بيان صادر بمناسبة ذكرى إندلاع الانتفاضة الأولى عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح – قيادة الساحة - لبنان

 

اندلعت الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الأولى بعد مرور العديد من المآسي والمجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي قبل العام 1987 ذكرى اندلاع الانتفاضة الأولى. ومن المحطات المؤلمة والدموية التي طالت شعبنا الفلسطيني في جنوب لبنان كان الاجتياح المدمِّر والذي طال المخيمات وصولاً إلى بيروت، كما طال القوات العسكرية الفلسطينية المتواجدة في جنوب لبنان منذ العام 1969 بعد الاتفاق بين الرئيس اللبناني آنذاك، والرئيس أبو عمار،وإشراف الرئيس جمال عبد الناصر، كما أن الانتفاضة   جاءت بعد هذه الآثار التي سببها العدوان الصهيوني على لبنان، وعلى البنية الفلسطينية ابتداء من الجنوب ولغاية بيروت منذ العام 1982، والمجازر التي ارتكبت في المخيمات وصولاً إلى بيروت.  
هذا الواقع الميداني العسكري الذي أصبح يستهدف (وجود المخيمات وأهلها) أصبح عاملاً حيوياً في عملية التصعيد الأمني والعسكري، بالمقابل فإن الإرهاب والعنف الصهيوني بدأ يتصاعد ميدانياً داخل الأراضي الفلسطينية، وارتكاب الجرائم والمجازر علناً من خلال إطلاق النار وبشكل متعمَّد على المدنيين أثناء أي تحرك ميداني اجتماعي لهم، وهذا ما شاهده العالم بأسره عندما كان يتعمَّد قمع المسيرات الجماهيرية بالرصاص، وأيضا عندما كانت الشاحنات العسكرية تتعمد صدم السيارات المدنية بعنف، وبهدف إيقاع القتلى والجرحى، وهذا ما حصل على حاجز ايرز العسكري وأمام الجميع مما أدى إلى استشهاد أربعة وجرح سبعة، والشهداءهم طالب محمد عبد الله أبو زيد، عصام محمد حمودة، شعبان سيد نبهان، وكمال قدورة حسن حمودة، وهذا الحدث الإجرامي إنتشر إعلامياً وأثار غضب ونقمة أبناء شعبنا، ثم تواصلت عمليات الاغتيال المتعمَّد لتأجيج الصدام، فتمَّ ارتكاب جريمة أخرى أدت إلى اغتيال أربعة مواطنين على مدخل مخيم البريج جنوب قطاع غزة بعد إنزالهم من سيارتهم المدنية وهم: سعيد أبو هادي (31 عاماً) وسعيد فران(20 عاماً)، وعبد الندى صرصور(42 عاماً)، ورأفت فران (23 عاماً). 
هذا المسلسل من الجرائم الدموية أدى إلى شحن الأجواء الأمنية والجماهيرية، وأدى هذا التفاعل اليومي مع الأحدث المؤلمة إلى تضامن شعبي، وإلى موقف سياسي موحَّد، كما قاد إلى رؤية موحَّدة بين مختلف الأطراف حول خيار موحَّد  وهو خيار مواجهة الاحتلال الذي يصرُّ على ارتكب الجرائم بحق المدنيين لإثارة الذعر، وكسر هيبة مقاومتنا الفلسطينية الجماهيرية. 
هذه الأحداث الدموية تفاعلت مع الحراك الشعبي الوطني بكل أطرافه السياسية، وقطاعاته النقابية، وشرائحه الإجتماعية وشبيبته  التي وضعت كل ثقلها في هذه الانتفاضة الأولى، ووضعت أمام أعينها خياراً واحداً وهو حشد طاقات شعبنا بكاملها في هذه المعركة المصيرية لتلقين العدو الدرس القاسي الذي لا بد منه، وهو أنَّ هذه الأراضي هي أرض فلسطينية مقدسة، وأهلها متجذرون فيها منذ فجر التاريخ. 
إنَّ العامل الأبرز في تمكُّن الانتفاضة في مسيرتها وتطوير أدائها، وشموليته للضفة الغربية وقطاع غزة، والقدس خاصة يعود حقيقة إلى تمكن الشهيد القائد خليل الوزير من الوصول إلى الأردن وفتح العلاقات مع المملكة الأردنية التي كان الرئيس ياسر عرفات قد عمل على إعادة التواصل معها، هذه العلاقات أعطت الفرصة للشهيد أبو جهاد خليل  الوزير أن ينظِّم العلاقات بين العائلات والعشائر الفلسطينية المقيمة في الأردن، وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تحمَّلت الأعباء النضالية، والمواجهات اليومية، والصدامات والاشتباكات الدموية، والتضحيات الجسيمة. 
إن الشهيد القائد أبو جهاد الوزير الذي شكَّل العقل الناضج والمفكٍّر والمخطِّط لتأسيس الانتفاضة على أرضية صلبة غيَّرت الكثير من موازين القوى في المنطقة، وفي الواقع الفلسطيني، وأصبحت هناك تطلعات سياسية ووطنية ناضجة، ولها عمق شعبي عربي، وتعاطف دولي، خاصة أن الحجر إنتصر على الرصاص، وهذا ما أعطى إندفاعة شملت الوطن المحتل، وأثبتت الحضور السياسي الفلسطيني دولياً، وبدأت تتبلور فكرة، إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة عملياً. 
إنَّ تطوير الانتفاضة الشعبية الفلسطينية وبناء، ركائزها الأساسية دفع الشهيد القائد أبو جهاد إلى تصعيد تنفيذ العمليات العسكرية النوعية مثل عملية ديمونا التي استهدفت المفاعل النووي، وهزَّت أركان هذه المؤسسة الإستراتيجية النووية. 
وهذه العملية التي استُشهد فيها ثلاثة أبطال من أبناء النقب يشهد لهم التاريخ بأن هذه العملية كانت أشبه ما تكون بالزلزال. 
ولا شك أن الكيان الصهيوني الذي شعر بانكسار هيبته العسكرية أمام القائد خليل الوزير أبو جهاد الذي خطط وأشرف وتابع باهتمام هذه العملية صمَّم على الانتقام من هذا القائد الفتحاوي الذي كان قليل الكلام، وقليل الظهور الإعلامي، لكنه كان يسهر الليل والنهار، وهو يخطط للعمليات الفدائية البطولية من عملية دلال المغربي إلى عملية ديمونا. وهذا ما جعل العدو الصهيوني يأخذ قراراً في مجلس الكنيست المصغَّر بقتل واغتيال خليل الوزير أبو جهاد الذي أعطى حياته كلها لفلسطين، وشعب فلسطين، وارض فلسطين. وكان همه الأكبر هزيمة الاحتلال الصهيوني، وليس البحث عن مكاسب شخصية، أو مناصب سياسية، وانما كان يبحث عن الشهادة والشهداء. 
عرف الشهيد أبو جهاد كيف يؤسس ويشعل الانتفاضة الأولى، وأمدَّها بمقومات البقاء، والصمود، والاستمرار، والتحدي، وغادر ساحة الفداء والعطاء إلى عالم الشهادة وقوافل الشهداء حتى النصر. 
وفي ذكرى انطلاقة الانتفاضة،  
ورموزها الشهداء فإننا نحيي قادتها، 
وشهداءها، ونحيي صمود. 
 ونحيي الرئيس محمود عباس الصامد بوجه التحديات.  
وحافظُ أمانة وتضحيات الشهداء والأسرى والجرحى والجماهير المتعطِّشة لمواجهة الاحتلال حتى النصر والتحرير. 

وانها لثورة حتى النصر. 
قيادة حركة فتح- إعلام الساحة اللبنانية  

7/12/2021 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق