حراك شعبي فلسطيني موحد في لبنان احتجاجا على تقليص خدمات «الأونروا»

 

عبد معروف 

تشهد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حراكا شعبيا موحدا رفضا لقرارات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا” التي أعلنت عن تقليص خدماتها ومساعداتها الإنسانية بسبب الأزمة المالية التي تتعرض لها.

وحذرت اللجان الشعبية والمنظمات والمؤسسات الحقوقية الفلسطينية من تقليص خدمات ومساعدات الوكالة الأممية، في ظل الانهيار المعيشي والاقتصادي العام في لبنان، والحياة البائسة التي يتعرض لها اللاجئ الفلسطيني.

ففي ظل اشتداد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في لبنان وانعكاسها السلبي على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، تشهد المخيمات الفلسطينية في لبنان تحركات احتجاجية تُطالب وكالة "الاونروا” بتوسيع وجدولة دائرة المستفيدين من برنامج حالات العسر الشديد.

ونظم الحراك الشعبي الفلسطيني الموحد سلسلة من الاعتصامات والمسيرات والوقفات الاحتجاجية داخل مخيمات البداوي ونهر البارد وشاتيلا وعين الحلوة والبرج الشمالي والرشيدية وأمام المقر الرئيسي لوكالة "الأونروا” في بيروت، لمطالبتها بالتراجع عن قراراتها بتقليص مساعداتها للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

مساحة تعبير حقوقية

وعقد الحراك الفلسطيني الموحد في مخيم عين الحلوة حلقات تشاورية ناقش خلالها إمكانية تطوير واستمرار التحركات الاحتجاجية السلمية داخل وخارج المخيمات، والعمل على تطوير وتوسيع الحراك على المستوى الشعبي لإشراك المجتمع، باعتبار الحراك مساحة تعبير حقوقية مطلبية مؤقتة حتى تحقيق المطالب من "الأونروا”.

كما نظم الحراك الفلسطيني الموحد وقفة احتجاجية شعبية امام مكتب "الأونروا” في مخيم البرج الشمالي قرب مدينة صور اللبنانية، للتأكيد على استمرار الاحتجاجات حتى تحقيق المطالب والحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان. وأغلق المئات من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان المقر الرئيسي لوكالة "الأونروا” في بيروت مانعين حركة دخول وخروج الموظفين، وذلك احتجاجا على تجاهل الأخيرة لمطالب اللاجئين وعلى رأسها اعلان خطة طوارئ إغاثية عاجلة.

بدورها أكدت منظمة "ثابت” لحق العودة على حق اللاجئين الفلسطينيين في مطالبهم المشروعة، وانتقدت أداء وكالة "الأونروا” في تعاطيها وتجاهلها مطالب العائلات الأكثر فقراً، نظراً لارتفاع معدلات الفقر وزيادة البطالة في المخيمات والتجمعات الفلسطينية نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية في لبنان خلال العامين الماضيين جرّاء انهيار قيمة العملة الوطنية.

ودعت منظمة "ثابت” الوكالة الأممية إلى الاستجابة لمطالب اللاجئين وتوسيع دائرة حالات العسر الشديد ليتم شملهم ضمن البرنامج، وضرورة عدم تجاهلها سلسلة التحركات المطلبية المتواصلة. وحذرت من انفجار اجتماعي واسع، نظراً لإهمال الوكالة مطالب إعادة جدولة المستفيدين من برنامج حالات العسر الشديد، الذي تستفيد منه شريحة من اللاجئين الفلسطينيين ويُحرم منه آلاف العائلات الأكثر فقرا خصوصا في هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة.

وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أنه في غضون شهر تقريباً، أعلنت "الأونروا” عن إجراءات تقليصية طالت اللاجئين الفلسطينيين المهجّرين من سوريا إلى لبنان بتخفيض المساعدة النقدية الشهرية، ثم جاء قرار "الأونروا” الذي وصفته بالجائر المتعلق بتوقيف عمل ثلاثين موظفاً، وتسعة معلمين وسبعة عشر كاتبا وثلاثة عمال، ومهندس، على ملف إعادة إعمار مخيم نهر البارد شمال لبنان.

واعتبرت منظمة "ثابت” أن هذا القرار ظالم وغير إنساني بحق الموظفين وعائلاتهم، ويُعد تهرباً لـ "الأونروا” من وعودها في ترتيب وإيجاد وظائف جديدة للموظفين والعمال، خصوصاً في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان. وطالبت "ثابت” إدارة "الأونروا” بتحمّل مسؤولياتها والتراجع عن سياسة تقليص الخدمات التي تضر بالواقع الإنساني للاجئين الفلسطينيين في لبنان، والبحث عن مصادر تمويل ميزانيتها لتغطية احتياجات اللاجئين الفلسطينيين، وأن تستمر في أداء مهامها دون تقليص.

وعقد لقاء بطلب من وكالة "الأونروا” في مكتبها الرئيسي في بيروت وبرعاية لجنة الحوار الفلسطيني اللبناني مع الحراك الفلسطيني الموحد، بحضور مدير "الأونروا” العام في لبنان كلاوديو كوردوني وضم مدراء المناطق والأقسام والبرامج وممثل عن لجنة الحوار الفلسطيني اللبناني، بهدف النقاش والحوار حول المطالب والحقوق للاجئين الفلسطينيين وإيجاد آلية لتحسين الخدمات وتأمين المساعدات للاجئين.

ورشة عمل

وأكد اللقاء، الذي استمر أكثر من ثلاث ساعات ونصف وتحول إلى ورشة عمل، على التمسك بدور وكالة "الأونروا” وخدماتها والحفاظ عليها وعلى الموظفين فيها لحين عودة اللاجئين إلى وطنهم، مطالبا بتحسين كافة الخدمات المقدمة التي تحفظ كرامة اللاجئين. وتحدث المدير العام كلاوديو خلال اللقاء عن الأزمة التي تعاني منها "الأونروا” وما تتعرض له من ضغوط سياسية في التمويل تُضعف تقديمات الوكالة، مُقدِّراً مطالب الحراك الفلسطيني التي تُعبّر عن معاناة الناس وظروفهم المأساوية معلناً تأييده للمطالب والاعتصامات السلمية لكن دون إقفال مقرات ومؤسسات "الأونروا”.

وطالب الحراك الفلسطيني الموحد في لبنان، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا” الكشف عن آليات صرف الميزانيات الخاصة بها، خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة من 2019 حتى 2021 الفائت، وتبديد "”شكوك اللاجئين حول عمليات فساد ضخمة”.

جاء ذلك، في بيان للحراك، ردّاً على بيان صدر عن وكالة "الأونروا”، أدانت فيه إغلاق المحتجين لمكاتبها، وعمليات الإغلاق المتكررة التي جرت في الأسابيع الأخيرة، حسب بيان الوكالة. وقالت "الأونروا” في بيانها: ” إنها تحترم الحق في حرية التعبير، بما في ذلك من خلال الاحتجاج السلمي أمام منشآتها للمطالبة بمساعدات إضافية، وهو هدف تسعى "الأونروا” إليه. ومع ذلك، فإن "الإغلاق القسري المتكرر لمكاتبنا والاعتداءات اللفظية والجسدية على الأفراد سواء الموظفين أو الزوار أمر غير مقبول ويجب إدانته من قبل الجميع دون تحفظ. إن ذلك لا يحقق أي شيء سوى تعطيل عمليات الأونروا مما يؤثر على تقديم الخدمات للاجئي فلسطين ويسيء الى صورتهم”.

الحراك الموحد، وصف بيان "الأونروا” بـ "عمى الألوان”، وعبّر عن استغرابه لإرجاع الوكالة سبب الاحتجاجات، "للمطالبة بخدمات إضافية” موضحاً أن التحركات الاحتجاجية، هي نتيجة التقليصات والتراجع في الخدمات.

ولفت الحراك، إلى أن شبهات فساد كبيرة تدول حول عمل الوكالة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، حيث أن "موازنتها المحدودة، كانت قادرة على تقديم خمسة أضعاف الخدمات خلال العامين الفائتين” حسب البيان.

وطالب الحراك، المفوض العام لوكالة "الأونروا” فيليب لازاريني، بتشكيل لجنة تحقيق، "للإجابة عن شكوك اللاجئين، وتبرير التقصير في الخدمات” حسب البيان. وأكد أن فعالياته تستهدف لفت نظر المجتمع الدولي، لتأمين موازنة مستقرة لـ "الأونروا” تهدف إلى حماية بقائها واستمرار خدماتها. وأمام هذا الواقع الفلسطيني في لبنان، الذي تصفه المنظمات الحقوقية بـ”المأساوي”، تتواصل التحركات المطلبية داخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، في وقت بلغت فيه نسبة من هم دون خط الفقر في صفوف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان 73% حسب تقرير النداء الطارئ الذي أطلقته وكالة "الأونروا” في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق