لبنان: نساء يتعلّمن القطبة الفلسطينية

العربي الجديد- انتصار الدنان
25-02-2022
تُحاول إسرائيل الاستيلاء على التراث الفلسطيني، وكان آخر أوجه هذا الاستيلاء الثوب الفلسطيني. ونشرت بعض ملكات الجمال اللواتي شاركن بمسابقة "ملكة جمال الكون" والتي أقيمت في فلسطين المحتلة، صوراً على مواقع التواصل الاجتماعي وهنّ يرتدين الزي الفلسطيني بزعم أنه إسرائيلي. وكان ذلك في يناير/ كانون الثاني من العام الماضي. وقد أثارت تلك الصور ضجةً كبيرة، واعتبر ناشطون فلسطينيون وعرب أنها تأتي في سياق "السرقة الإسرائيلية الممنهجة للتراث الفلسطيني".
إلا أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) أدرجت نهاية العام الماضي "فن التطريز في فلسطين: الممارسات والمهارات والعادات" على لائحتها للتراث الثقافي غير المادي، وذلك بناء على طلب تقدمت به وزارة الخارجية الفلسطينية. ويسعى الفلسطينيون حول العالم، من بينهم اللاجئون في لبنان، للحفاظ على هذا التراث. يشار إلى أن التطريز يعد عنصراً أساسياً في الحياة الثقافية الفلسطينية، ولكل منطقة في الأراضي الفلسطينية أسلوب تطريز خاص بها سواء لناحية لون القماش، أو خيوط التطريز، أو طبيعة النقوش والرسوم المطرزة.
في مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، تنظم جمعيات دورات لتعليم التطريز، ومنها جمعية التكافل الاجتماعي الموجودة في المخيم. والهدف هو حماية التراث وتمكين المرأة اقتصاديّاً. وتقول المدربة على التطريز صبحية كريم، المتحدرة من قرية صفورية (إحدى قرى قضاء الناصرة ومن أكبر قرى الجليل في فلسطين)، والمقيمة في مخيم عين الحلوة: "كنت في الخامسة عشرة من عمري عندما بدأت التطريز، ولم يكن ذلك سهلاً عليّ قبل أن أحصل على المساعدة".
تَعلَّمت التطريز بهدف تحسين وضعها المعيشي. لاحقاً، أدركت أهمية العمل الذي تقوم به، وخصوصاً لناحية التعرف على التراث. ومنذ نحو أربعين عاماً، تعلم الفتيات والنساء التطريز. وتلفت إلى السعي لنقل فن التطريز كجزء من التراث إلى الأجيال الجديدة، "حتى يبقى لنا كما عرفناه". تتابع أنه "خلال هذه الدورة، حاولت تبسيط العمل، ودرّبت النساء على كيفية إعداد سلسلة وسوار ومحفظة صغيرة، وهي أشياء يمكن للشباب استخدامها في يومياتهم". وتوضح أنها تدرب، ضمن مشروع جمعية التكافل الاجتماعي الذي يحمل عنوان "لك سيدتي"، نحو عشرين لبنانية وفلسطينية وسورية.
وتختم حديثها قائلة: "حين أعلم المتدربات كيفية صنع القطبة، أعرفهم بألوان التطريز التي تختلف من منطقة إلى أخرى. فتراثنا الذي تصنعه النسوة تختلف ألوانه ورسومه بحسب المناسبات، فما ترتديه العروس يختلف عما ترتديه المطلقة على سبيل المثال".
من جهتها، تقول التلميذة الفلسطينية إيلاف البغدادي: "التحقت بدورة التطريز لأتعرف على تراثنا وتطوير موهبتي"، مشيرة إلى أنها تنوي العمل في مجال الخياطة مستقبلاً. وتشدد على ضرورة "عدم التخلي عن تراثنا. ومن خلال عملنا هذا، نريد أن نثبت وجودنا وهويتنا التي يحاول العدو الصهيوني سرقتها، لكننا لن نسمح له بذلك".
وتختم حديثها قائلة: "أريد أن أقول لجيل المستقبل إن التراث ثمين جداً، لذلك يجب أن تتشبثوا به ولا تنسوه، كونه يجعلنا مرتبطين بهويتنا الثقافية".
بدورها، تقول سهى بدر الحمد، وهي لبنانية تقيم في مخيم عين الحلوة، إنها التحقت بالمشروع لتتدرّب على التطريز وتتعرف على التراث الفلسطيني، وتساعد زوجها في تأمين مصاريف العائلة، مشيرة إلى أنها تنوي الترويج لمنتجاتها على وسائل التواصل الاجتماعي.
إلى ذلك، تقول مديرة جمعية التكافل الاجتماعي جمال كليب، والتي تدرب الفتيات والنساء على بعض المهارات الحياتية وكيفية تحديد القيمة الشرائية، إن هذا المشروع الممول من "جمعية أحلام لاجئ" يستهدف النساء المهمشات والراغبات في تحسين أوضاعهن المعيشية. تتابع: "ركزنا خلال هذه الدورة على تعليم القطبة الفلسطينية كونها جزء من التراث ومدتها شهران"، لافتة إلى السعي إلى "حفظ تراثنا الذي يحاول الصهاينة سرقته منا. وعلى الرغم من محاولتهم سرقة تراثنا، إلا أن اليونسكو أكدت أن التراث لنا". وتختم حديثها قائلة: "هدفنا تدريب المرأة وتمكينها اقتصادياً. لذلك، نعلمها أموراً سهلة". وتشير إلى أن نحو 100 امرأة تقدمت للالتحاق بالدورة، لكننا لم نكن قادرين على اختيار أكثر من عشرين. وفي اليوم الدولي للمرأة في الثامن من مارس/ آذار المقبل، سنقيم معرضاً"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق