رسالة نصية تمنع أطفالاً ومرضى من تلقي مساعدة "أونروا" بلبنان

 

ميرنا حامد / بوابة اللاجئين الفلسطينيين


ثلاثة أشهر مرت على إقرار وكالة الأونروا في لبنان صرف معونة مالية طارئة للأطفال الفلسطينيين ما بين عمر الولادة و18 عاماً، ولا تزال عشرات العائلات على أمل وصول رسالة هاتفية تخولها الحصول على 40 دولاراً أمريكياً لكل طفل.
مساعدة يفترض أن تصرف بأسرع وقت ممكن كونها تعد إجراءاً إغاثياً اتخذته الوكالة وسيجري اتباعه بعدة إجراءات أخرى، استجابة للأزمة الاقتصادية والاجتماعيّة التي يعيشها لبنان، بحسب بيان الأونروا.
انتظار دون جدوى
اللاجئ الفلسطيني جميل عبدو تواصل مراراً وتكراراً مع مكتب وكالة "أونروا" في مدينة صيدا لكي يحصل على المعونة المالية لأولاده، لكنهم أبلغوه أنه يجب أن يصبر قليلاً، ويقدم على الرابط المخصص في حال لم تصله الرسالة، على حد قوله.
في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين، يقول عبدو: إنه تلقى الرسالة الأولى قبل شهرين وانتظر كثيراً لكي تصله الثانية ليحصل على المال دون جدوى، مشيراً إلى أن أكثر من 20 شخصاً كانوا معه حين ذهب ليطالب الوكالة بالمعونة قد وصلتهم الرسائل وحصلوا على المال.  
ويتابع: "لا يوجد أحد من قبل الوكالة نستطيع أن نتفاهم معه، كل من نسأله يقول لنا علينا الصبر والانتظار، وقد أعطونا رقم أحد الأشخاص لنتواصل معه وأكد أن لا فائدة عليكم الانتظار إلى أن تُرسل إليكم الرسالة".
منذ أكثر من عام تقريباً يرضخ عبدو لشبح البطالة التي طالت أكثر من 80% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، فقد كان يعمل حارساً في أحد المؤسسات، لكنه توقف عن العمل بسبب الخضات السياسية والاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ عامين.
عبدو وهو أب لطفلين لم يسجلهما في مقاعد المدرسة هذا العام كونه عاجزاً عن دفع 100 ألف ليرة يومياً مقسمة بين أجرة تاكسي ومصروف لهما، يؤكد أنه "يحتاج لأربعة ملايين ليرة لبنانية شهرياً ليستطيع تأمين متطلبات عائلته بسبب غلاء الأسعار في لبنان، وهو بالكاد يستطيع أن يؤمن الأكل والشرب".
يعيش عبدو بمساعدة والده المتقاعد وأخوته له، كونه لا يتلقى مساعدات من أي جهة، "وحين أعلنت وكالة الأونروا عن معونة تبلغ قيمتها 400 ألف للشخص الواحد، كان ينبغي أن يستلمها بعد شهر، وحين طلب من أحد الأشخاص أن يحصل عليها أعطاه إياها بنصف ثمنها"، على حد قوله.
كل ما يطالبه عبدو أن يعلم من هي الجهة التي بإمكانه أن يلجأ إليها هو وغيره من اللاجئين الفلسطينيين في مثل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، فهو يعاني من من مرض السكري، وطفله يعاني من  حساسية حادة تتطلب جهازاً خاصاً وأدوية شهرية باتت باهظة الثمن في ظل رفع الدعم عن الدواء في لبنان.
مساعدة منقوصة
الأمر مختلف لدى اللاجئ الفلسطيني محمد حليحل، فهو أب لثلاثة أطفال، بالتالي ينبغي أن يحصل على مبلغ 120$ أمريكي من قبل وكالة "أونروا"، لكنه تلقى 80$ كمساعدة لطفلين فقط.
الرد المعتاد من قبل الوكالة على جميع العائلات التي لم تتلق المساعدة المالية هو "الصبر والانتظار"، وهو ما يسمعه حليحل في كل مرة يسأل فيها عن مساعدة ابنه الأكبر محمود التي لم يتلقاها بعد.
في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يصف حليحل وضعه المعيشي بأنه مثل غالبية اللاجئين الفلسطينيين، وربما أقل منهم. فهو يتقاضى راتباً شهرياً لا يزيد عن مليون ليرة لبنانية، أي 50 دولاراً أمريكياً، هذا إن حالفه الحظ وتلقى فرصة عمل، حيث  يعمل مياوماً في الأعمال الحرة".  
يحمد حليحل الله تعالى أن "منزله ملك، فلو كان إيجاراً لكان مصيره وعائلته الشارع لعدم قدرته على دفع ثمن الإيجار شهرياً"، مؤكداً أن المليون ليرة لا تكفي لشراء أي شيء في لبنان، فهو لديه طفل يبلغ من العمر 4 أشهر يحتاج لحفاضات وعلب حليب بشكل دائم يصل ثمن العلبة الواحدة لـ 75 ألف ليرة لبنانية هذا إن وجدت في الصيدليات، بالتالي المليون ليرة تكفي متطلبات طفل واحد فقط.
ويعتبر أن "مساعدة الـ 40$ لكل طفل مهمة جداً رغم أنها لا تكفي لمرة واحدة، فلديه فتاة صغيرة لا يقرر إرسالها إلى الروضة بسبب غلاء أقساطها وارتفاع ثمن أجرة الباص.
يؤكد حليحل أن "أحواله قبل عامين كانت أفضل بكثير فراتبه كان يعادل 700 دولار أمريكي، أما الآن بعد أن تحولت الطبقة المتوسطة لفقيرة،  أصبح معاشه يساوي 40 أو 50 دولار أمريكي. وخلال العامين الماضيين تراكمت عليه الديون في الدكاكين بسبب عجزه عن سدادها".
يطالب وكالة "أونروا" بالقيام بدورها في هذه الظروف الصحية والاقتصادية الصعبة، فأبسط شيء الدواء الخاص بالأمراض المزمنة لا تؤمنه للاجئين. أما عن مساعدات الوكالة فهي ليست بالقدر الكافي".
على سبيل المثال، حين أصيب حليحل وزوجته بفايروس كورونا لم يتلق مساعدة من أي أحد باستثناء جاره الذي قدم له مونة غذائية كونه ناشطاً اجتماعياً. ويعتبر أن من واجبات  وكالة "أونروا" أن تقدم دعماً للمصابين بالوباء من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، خاصة خلال مرحلة المرض، على حد تعبيره.
مرضى مزمنون دون إغاثة
حالة الصبر والانتظار ذاتها تعيشها العائلات التي لديها مصابين بأمراض مزمنة، كالتصلب اللويحي، غسيل الكلى، السرطان والتلاسيميا، فعدد لا بأس به منهم لم يتلق المساعدة المادية حتى اللحظة رغم غلاء أسعار الأدوية وفقدانها في غالبية الصيدليات في لبنان.
في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، تقول اللاجئة الفلسطينية أماني أبو صهيون: "أبي يغسل كلى في مستشفى الهمشري في مدينة صيدا، لكن لم نتلق أي مساعدة مادية".
وتضيف أبو صهيون: "علمنا أن هناك مساعدة من قبل وكالة الأونروا تساوي ٤٠ دولاراً للمرضى الذين يغسلون كلى، فذهبت لتحصيلها قالوا لي إن الإسم لم ينزل بعد في لوائح الأونروا، حين تصل الرسالة يمكننا أن نتلقى المساعدة".
تتابع: "أبي متقاعد ويبلغ من العمر 88 عاماً، وهو مريض سكري وكلى ولديه تضخم بالقلب ويحتاج لزراعة شرايين، ولم يتلق أي مساعدة رغم صعوبة وضعه الصحي. يحتاج لإبر وأدوية في كل مرة يغسل الكلى فيها، بالإضافة لتاكسي ذهاباً وإياباً من وإلى المستشفى وهذه كلها مصاريف لا نقدر عليها".
الفئات الأكثر حاجة أولاً
في رد منها على تساؤلات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حول مصير المساعدة المالية المقررة لهم، قالت المتحدثة باسم وكالة الأونروا في لبنان، هدى السمرا: "الأونروا تدرك تماماً بأن معظم العائلات الفلسطينية في لبنان أوضاعها المعيشية صعبة بسبب الأزمة غير المسبوقة التي تمر بها البلاد، لذا تقوم الوكالة بحشد تمويل من الدول المانحة بشكل مكثف".
وتؤكد السمرا أن "الأموال التي توفرت حالياً تم توزيعها على الفئات الأكثر حاجة من بين كل المحتاجين. نحن نعلم أن الكل محتاج لكن هذه الفئات هي الأكثر حاجة، ولأن التمويل المتوفر لا يكفي سنبدأ بتوزيعه على مراحل، المرحلة الأولى تشمل اللاجئين بين عمر حديثي الولادة و١٨ عاماً، وتشمل أيضا ذوي أمراض السرطان أو تصلب لويحي أو غسيل كلى أو تلاسيميا. كما تشمل أيضاً الأشخاص ذوي الإعاقة، وفور توفر تمويل إضافي سيتم توزيعه".
وتشدد على أن "المرضى الفلسطينيين لكي يتلقوا مساعدتهم يجب أن يكونوا مسجلين لدى الوكالة أو تعلم الوكالة بمرضه، بمعنى آخر أن يكون لديه ملف في عيادة الأونروا، أو يكون متابعاً من قبل طبيب في الوكالة أو يثبت للأونروا بموجب تقارير طبية وضعه الصحي كي يتمكن من الاستفادة".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق