اللاجئ محمد مصطفى قاسم: الخير كله في فلسطين

 

العربي الجديد- انتصار الدنان
23-09-2021
ترك فلسطين لاجئاً إلى لبنان حين كان في العاشرة من عمره، لكن صور اللجوء ما زالت ماثلة أمام عينيه كأنها حصلت اليوم. يروي الحاج محمد مصطفى قاسم، المتحدر من قرية عمقا بقضاء عكا والمقيم حالياً في مخيم نهر البارد شمال لبنان: "عشت في بلدتي مثل باقي الأطفال. دخلت المدرسة في السابعة من العمر، وكنت ألعب وأساعد والدي في العمل. في سن العاشرة تغيّرت الصور أمامي. خسرت عائلتي كل شيء وكل أحلامها، حين قصف طيران العدو بلدتنا".
يتابع: "حينها كان جدي يتاجر بالبقر، فطلب منه صديقه أن يخرج مع عائلته والبقرات، ويتوجه إلى بلدة يركا، وهو ما فعله جدي الذي أخذ معه أيضاً أوراق الطابو الخاصة بالممتلكات. في طريقنا إلى يركا أطلق الصهاينة النار علينا، فمكثنا أسبوعين تحت أشجار الزيتون، ثم حين وصلنا إلى يركا علمنا أن رجلاً قتل زوجته، فارتعبت أمي من الخبر، ورفضت البقاء، فتوجهنا إلى بلدة جت حيث مكثنا أيضاً تحت أشجار الزيتون لمدة خمسة أيام. وهناك جاء شبان من عمقا، وأخبروا والدي أنهم يريدون إحضار بيض وعدس من البلدة، فذهب والدي معهم. وفي الطريق أوقفهم الصهاينة وطالبوهم بالعودة، وهو ما رفضه والدي فاعتقل واستجوب قبل أن يطلق سراحه، فعاد خائباً، وقرر ترك المكان إلى بلدة يانوح ثم بلدة كفرياسيف".
ويخبر الحاج مصطفى قاسم أيضاً أنه "من كفرياسيف، أجبرنا اليهود على ركوب باصات أوصلتنا إلى سهل مرج ابن عامر، حيث تعرضنا لنيران رشاشات أجبرتنا على قصد مخيم بلاطة. بقينا هناك أسبوعاً، وسكنا في شوادر كانت أصلاً لجيش الإنقاذ العربي، وحصلنا على خبز وتمر، ثم نقلتنا باصات جرت تغطيتها بشوادر إلى مكان نجهله علمنا بعدها أنه سورية. بقي كثيرون هناك، لكننا انتقلنا لاحقاً إلى مدينة صور في جنوب لبنان، ومنها إلى مدينة عنجر في محافظة البقاع، ثم مخيم نهر البارد (شمال).
ويذكر الحاج مصطفى قاسم أن منطقة وجود عائلته في مخيم نهر البارد كانت مليئة بالشوك، وأن وكالة أونروا قدمت شادراً لهم، ثم اقترحت بناء بيت مكان الشادر، "لكننا رفضنا لأننا اعتقدنا بأن بناء منزل يعني عدم العودة إلى عمقا. ولاحقاً بنينا هذا البيت بأنفسنا".
وعن علمه وعمله، يقول الحاج مصطفى قاسم: "لم أتابع الدراسة في لبنان بسبب تنقلنا الدائم من منطقة إلى أخرى، وعملت مع والدي في قطاف الملوخية. ثم قدمت لنا أونروا إعانات بينها حليب جاف علمني والدي كيف أصنع منه اللبن واللبنة لبيعهما. وحين توفي والدي تابعت عمله، وتزوجت في سن الـ15 من ابنة عمي التي كانت في الـ13، وبقينا معاً ثلاثة أشهر ثم انفصلنا لأن أهلها أرادوا تزويجها من رجل ثري مقيم في السويد".
يضيف: "تزوجت للمرة الثانية في سن الـ16، وأنجبت أربعة صبيان وثلاث بنات. واليوم، بعدما تزوج جميع أولادي وتوفيت زوجتي، بت أعيش وحدي، فقررت أن أتزوج للمرة الثالثة، وهو ما حصل بعدما ربحت نصف ورقة يانصيب".
يختم:" أتمنى العودة إلى فلسطين، حتى أشم رائحتها. ففيها الخير كله".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق