أزمات لبنان تنذر بتفاقم الأوضاع في المخيمات الفلسطينية

 

محمد شهابي

الأزمات التي كانت تخيف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، باتت حقيقة، فعلى الرغم من كلّ العقبات التي مرّ بها مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، خلال طوال فترة تواجدهم على أرض لبنان، إلا أنّ هذه الأوضاع وللمرّة الأولى تكاد تكون خانقة ولا تطاق حقًا.

أزمة متصاعدة نعصف بلبنان، على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والحياتية، بل وحتى الحرجية وسط اندلاع حرائق مرعبة في الشمال اللبناني، فيما لا حلّ حتى اليوم في الأفق، وسط تخبط سياسي هو الأكبر والأعنف منذ نشأة لبنان.

 3 مليون ليرة كلفة إشعال الضوء!

في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين (جنوب بيروت)، الأزمة تستعر، إذ حدد أصحاب المولدات في المخيم، على الرغم من عدم توصلهم لاتفاق مع اللجنة الشعبية في المخيم، تكلفة الاشتراك بخدمة المولد، 3 مليون مقابل الحصول على 5 أمبير فقط.

هذا الرقم الهائل، وغير المعقول، دفع بكثيرين إلى استنكاره وإثارة حالة من القلق والغليان داخل المخيم، فيما لا يكاد يتجاوز راتب اللاجئ الفلسطيني، -إن كان عاملا- حدود المليون ونصف ليرة كحد أقصى، فمن أين للاجئ بتحمل تكلفة الـ 3 مليون للحصول على الكهرباء فقط.

الناشطة الحقوقية، فاتن الزحمد، قالت في حديثها لـ "قدس برس"، إنّ "الأجواء داخل المخيم سيئة للغاية، خاصة أنّ مشكلة الكهرباء لا تزال قائمة، ولم يستطع المسؤولون الوصول إلى حل لها".

وأضافت الزحمد: "أصحاب المولدات يعانون من مشكلة حقيقية، إلا أنّ اللاجئ الفلسطيني هو الآخر ليس بيده حيلة، فمن من اللاجئين لديه القدرة على دفع مبلغ مثل هذا".

وأوضح الزحمد: "غالبية المنازل اليوم في المخيم بلا كهرباء، لعدم قدرة الأهالي على تحمل التكلفة، كثر منهم يبيتون لياليهم على الشرفات أو الأسطح؛ للهرب من حر الصيف".

وتابعت: "الأونروا اليوم مطالبة بإيجاد حل سريع للأزمة وتحمل مسؤولياتها، فيما على جميع المسؤولين العمل لإيجاد وقود يستطيع من خلاله أصحاب المولدات تأمين الكهرباء وبتكلفة معقولة".

يذكر أن مشغل مولد التيار الكهربائي الخاص "الأقصى"، أغلق مكتبه داخل مخيم برج البراجنة، بسبب الخسارة الكبيرة التي لحقت به، فيما كان مشغل موّلد "شاكر" قد أعلن توقفه عن العمل، إلا أنّ إعادة العمل بالتسعيرة الجديدة، قد أعادته عن قراره، ليلحق به مشغل موّلد "الدعبول" و"ربيع عودة" و"الهادي" و"البيتم"، بعد توافقهم على تسعيرة الـ 3 مليون مقابل 5 أمبير.

لا كهرباء في شاتيلا

مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين (جنوب بيروت)، شهد مساء أمس، مسيرة شموع، بعدما اجتاحت العتمة كافة منازله، عقب توقف خدمات المولدات الخاصة، عن إمداد منازل اللاجئين بالطاقة الكهربائية؛ لعدم توفر الوقود، و"التسعيرة" أيضًا هي على رأس المشكلة داخل المخيم، لتبلغ هذا الشهر مليون ليرة مقابل الـ 5 أمبير.

وتصف لاجئة فلسطينية من قاطني المخيم، أصحاب المولدات بأنهم "مافيا"، وأضافت: "لا أحد في المخيم يتحمل مسؤولية ما يجري، لا من جهة الفصائل أو حتى الأونروا، الكلّ قد تخلى عن المخيم، وتركوا الأمر للمافيا بأن يديروا العمل داخل المخيم، فيما لهذا المافياوي مسؤول يقف خلفه".

وأشارت اللاجئة، إلى أنّ "معلومات وصلتنا بأنّ بلدية الغبيري قد وزعت مادة المازوت على أصحاب المولدات في منطقتها، وأنّه كان من المفترض أن يستلم أصحاب المولدات في المخيم جزءًا من هذه المادة، إلا أنّ عدم التزامهم بتسعيرة البلدية التي تعتبر أرخص مما يتقاضونه من مشتركيهم، جعل البلدية تمتنع عن تزويدهم بالمادة".

وتابعت: "نتناقش اليوم كمجتمع فلسطيني ومؤسسات اجتماعية داخل المخيم، لتشكيل لجنة تدير الوضع الإغاثي والاجتماعي تكون مكونة من أشخاص أكفاء، وتكون بعيدة كلّ البعد عن الفصائل التي فشلت في إدارة هذا المخيم، وهي تتملص من وظيفتها وتتحمل مسؤولية ما وصل إليه المخيم من فساد وإهمال ومحسوبيات وظلم".

البرج الشمالي دون ماء

وإلى مخيم البرج الشمالي (جنوب لبنان)، إذ أدى فقدان مادة المازوت إلى إطفاء المولدات كذلك، ما انعكس على قدرة اللاجئين على تأمين مياه الخدمة، لتنقطع المياه عن المخيم بالكامل منذ نحو أسبوع.

مسؤول جمعية الحولة في مخيم البرج الشمالي، أبو وسيم جمعة، هاجم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، واتهمها بالتآمر على الشعب الفلسطيني، قائلًا "هل يعقل أن وكالة تتكون من 3 آلاف موظف مع ومستشارين وخبراء وأكاديميين، وأن نتفاجأ أنه لا يوجد لديها مادة مازوت مخزنة لمعالجة هذه المشكلة، وأنهم غير محطاطين لمثل هكذا أزمات".

وأضاف جمعة، في حديثه إلى "قدس برس"، "الواضح أنّ وكالة الأونروا تدفع بالناس إلى التخبط بعضها ببعض، وتدفعهم نحو الإنفلات، فيما هم يتفرجون على انهيارنا".

وتابع: "الحلول الترقيعية مرفوضة ودون أي جدوى، الناس تبحث عن حلول لإيجاد المياه وحدها ودون أي اكتراث من الفصائل أو وكالة الأونروا، وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلًا".

وحذر جمعة، من حدوث انفلات قريب في المخيم، "إذ بات اللاجئون يحاولون أخذ حقوقهم بأيديهم، فيما بات الوضع أصلًا لا يحتمل، وقد آن الأوان للناس أن ترفع صوتها، وإن لم يتحرك المسؤولون فنحن "سنحرق الأخضر واليابس، ولن نرحم أحدًا"، حسب قوله.

كذلك عقد اجتماع بين الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية والأهلية في مخيم برج الشمالي، مع رئيس بلدية البرج الشمالي، علي ذيب، لمناقشة انعكاسات الأزمة الاقتصادية والمعيشية وأزمة المحروقات على واقع المخيم.

ذيب، أكد أنه في حال توفرت مادة المازوت سيتم توزيعها بالتساوي مع أصحاب المولدات في نطاق عمل البلدية ضمن السعر الرسمي، على أن تشمل المخيم دون تفرقة.

عيادات بلا أطباء

من جهة أخرى، يعاني مخيّم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين (شمال لبنان)، من عدم توفّر أطباء في عيادة وكالة "أونروا" ما دفع المئات من الأهالي واللجان الشعبية إلى التحرك وإغلاق مبنى العيادة.

وعمدت اللجنة إلى إغلاق مبنى العيادة؛ لتفادي غضب الأهالي ومنعاً للقيام بأعمال غضب وعنف تجاهها، وذلك بسبب عدم ملء الوكالة للشواغر الناتجة عن تقاعد العديد من الأطباء والكوادر التابعة للوكالة، وهو أمر طالما طالب الأهالي واللجان بمعالجته، فيما لا يتوافر داخل العيادة اليوم غير طبيب واحد فقط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق