الرئيس يؤكد الثبات على مبدأ الدفاع عن الحقوق الفلسطينية

 

 
الحاج رفعت شناعة  
عضو المجلس الثوري وعضو قيادة الساحة اللبنانية 


 إنّ سيادة الرئيس محمود عباس في خطابه الأخير أمام الأمم المتحدة في  2021/9/24 كان  في قمة الصراحة والوضوح والجرأة، وأكد بأننا أصبحنا على مفترق طرق، و أن الوضع أصبح لا يُحتمل، حيث أن الجانب الصهيوني يتجاهل كافة حقوقنا، ويرفض التعاطي معها حسب قرارات الشرعية الدولية، ولذلك فإنه ليس منطقياً أن يبقى الاعتراف من قبلنا قائماً (باسرائيل) على أساس حدود العام 1967 دون أي اعتراف  بالمقابل من قبل الاحتلال بحقوقنا. 
(ومن هذا المنطلق الوطني والسياسي الواقعي تمت مخاطبة العالم الذي أغمض عينيه عن كل الحقائق، وتعمَّد غضَّ النظر عن السلوك العدواني الصهيوني الذي استهدف الشعب الفلسطيني في كل مقومات الوجود والحياة التي تتمتع بها شعوب الأرض.) 
(وبداية أعلن سيادة الرئيس بأن شعبنا لن يُسلِّمَ بواقع الاحتلال المُطْبق على أرضنا، علماً  أنَّ البدائل أمامه مفتوحة بما في ذلك خيار العودة عبر حلٍ يستند لقرار التقسيم رقم 181 للعام 1947، وهو الذي يعطي دولة فلسطين 44% من فلسطين. أضف إلى ذلك التوجُّه لمحكمة العدل الدولية لاتخاذ قرار حول شرعية وجود الاحتلال على أرض دولة فلسطين من عدمه، وثالثاً: أكد الرئيس بأننا مددنا أيدينا مراراً للسلام، و لكن لا نجد شريكاً في الكيان الصهيوني يؤمن ويقبل بحل الدولتين حتى الآن.) 
إن تقويض حل الدولتين القائم على الشرعية الدولية سيجعلنا أمام خيارات وبدائل يفرضها الواقع الميداني على الأرض،لأنَّ هناك صكوك ملكية بأيدي العائلات الفلسطينية التي طُردت  من أرضها، وهي موثَّقة في سجلات الأمم المتحدة، أضف إلى ذلك أنَّ سياسات المجتمع الدولي، وهيئات الأمم المتحدة تجاه حل القضية الفلسطينية قد فشلت جميعها حتى الآن، بسبب غياب الجدية عند الدول صاحبة القرار خاصة في مجلس الأمن. 
 كما أكَّد سيادتُهُ التمسك بقضية إطلاق قيد الأسرى البواسل والحفاظ على حقوقهم، ووجَّهَ التحية إلى هبَّة الأسرى التي لا تهدأ. 
وامعاناً في الجدية فإن الرئيس يؤكد الثبات على مبدأ الدفاع عن وجود الشعب الفلسطيني، وعن هويته الوطنية، وأنه سيواصل مسيرته التحررية، حتى إنهاء الاحتلال عن أرض دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية. 
واعتبر أن الضغوطات السابقة على منظمة التحرير بعدم التوسع في الانضمام إلى المنظمات الدولية الأخرى لن يكون ملزماً للمنظمة، وهي ستوسع عملية الانضمام إلى باقي المؤسسات الدولية، وهذا من حقها،رغم كل العوائق. 
وانطلاقا مما سبق فإن الرئيس أكَّد حرص منظمة التحرير على وحدة الشعب الفلسطيني، وأرضه، والذهاب إلى انتخابات عامة ورئاسية ومجلس وطني بمجرد ضمان تنظيمها في القدس حسب الاتفاقات الموقعة.إن سيادة الرئيس أبو مازن في خطابه السنوي كان واضحاً وجريئاً بعيداً عن بعض الاعتبارات الدبلوماسية. فهو يعتبر أن تطورات الأوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وما وصلت إليه من تعقيدات، ومن ارتكاب جرائم، ومن قهر وتعذيب يومي لشعبنا لم يَعد يُحتمل، وهو غير قابل للاستمرار، وشعبنا لم يعد يحتمل المزيد من هذه الممارسات الصهيونية، وأضاف الرئيس مخاطباً العالم كله: مددنا أيدينا مراراً للسلام، ولا نجدْ شريكاً في إسرائيل يؤمنُ ويقبلُ بحل الدولتين. وهذا طبعاً نوع من الاستهتار، وتجاهل الحقوق المشروعة لشعبٍ مازال يدافع عن وجوده وحقوقه قبل النكبة، وبعد النكبة، و إن مشروع تصفية قضية الشعب الفلسطيني بدأ مبكراً منذ العام 1898، وعبر الانتداب، الذي استهدف الأرض الفلسطينية، والكيان الفلسطيني، والشخصية الفلسطينية، وتشريد وتمزيق المجتمع الفلسطيني. 
الرئيس كان بعيداً عن المجاملات في خطابه لأن الواقع مؤلم ومعقَّد وخطير، ولهذا كان حاسماً في أدائه الخطابي النابع من جوف المعاناة والمأساة، وقال حرفياً: إنَّ أمام سلطات الاحتلال الاسرائيلي عامٌ واحد لتنسحب من الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 بما فيها القدس الشرقية. كما اكد الاستعداد للعمل خلال هذا العام على ترسيم الحدود، وانهاء جميع قضايا الوضع النهائي تحت رعاية اللجنة الرباعية الدولية، وفق قرارات الشرعية الدولية، وفي حال عدم تحقيق ذلك فإنَّ الجواب واضح وهو: لماذا يبقى الاعترافُ باسرائيل قائماً على أساس حلول العام 1967 ؟ 
وهذا سؤال منطقي لأن الاحتلال هو المستفيد الاساسي من استمرار الوضع على حاله. 
الرئيس يعود مجدداً ليحسم الموقف الفلسطيني بالقول: " إنَّ شعبنا لن يسلِّم بواقع الاحتلال وممارساته غير الشرعية، وسيواصل نضاله للوصول إلى حقوقه في تقرير المصير، والبدائل أمام شعبنا مفتوحة بما فيها خيار العودة لحل يستند الى قرار التقسيم رقم 181 للعام 1947. 
وواصل الرئيس الاصرار على التوجه إلى محكمة العدل الدولية باعتبارها الهيئة الاعلى في القضاء الدولي لاتخاذ قرار واضح حول  عدم شرعية وجود الاحتلال على أراضي دولة فلسطين، والمسؤوليات المترتبة على الأمم المتحدة ودول العالم إزاء ذلك، لأن الاستعمار والأبار تهايد محظوران في القانون الدولي. 
إنَّ الرئيس محمود عباس واصل التحذير والتنبيه من موقع المجرِّب والمدرك لأبعاد ما يجري من الوقائع والتداعيات السلبية على أرض الواقع، خاصة التجاهل الصهيوني  والاميركي لمبدأ وقرار حل الدولتين، وتقويض هذا القرار حتى لا يرى النور، وحتى لا تتوافر أيةُ فرصة لتحقيق السلام والاستقرار إنطلاقاً من إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الاراضي الفلسطينية بعد إنهاء الاحتلال، وكان الرئيس محمود عباس حريصاً على التذكير بالجرائم المتراكمة والمدمرة لمستقبل شعبنا الذي يتطلع إلى الحرية، وذكَّر العالم بأنَّ هناك سبعة ملايين لاجئ فلسطيني إقتلعوا من أراضيهم، في العام 1948 فما هو مصيرهم؟  
و أيضاً في العام  1948، نهبت واستوطنت أراضيهم، وهدمت منازلهم لاقتلاعهم من أرض أجدادهم كوسيلة لقهرهم وكسر إرادتهم من خلال القهر والتشريد الجماعي، واعتقال الآلاف من النساء والمرضى والأطفال القُصَّر، إضافة إلى مواصلة الحصار لقطاع غزة، والقيام بعمليات الضم تحت مسميات مختلفة. 
وأضاف بأن الشعب الفلسطيني الذي طُرد أكثر من نصفه منذ العام 1948 من أراضيهم التي تم الاستيلاء عليها، علماً أن أهلها ظلوا يحملون معهم صكوك ملكية هذه الأراضي، وحق الفلسطينيين بالعودة استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية. 
(وبكل جدية وتصميم ينذر الرئيس سلطات الاحتلال الإسرائيلي بأن الجرائم التي يتم ارتكابها ضد شعبنا وأرضنا، لن توقف كفاح شعبنا من أجل تحقيق حريته واستقلاله على أرضه، وانَّ ما خلفه الاحتلال على أرضنا مآله إلى زوال طال الزمان أم قصر، ولن نسمح للمستوطنين وغيرهم من قتل حياتنا، وأحلامنا، وآمالنا، وطموحات شعبنا نيل الحرية  والاستقلال.) 
لقد كان سيادة الرئيس واضحاً في تحميل مسؤولية فشل كافة الجهود السابقة في إنصاف الشعب الفلسطيني إلى سياسات المجتمع الدولي، وهيئات الأمم المتحدة لأنها كانت عاجزة عن محاسبة ومساءلة الكيان الصهيوني المحتل لأرضنا، ولم تُقْدمِ على فرض العقوبات عليها. 
(وهذا على حد قول الرئيس جعلها تدعي بأنها دولة ديمقراطية، وأصبحت تتصرف كدولة فوق القانون. وبالمقابل فإن الرئيس أكَّد أكثر من مرة بأن القيادة الفلسطينية لن تتخلى عن أبناء شعبنا، وإنها ستواصل جهودها حتى إطلاق قيد جميع أسرانا في المعتقلات.) 
وبالتالي فإنَّ الرئيس كشف الوجه الآخر والأشد عنصرية وهو إصرار القيادة الصهيونية على معاقبة الجثامين بمنع تسليمها إلى أهلها، وعدم دفنها، وهذا ما يفسر الأحقاد الدفينة حتى بما يتعلق بالأموات الذين يصرُّ الاحتلال على تعذيب أهلهم، (والمماطلة في دفنهم، وهذا السلوك تتميَّز به الدولة العنصرية المحتلة للأراضي الفلسطينية.
إنَّ سيادة الرئيس حذَّر وأنذر الكيان الصهيوني وأمام دول العالم كافة، لأن الواقع لم يعد يُحتمل، وأن المزيد من الضغوطات سيولِّدُ الانفجار، وأَنِّ الشعب الفلسطيني يتميَّز برجولته، وحرصه على كرامته، وهو لا يقبل المذلة مهما كلَّفه ذلك من تضحيات وشهداء... ولصبرنا وصبر شعبنا حدود. 
سيادة الرئيس كان حاسماً في تحذيراته وإنذاراته، وأبلغ الجميع بلغة حادة ومنتقاة ومشحونة بالإصرار والايمان بأن الشعبَ الفلسطيني سيدافع عن وجوده وهويته، وليس من عادته أن يركع إلا لله، ولن يستسلم، واكثر من ذلك  فهو لن يرحل، وسيبقى على أرضه يدافعُ عنها، وعن مصيره كشعب، وهو أقسم بأنه سيواصل مسيرته العظيمة حتى إنهاء الاحتلال عن أرض دولة فلسطين وعاصمتها وهكذا قيادتنا، وهكذا نحن، وهذه أصالتنا، وأكَّد بالتالي أن هذه أرضنا، وهذه قدسنا، وهذه هويتنا الفلسطينية. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق