أي شكل من أشكال الترويج لدولة الاحتلال (تطبيع) يعاقب عليه القانون اللبناني


د. رمزي عوض

الغريب عقد ندوات اعلامية على وسائل اعلام لبنانية تحت شعار حرية الرأي والتعبير، تروج للاحتلال الاسرائيلي وتدعو للتطبيع دون أي تحرك لبناني قانوني تجاه المخالفين للقانون، كما أن ظهور لبنانيين في وسائل اعلام لدولة الاحتلال الاسرائيلي او ظهورهم في وسائل اعلام اخرى في برامج يشارك بها مواطنين اسرائيليين تعد أيضا مخالفة جرمية يعاقب عليها القانون اللبناني.


نص القانون

ان القانون اللبناني الصادر في 23/6/1955 والذي كان أقره مجلس النواب اللبناني بالاعتماد على قرار مقاطعة الاحتلال الاسرائيلي الصادر عن جامعة الدول العربية في 29/3/1952، جاء نص المادة الأولى منه كالتالي:

يحظر على كل شخص طبيعي او معنوي ان يعقد بالذات او بالواسطة اتفاقا مع هيئات او اشخاص مقيمين في اسرائيل او منتمين اليها بجنسيتهم او يعملون لحسابها او لمصلحتها وذلك متى كان موضوع الاتفاق صفقات تجارية او عمليات مالية او اي تعامل اخر ايا كانت طبيعته.

وجاء في المادة السابعة أن كل من يخالف احكام القانون يعاقب بالاشغال الشاقة المؤقتة من ثلاث الى عشر سنوات.


فقط لانعاش الذاكرة:

بالاستناد الى عبارة (أي تعامل آخر) فالقانون اللبناني لا يسمح تحت شعارات حرية التعبير أو العولمة أو الأمر الواقع، بأن نعمد إلى المشاركة في ندوات ومؤتمرات وأنشطة تهدف للتطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي، مما يعطي هذا العدو فرصة الولوج إلى الفكر اللبناني، لتكون هذه الخطوة مقدِّمةً لخطوات تطبيعية أخرى.

وإلى كل من يفسر قانون مقاطعة اسرائيل اللبناني على سجيته، يكون مشارك في التطبيع وتنطبق عليه أحكام القانون، فلو عدنا بالزمن الى محاضر جلسة إقرار قانون مقاطعة إسرائيل، نتلمّس هذه الحقيقة، يومها قال النائب غسان تويني: «إنّ تصديق المجلس على هذا المشروع هو تكريس للوضع العام، وإنني أشير إلى أنه لا بد من التشديد عليه، وأنّ من الأفضل أن نسجل هنا أن للبنان مصلحة أكثر من أي بلد عربي آخر في إقرار قانون أحكام المقاطعة مع إسرائيل». فأيّده النائب الراحل إميل البستاني بقوله: «لا شك أن كلاً منا يؤيد الزميل الأستاذ تويني بخصوص ضرورة التصديق على هذا القانون، وسيعطي لبنان المثل الأعلى في مقاطعة إسرائيل». وقال النائب الراحل أديب الفرزلي: «أرى أن هنالك تضخماً عند الدول العربية في القوانين وفي مقاطعة إسرائيل، القوانين يا سيدي تُسنّ وتكتفي الحكومات العربية بأن تربح معركة التصويت على القانون. فلماذا القانون؟ إذا شاءت حكومة أن تقاطع دولة عدوة يمكنها أن تتخذ الإجراءات اللازمة وتقاطعها في يوم واحد. يجب أن نُعدّ قوة إجرائية لتنفيذ القانون. مثلاً في يوم واحد جرت ثلاث حوادث على الحدود من دوريات يهودية مع أنه يوجد قانون، ولكن أين الذين يسهرون على تطبيق القانون؟ وأنا أقول إنّ مقاطعة إسرائيل توجب توحيد الصفوف، فماذا نرى؟ نطعن كرامات الجيش السوري أحياناً، مع أن من الواجب أن يكون هذا الجيش كأنه الجيش اللبناني، وكذلك الحال مع المملكة السعودية العربية وباقي الدول العربية. ما أقوله هو أن القانون لن يفيد إذا لم نترفّع عن هذه المراشقة من جهة، وإذا لم نعمد إلى تطبيق القانون بشدة وصرامة من جهة ثانية». وأكمل النائب الراحل بشير الأعور مواقف زملائه النواب فقال: «عندما كنا ندرس هذا القانون في لجنة الإدارة والعدل توخينا أن يكون صارماً رادعاً ومساعداً للمصلحة العليا التي أوجبت تضييق الحصار الاقتصادي على إسرائيل. إنما هناك ملاحظة أسمح لنفسي بأن أوجّهها إلى معالي وزير الخارجية عندما يقَر هذا القانون، وإذا لم تعمد الدول العربية المجاورة إلى إقرار قانون لا يقل صرامةً عن هذا القانون، تكون الغاية التي توخيناها قد ذهبت سدى. لذلك فإنني أرى أن من المصلحة أن تجري اتصالات بين وزارة الخارجية، وحكومات الدول العربية نطلب فيها أن لا تكون القوانين التي سوف تسنّ بهذا الخصوص، أقل صرامةً من قانونينا».


الخلاصة:

لم يخطر ببالِ أيٍّ من هؤلاء النواب، أنه سيأتي يوم يحاجج فيه أحد بشأن مدى مقاطعة إسرائيل، ولذلك عندما أُقِرَّ القانون جاءت المادة الأولى فيه بعبارات عامة مطلقة تغطي كل أنواع التعامل من أيِّ نوع كان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق