلة التي حمل لوائها على دروب الالم والامل الفلسطيني، مكافحا ومتمسكاً بالحق والفلسطيني بالعودة إلى فلسطين. على ان تقبل التعازي للرجال والنساء، من العصر حتى العشاء في منزل أخيه اللواء ناظم اليوسف، صيدا، الهلالية، طلعة المحافظ، مقابل محطة السنديانة.

وداعا صلاح... أخي وسافتقدك كل يوم في تواصلنا وتلاقينا المعتاد وفي تقاسم هموم الناس والسياسة والقضية والمخيمات وفي الاحلام والامال التي لم تتحق بعد من العيش بكرامة الى التحرير والعودة...

وداعا صلاح... حبيب القلب والى جنات الخلد مع الشّهداء والصّدّيقين يا عاشق فلسطين كل فلسطين وعهدا ان يبقى شعبنا على العهد حتى تتحقّق الآمال بالحرية والتحرير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق