"عَ فنجان قهوة" لتخفيف الضغوط عن نساء مخيمات لبنان

العربي الجديد: انتصار الدّنّان
01-09-2021
ضغوط نفسية كثيرة تعيشها النساء في المخيمات الفلسطينية في ظل كل الأزمات التي يعيشها لبنان. واقعٌ ولّد مشروع "عَ فنجان قهوة" الذي هدف إلى جمع نساء لمناقشة قضاياهن وحثهن على التعبير عن آرائهن لتخفيف هذه الضغوط.
يعيش اللبنانيون والفلسطينيون والسوريون يوميات صعبة في ظل الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي في مقابل الليرة اللبنانية، وما لحق ذلك من أزمات أخرى تزيد الضغوط النفسية على الجميع، وخصوصاً انقطاع المواد الأساسية من وقود وغاز وكهرباء. من هنا، يهدف مشروع "عَ فنجان قهوة" بالشراكة مع مؤسسة "أبعاد" (مركز الموارد للمساواة بين الجنسين)، وبتمويل من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (أونروا)، إلى تخفيف الضغط النفسي عن نساء مخيمات اللجوء.
تقول مديرة البرامج في مركز البرامج النسائية في لبنان مريم الشعار، المقيمة في مخيم برج البراجنة للاجئين (على مقربة من مطار بيروت الدولي جنوبي بيروت)، والتي تتحدر من مدينة عكا في فلسطين: "ندرك حجم الضغوط النفسية التي تعيشها النساء في المخيمات الفلسطينية من جراء تدهور الوضع الاقتصادي. ولأن الكثيرات منهن ما زلن يحرصن على الصبحية والاجتماع بعضهن مع بعض لشرب القهوة وتبادل الأحاديث، ولدت فكرة المشروع، ورغبنا في تحويل هذه الجلسة أو الصبحية إلى مشروع يهدف إلى جمع النساء، واختيار موضوع معين لمناقشته، وتشجيعهن على التعبير عن آرائهن وآلامهن بهدف التخفيف من الضغط النفسي الذي يعشنه". تضيف الشعار: "تواصلتُ مع أونروا، وطُلب مني إعداد دراسة حول المشروع، وكان التركيز على تحويل جلسات النساء الصباحية إلى جلسات نقاش حول قضايا عدة، تشمل كيفية التعامل مع المراهقين، والتعليم، والصحة، والاقتصاد، على أن نستضيف متخصص في القضية التي ستناقش للحديث عن الموضوع، مع إتاحة طرح الأسئلة والنقاش وتبادل الآراء".
وتشير الشعار إلى التركيز على المواضيع التي تتعلق بالحياة اليومية. وينفذ المشروع في ثمانية مخيمات، وتنظّم جلستين أسبوعياً، تضم كل جلسة عشر نساء يفترض أن يشاركن في ثماني جلسات، قبل أن يبدأ العمل مع مجموعة جديدة. وفي المحصلة، يستهدف المشروع خمسين امرأة في كل مخيم، ما مجموعه 400 امرأة في المخيمات كلها. وتتابع: "استطعنا في البداية التواصل مع النساء بسبب علاقاتنا معهن. وما إن أعلنّا عن المشروع، حتى بادرت كثيرات إلى التسجيل. ولدينا أسماء على لائحة الانتظار". وتشير إلى تدريب عدد من الشابات في المراكز كافة ليكنّ مشرفات على الجلسات.
وترى الشعار أن "المشروع هو مساحة للتخفيف عن المرأة؛ إذ إن انتشار وباء كورونا والأزمة الاقتصادية الحاصلة أثّرا على النساء، ما سبب لهن أزمات نفسية. فالمرأة هي التي تتحمل العبء الأكبر من الضغط النفسي. بعد مدة من بدء الجلسات، لمسنا تغييراً إيجابياً لدى النساء المشاركات فيها".
إلى ذلك، تقول أم رياض، التي تتحدّر من قرية غوير أبو شوشة الفلسطينية (تبعد 8 كم إلى الشمال من مدينة طبريا)، وتقيم في مخيم عين الحلوة للاجئين في مدينة صيدا (جنوب لبنان): "أنا أم لأربعة أولاد، وقد توقف زوجي عن العمل بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار. نعيش اليوم ظرفاً اقتصادياً صعباً، يضاف إليه انقطاع التيار الكهربائي والغاز وارتفاع أسعار السلع كافة. نعيش في قلق مما قد يحصل بين ساعة وأخرى، وقد وجدت في هذه الجلسة الصباحية التي أجتمع فيها مع بعض النساء متنفساً لي، إذ نتحدث في مواضيع معينة، وأفرغ ما في قلبي في كل جلسة بوجود متخصصين يرشدوننا إلى التخلص مما نحن فيه. أشعر بشيء ما تغير في داخلي، ما يعطيني الأمل فأتفاءل بغد ربما يكون أفضل". حين تكون هناك جلسة، تستيقظ باكراً، تنظف بيتها، تعد وجبة الغداء، وتترك خلفها كل مرارة العيش. تقول إن هذه الجلسة أهم من كل شيء بالنسبة لها "خلالها أستطيع الترويح عن نفسي، وقد تعلمت أموراً كثيرة كنت أجهلها".
تتابع أم رياض: "أجلس مع النساء وأنسى كل الوجع، وأعود إلى البيت متفائلة. إن لم أشارك في هذه الجلسات، فسأبقى في البيت أفكر بوجبة الطعام التي سأعدها لأولادي، وإن كان بإمكاني شراء مستلزماتها أم لا". أما أم هادي، والتي تتحدر بدورها من قرية غوير أبو شوشة الفلسطينية وتقيم في مخيم عين الحلوة، فتقول: "زوجي عاطل عن العمل في الوقت الحالي. سابقاً، كان يعمل دهاناً، لكنه توقف عن العمل بعدما تعرض لمشاكل في القلب، وصرنا نعتمد على مساعدات أونروا للعيش. وعلى الرغم من مرضه، فهو مستعد للعمل في حال وجد أية فرصة، لأن الوضع الاقتصادي صعب جداً". تتابع: "منذ الإعلان عن المشروع، أحببت الفكرة، وصرت أحضر الجلسة الصباحية التي تساعدني على نسيان مشاكلي بعض الشيء، ولو لوقت محدد". وتشير إلى أن ابنها الذي يبلغ من العمر 21 عاماً خضع لعملية قلب مفتوح أدت إلى انتكاسة صحية، ليتبين بعد نقله إلى المستشفى أنه يعاني من ضعف في عضلة القلب. "واليوم، لا نجد الدواء الذي يحتاجه في ظل أزمة الدواء، وقد مرّت خمسة أشهر على إجرائه العملية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق