اللاجئ الفلسطيني آخر الأولويات والأونروا في سُباتٍ عميق



محمد حسون _ عاصمة الشتات

أذكُرُ منذ 5 سنوات بالتمام قررت وكالة الأونروا تقليص الخدمات الاستشفائية للاجئين الفلسطينيين في لبنان ، حينها قامت الدنيا ولم تقعد بالمخيمات والتجمعات الفلسطينية على المستوى القيادة والشعب ، وأُعلن النّفير العام والنزول إلى الميدان وقامت القيادة السياسية الفلسطينية العليا بكل أطيافها وهبّت لمواجهة هذه القرارات الظالمة والمجحِفة بحق اللاجئ الفلسطيني.

وأذكر أيضاً أن القيادة الفلسطينية اتخذت قراراً لمواجهة هذه السياسة التي اعتُبرت تآمرية على اللاجئين ، وشُكِّل وقتها خلية أزمة مركزية ، وخلية أزمة مناطقية في كل منطقة من لبنان، وأذكرُ أيضاً تم وضع برنامج عمل ضخم لمواجهة هذه التقليصات ، ونظمت تحركات متنوعة بشكل أسبوعي لتكون ضاغطة على وكالة الأونروا، ورُصدتْ ميزانيات لتأمين المواصلات واللوجستيات لهذه الفعاليات ، وكان وقتها المدير العام للأونروا في لبنان الألماني ماتياس شمالي متصدّر الأزمة والذي أصبح مديراً للوكالة في قطاع غزة ثم طُرد بسبب مواقفه المنحازة للاحتلال، كما ورُفعت شعارات في ذلك الوقت إرحل ماتياس شمالي وملاحقته بالاحتجاجات بسبب فشله بإدارة الأزمة وانسجامه مع هذه القرارات وتنفيذها دون الاكتراث لمعاناة الناس . 

ومن المشاهد في ذلك الحين كان النوم في الطرقات وعلى أبواب المكاتب من قبل القيادة السياسية الفلسطينية العليا واللجان الشعبية والناس حيث كانت صلاة الفجر هناك ، واحتجاجات صباحاً ومساء ، رغم أنه كان الإنقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحمـ.اس والصراع على أشدِّه والتجاذبات في أعلى مستوياتها، ومع الأسف انتهت التحركات بتسجيل النقاط في السباق الحاصل بينهم وتمييع التحركات من ثم تذويبها ، وتمرير الخطة الاستشفائية الخبيثة التي أصابت الفلسطيني في مقتل، وتقسيم الكعكة من الوظائف والتعيينات لصالح الاتحادات الفصائلية واللهو بالأحداث الأمنية والإشتباكات داخل المخيمات.

أما الآن المرحلة أخطر بشكل أكبر وأضخم على الشعب الفلسطيني ورجال المرحلة المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني والمدير العام في لبنان كلاوديو كوردوني الذي سيرحل بعد بضعة أشهر، والتي تنسجم إدارتهم بنتائجها الكارثية على اللاجئين مع سياسة أميركا الضاغطة على ملف اللاجئين بكل تفاصيل الخدمات بإيعاز ودعم واضح وإهمال فصائلي فاضح، وإنسجام تحت الطاولة من خلال أداء الأونروا والنتائج الحاصلة من التقصير في الخدمات على كافة الأصعدة دون وضع برنامج للتصدي وتغيير شيئ من الواقع المرير ، فمن ينظر إلى المشهد الآن فهو أصبح مختلف كليا فالظروف السياسية أصعب بكثير وأخطر بشكل أكبر ، لكن مع الأسف ليس هناك من يواجه ويملك قرار المواجهة الفعلية للضغط على وكالة الأونروا بشكل جدي ووطني، أو حتى تجاه الجهات المانحة من الدول لإعلان خطة طوارئ إغاثية وصحية وتربوية عاجلة تساند اللاجئين الفلسطينيين ولا حتى للسعي كي يتم إيقاف الهدر والفساد الكبير لتحقيق بعض الأهداف لمصلحة الناس.

لذا لن يتكرّر مشهد 2016 مع الاسف ،ولن نرى أي خلية أزمة بل نرى مفتعلي أزمات في الشتات ومشاركين فيها والكثير من المصفقين والمطبلين   ، ولن نرى يا سادة برنامج تحركات فعلية ، وإن كانت ستحصل ستكون خَجلاً على هيئة فلكلورية للتصوير لأن ليس هناك مسؤول أو تنظيم (عنتر وأبو علي) فعلي مدافع عن الشعب . 

فباختصار للواقع .. فالحسابات ما زالت نفسها والصراع ما زال نفسه والانقسام زادت رقعته بين الحركتين ، فوحدهم من يملكون القرار لتحريك الزوبعة التي أرادها داخل الفنجان حصراً ، ولكن من هو مرتاح البال ووضعه فوق الريح براتب وموازنة بالعملة الصعبة هو نفسه يبتعد عن الانزجاع، لا تهمه مصلحة الناس الا إن كان لها مصلحة شخصية منها ، فهو غير آبهٍ لتحريك أي ساكن من مكانه لتضييع الوقت  ، لذا يبقى اللاجئ الفلسطيني آخر الأولويات وليس بالحسبان، والأونروا تعزفُ ألحان أميركا والكيان الصهيوني على مسامع الجميع بالضغط الاجتماعي على الفلسطيني ، تاركةً اللاجئين يصارعون الموت بكلِّ أشكاله وغارقةً في سُباتٍ عميق.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق