هل النموذج الطالباني ضروري للتخلص من الاستبداد

 

 ماهر الصديق

نقول بكل أسف بأن عملاء الغرب حكام الاستبداد في بلادنا لم يتركوا مجالا لقوى المعارضة

للمشاركة في الحكم او لتداول السلطة بشكل سلمي و ديمقراطي . كلما جرت انتخابات نزيهة

و جاءت النتائج على غير رغباتهم انقلبوا على تلك النتائج و استخدموا الجيش و الشرطة

و الحلول الامنية و فتحوا المعتقلات و نصبوا المشانق ، و فتكوا بالمعارضين و كمموا الافواه .

الشيئ الطبيعي الذي يقبله العقل السوي ان يذعن السياسيون لارادة الشعب و يقبلوا بمن اختارهم

دون اكراه او شراء ذمم ، و ان يتم تسليم السلطات فورا و بكل شفافية للجهة المختارة ، و ان يعمل

الجميع لانجاح عمل الادارة الجديدة خدمة للشعب و الامة . هذا الشيئ الذي تمارسه الديمقراطيات

في كل انحاء العالم ، لهذا لا نرى ازمات حقيقية لا في مجال السياسة و لا الاقتصاد و لا في اي

امر آخر . تُعطى الفرصة للادارة الجديدة لتطبيق خططها التنموية و الاجتماعية و السياسية حتى

نهاية فترتها القانونية . إذا اخفقت لن ينتخبها الشعب مرة اخرى و اما اذا حققت نجاحات فيكون

لها حظوظ قوية بالتجديد . الامر عندنا مختلف تماما ، لان مفاهيم الديمقراطية مختلفة ! 

الديمقراطية عندنا تتمثل بإبقاء الجهة الحاكمة على رأس السلطة بكافة مؤسساتها ، و لا يُمنع

من وجود بعض المعارضين في البرلمان او في الحكومة . و يتخلل الممارسة الديمقراطية

الكثير من التشوهات التي تنفي عنها كل المعاني الديمقراطية عدا الاسم . الديمقراطية عندنا

تمتزج بالمال و شراء الضمائر و بالتهديد و الطائفية و العشائرية و المناطقية و بالخداع

 و الوعود الكاذبة ، ربما لا يقرأ البرنامج الانتخابي احد من الناس ليفهم على اي اساس

ينتخب و ماذا يتحقق لو فاز هذا او ذاك ؟ الديمقراطية ممتزجة بالجهل و غياب المفاهيم

الصحيحة التي تُبنى على اساسها الاوطان و تتطور بها بها الشعوب و يتحقق بها التقدم .

لقد شوه المستبدون الديمقراطية و حالوا دون التغيير السلمي و حرموا الشعوب من حقوقهم

باختيار من يرونه اهلا للحكم . و لو ترك الامر للشعب و اختار فئة من الناس لانقلبوا

عليهم باستخدام ما في ايديهم من القوة ، هذا ما حصل في الجزائر و مصر و ليبيا و فلسطين

و تونس . لسان حال الاستبداد هو : الديمقراطية تعني اختياري و ليس اختيار غيري ، و الحرية

هي مفهومي و ليس المفهوم العام ، و السلطة ملكية خاصة لا تنبغي لاحد غيري . فماذا بقي

للمعارضة و للشعوب غير التمرد و الثورة ؟ هل تركوا لهم الا النموذج الطالباني ؟ لقد بلغ

العجز اعلى مستوياته في كافة بلداننا ، و الفساد لا يطاق ، و تستفحل الازمات على كافة

 المستويات ، و الشعوب تزداد افقارا ، و البلاد مرهونة للسياسات الخارجية ، و اصبحت

القصور الحاكمة تزدحم بوكلاء الصهاينة و الامريكان . فماذا تركوا للشعوب من هوامش

للطاعة و الخنوع و الاستسلام لاراداتهم ؟

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق