رسالة للعاملين في وكالة الاونروا من المفوض العام فيليب لازاريني

 

زميلاتي وزملائي الأعزاء،
في الوقت الذي نقترب فيه من نهاية العام، فإن وضعنا المالي قد أصبح مجددا ولسوء الحظ صعبا للغاية: إننا نعاني من أجل ضمان دفع الرواتب في موعدها لشهري تشرين الثاني وكانون الأول.
إننا نعاني من وضع شبيه بذلك الذي واجهناه في العام الماضي حيث إنه، واعتبارا من اليوم، فإن الأونروا لا تتوفر لديها الموارد الكافية لتشغيل خدماتها الحرجة في مجالات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والخدمات المنقذة للحياة خلال شهري تشرين الثاني وكانون الأول. إن عجز الموازنة يقف عند حوالي 100 مليون دولار.
إن أولوياتي الشاملة كانت، وما زالت، تتمثل بحماية حقوق لاجئي فلسطين من خلال المحافظة على الخدمات الحيوية لهم علاوة على حماية وظائف العاملين لكي نستمر بالإيفاء بمهام ولايتنا. ومع التوقعات بوصول بعض من التمويل في الأسابيع المقبلة، سأحتاج إلى إعطاء الأولوية لالتزامنا الإنساني بحماية 400,000 شخص من الأشد عرضة للمخاطر من لاجئي فلسطين الذين هم جزء من شبكة الأمان الاجتماعي لدينا. وسأقوم أيضا بالإيفاء بالتزاماتنا تجاه موظفينا الذين يتقاضون رواتب يومية ويعملون على نظام المياومة عن أيام العمل في تشرين الأول الماضي.
منذ شهر آب الماضي، ومع تفاقم التحديات بتوفير الدخل وضمان تدفق الأموال لدينا ، حاولنا أنا وفريقي في الإدارة العليا وبلا هوادة أن نوفر الموارد اللازمة، وفي الوقت نفسه، البحث عن حلول إبداعية والقيام باتخاذ جميع التدابير الممكنة داخليا لحماية وظائفكم ورواتبكم والخدمات المقدمة للاجيئين. في حين أن هذا الوضع مقلق للغاية بالنسبة لكم ومرهق لفريق إدارتي العليا، فقد نجحنا في دفع صافي رواتب العاملين على نظام العقود الثابتة حتى نهاية تشرين الأول.
في الشهر الماضي وحده، كثفت أنا ونائب المفوض العام ومختلف المدراء من الرئاسة العامة وأقاليم العمليات جهودنا في التواصل ومحاولة جمع التبرعات على جميع الجبهات. وسويا، تواصلنا من خلال البعثات والزيارات الميدانية والاجتماعات ومكالمات الفيديو والرسائل والأدوات الأخرى المتاحة مع كل من الولايات المتحدة وكندا والصين والدنمارك ومصر والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وأيرلندا واليابان والكويت ولوكسمبورغ ونيوزيلندا وقطر وروسيا والمملكة العربية السعودية وسويسرا والإمارات العربية المتحدة وممثلي الدول العربية في الأمم المتحدة والأرجنتين وأستراليا والنمسا وبروناي واليابان وماليزيا والنرويج والسويد وسويسرا. كما سأسافر هذا المساء، ضمن ذات الجهود، إلى العاصمة البريطانية لندن.
لقد أبلغتكم في رسالتي السابقة بأننا أخذنا قرضا بقيمة 15 مليون دولار من الصندوق المركزي للاستجابة للطوارئ التابع للأمم المتحدة من أجل الإيفاء بالتزاماتنا الأساسية في آب. وفي أيلول وتشرين الأول، قمنا باقتراض ما مجموعه 61 مليون دولار من بوابات الميزانية الأخرى لتغطية الخدمات والرواتب التي يجب دفعها من ميزانية البرنامج. إن التبرع السخي من الاتحاد الأوروبي والذي تم تسلمه في تشرين الأول قد ساعدنا في إعادة دفع نسبة كبيرة من تلك القروض. لقد تمكنا من اتخاذ مثل هذه القرارات الداخلية طالما كان لدينا تأكيد بأن التمويل وشيك. واليوم، فإن أيدينا مقيدة حيث إن التعهدات المؤكدة حتى اللحظة لا تكفي لإيصالنا بأمان إلى نهاية العام.
إن التدابير التقشفية المعمول بها قد أتت بثمن باهظ عليكم وعلى الوكالة، لكنها ساعدت في المحافظة على الخدمات ودفع الرواتب حتى اللحظة هذه. ان الظروف القصوى الحالية تجبرنا على اتخاذ هذه الإجراءات الاستثنائية . لقد قمت أنا وفريق الإدارة العليا بإبلاغ اللجنة الاستشارية للأونروا والمانحين والشركاء بوضوح بأن الوضع أصبح لا يطاق ولا يمكن تحمله. لقد حذرت مرارا وتكرارا من أنه بدون التمويل المناسب والإضافي، لن تتمكن الوكالة من تنفيذ المهام وفقا لمهام ولاية الجمعية العامة - وأن التعامل معها مسؤولية مشتركة بين الدول الأعضاء والأونروا.
لقد أخبرت المانحين عن العديد من المواقف عن بعض من زملائنا الذين ينفذون وظائف مخصصة لشخصين. وقد أخبرني العاملون الصحيون كيف يعملون تحت ضغط متزايد في مواجهة جائحة عالمية وبدون توظيف إضافي وكيف يتعامل المعلمون ويديرون صفوفهم مع زيادة في متوسط عدد الطلبة الى 42 طفلا في الغرفة الصفية الواحدة. وكذلك هو الحال مع عمال الصرف الصحي وهم فى طليعة العاملين على إسناد الصحة العامة في المخيمات في جميع أنحاء المنطقة وهم يعملون بدون دعم كاف. أروي هذه المواقف وغيرها لجميع الحكومات والجهات المانحة والشركاء وأذكر المجتمع الدولي مرارا وتكرارا بأن اجراءات التقشف قد وصلت إلى أقصى حدودها ومداها وباتت تقوض جودة خدماتنا واستثماراتهم الثمينة كجهات مانحة في التنمية البشرية لأجيال من لاجئي فلسطين.
وبما أنني حاليا لست على يقين فيما إذا كان بإمكاننا دفع رواتبكم في الوقت المحدد، فإنه ليس ممكنا ولا متاحا لى تعميق الأزمة المالية للوكالة عن طريق رفع التدابير التقشفيه تلك، والتي تشمل الابقاء على تجميد الزيادة السنوية على رواتبكم. إن تركيزي وفريقي ينصب الآن على ضمان أنه يمكننا المحافظة على الخدمات ودفع كافة الرواتب هذا العام وأن نحقق الإمكانية لثبات مالي على المدى الطويل، وهو أمر حاسم لوكالة مثل الأونروا.
إن المؤتمر الدولي القادم حول الأونروا، والذي سيشترك الأردن والسويد في رئاسته في وقت لاحق من هذا الشهر، سيسعى إلى تحقيق الهدفين المذكورين أعلاه. اننا نأمل أن يتم التعهد بتمويل إضافي لتغطية احتياجات هذا العام. وفي الوقت نفسه، سيكون المؤتمر علامة فارقة مهمة لوضع الأساس لأونروا يمكن التنبؤ بمداخليها المالية والابتعاد بها عن أزمة التمويل المتكررة، مثل الأزمة التي نواجهها اليوم.
عندما كنا في وضع مشابه في نهاية العام الماضي، استطعنا سويا التغلب على ما بدا أنه تحديات لا يمكن التغلب عليها. إن التزامكم بخدمة مجتمعكم وثقتكم في الإدارة العليا كان لهما أهمية قصوى في التغلب على هذا التحدى فى حينه. هذا الالتزام والثقة هى على نفس القدر من الأهمية هذا العام. إن نزاع العمل في هذه اللحظة الحساسة سيكون له عواقب وخيمة على خدماتنا لملايين اللاجئين، في ذات الوقت الذي يواجه مجتمع لاجئي فلسطين مخاطرا كبيرة ويواجه محاولات شاقة لتقويض حقوقه المنصوص عليها بالقانون الدولي. كما أن النزاع العمالي سيقوض بشكل خطير جهودنا لإيجاد حل على المدى القصير لسد عجز هذا العام وعلى المدى الأبعد لتأمين تمويل طويل الأجل يمكن التنبؤ به والبناء عليه لوكالة تصبو لتحديث وتطوير خدماتها
لزاما علي فى هذا المقام تذكير كافة العاملين بأن سياسة "لا عمل / لا أجر" ستنطبق على أولئك الذين يقومون بإضراب عمالي. وأدعو هنا قيادة الاتحاد إلى استئناف المناقشات حول القضايا العالقة. إن الأونروا تظل ملتزمة بالحوار.
بصفتي المفوض العام للوكالة الأممية التي لطالما أعطت الأولوية لرفاهية موظفيها، أود أن أؤكد أننا نعمل معا أولا وقبل كل شيء لخدمة لاجئي فلسطين. لقد عملت الوكالة بجد طوال العام من أجل تحسين ظروف العمل لموظفيها. وكلما كان ذلك ممكنا، قمنا بتلبية احتياجات الموظفين من زيادة الرواتب في إقليمي الأردن والضفة الغربية وغزة إلى دفع الرواتب بالدولار في لبنان لحماية الموظفين من التضخم، وتوفير علاوة للموظفين في سوريا للتكيف مع تداعيات 10 سنوات من الصراع. إن هذا ينبع من إيمان الوكالة الراسخ بالدور المحوري الذي تلعبونه في تقديم خدمات عالية الجودة للاجئي فلسطين.
وعلى الرغم من التحديات المالية الضخمة والمتكررة، بما في ذلك العجز الهائل لهذا العام، فإن الوكالة مصممة على تلبية احتياجات الموظفين بمجرد تحسن الوضع المالي. لقد أخبرت الحكومات المضيفة والمانحين مرارا وتكرارا أنه من أجل تحسين جودة برامج الأونروا وكفاءة العمليات، تسعى الأونروا جاهدة لدعم حقوق الموظفين بما يتماشى مع سياساتها. من أجل ملايين اللاجئين الذين يحتاجون إلينا أن نقف إلى جانبهم وهم يواجهون أزمات متعددة، دعونا نعمل سويا للتغلب على أزمتنا المالية الوجودية وتصبح معها مؤسستنا أقوى.
مع خالص تحياتي،
فيليب لازاريني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق