وداعاً … حارس الذّاكرة وما فيها !

 مروان عبد العال


الصديق الطيّب والأستاذ الباحث والمربي محمود دكّور " أبو أدهم" ابن «قديثا» في قضاء صفد، الفلسطيني من رأسه حتى أخمص قدميه، سكنت قلبهُ منذ أن اقتلع منها قسراً في العام 1948 نازحاً نحو الجنوب اللبناني. الى مخيم المعشوق.
ذات لقاء كان في المكان الأعز على قلبه، في صومعته الخاصة بمحلة المعشوق إلى الشرق من مدينة صور. في متحف لكل قطعة فيه حكاية ترويها النقود المعدنية القديمة، والأواني النحاسية، والمطرزات، وفساتين الأعراس والكوفيات، وعقود بيع وشراء الأراضي، وأدوات الفلاحين، وصولاً إلى قفل سجن عكا، وعقود شراء وبيع يتعدى عمرها 150 عاماً، ونيشان الشرطة الفلسطينية يعود لسنة 1945، وهو يحمل صورة الملك جورج السادس من ناحية وصورة لملاك يمثل شعار الشرطة الفلسطينية من ناحية أخرى، بالإضافة إلى مجموعة كاملة من النقود المعدنية صكّت بين العامين 1927 و1946، ومجموعتين من النقود الورقية..
وملحق بالمتحف المكتبة الضخمة التي تضمّ أكثر من 13 ألف كتاب، وأكثر من 30 دورية مكتملة، يتباهى بعدد الطلاب الذين يعتمدون عليها لإتمام بحوثهم. يتحدث بنشوة النصر ، عن مشروعه الذي بدأ بعد ان تقاعد من سلك التعليم في وكالة «الأونروا»، في جمع التراث الفلسطيني إلى سنوات طويلة، أسفرت حتى اليوم عن ضمّ ما يتعدّى الثلاثة آلاف قطعة ووثيقة أصلية، أنفق أبو أدهم قسماً كبيراً من معاشه التقاعدي (ثلاثمئة ألف دولار) في سبيل تحقيق ذلك الهدف.
ولم يمدّ يده إلى أحد لإنجاز المشروع من ألفه إلى يائه، باستثناء استعانته ببعض الأصدقاء وكبار السنّ، من البلدات والقرى الفلسطينية.
وذات قرار مسبق يرحل حارس الذاكرة مثل كتاب مفتوح على الحكاية وقد أدّى بذلك قسطاً من واجبه تجاه فلسطين، جمع تراثها ، ليضمّ في متحفه كل ما يمتّ بصلة إلى ما قبل النكبة، ادلى بشهادته وذاكرته وترك خلفه ارثاً ثميناً للاجيال القادمة.
فسلامًا لروحك يا أبا ادهم، مربياً وطنياً وحارسًا للثقافة الاصيلة وقلعة للتراث و لذاكرتنا الخالدة وما فيها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق