" فَمَالِ هَٰٓؤُلَآءِ ٱلْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا "

 


ماهر الصديق  

 

ربما التبس على زعماء بلادنا مفهوم المسؤولية . ربما اعتقدوا انهم في مراتب القداسة

التي لا يجوز المساس بها مهما ارتكبوا و تجاوزوا و تحامقوا و نهبوا و افقروا . ربما

        اعتقدوا انهم بمنأى عن المحاسبة و المراقبة و سوء العاقبة . و ربما ظنوا بأن حراسهم

و المنتفعين من اعوانهم و الدول الكبرى و الصغرى و الغنية و العدوة و الحاقدة و النووية

قادرون على حمايتهم من غضب الشعوب اذا ثارت و اصبحت على نقيض من انظمتها !

عليهم ان يفهموا انهم ليسوا مقدسين و ليسوا فوق القانون ،  و انهم محترمون و مقدرون ما

قاموا بمهامهم على اكمل وجه ، و اقاموا العدل و خدموا الشعوب كما ينبغي ، و إلا فانهم

مغتصبين للسلطات و يحكمون بقوة السلاح و بالقتل و التنكيل و الارغام ، و كل ذلك

يجعل سلطاتهم منقوصة و غير شرعية . عليهم ان يفهموا بان الحكم ليس تشريفا انما

تكليفا ، و انهم موظفون لدى الشعوب ، هذا في حال اختيارهم من شعوبهم ! و عندما

يتقاعسوا و لم يؤدوا الامانة ، و عندما ينتشر الفساد و المحسوبية و الرشوة ، و عندما

تصبح البلاد مزارع لهم و لعائلاتهم و لحواشيهم ، و عندما يقصروا في حماية الشعوب

و يمارسوا كل اصناف الظلم على شعوبهم و كل اصناف الخنوع لعدوهم ، عندها يفقدوا

الشرعية إلا شرعية البطش و القوة التي يشرعونها لانفسهم . العاقل من اذا كرهه شعبه

رحل و سجل على نفسه منقبة حتى لو لم تكن عنده مناقب ، لانه تدارك بان بقاءه يعني

دماء و تنكيل و دمار ، و انه باق ما بقيت قوة البطش ، و هذه قوة زائلة مهما طال اجلها .

الرئيس و الحاكم و الوزير و القاضي و المدير و المحافظ و المسؤول و كل من يتبوأ

منصبا حكوميا او غير حكومي لو كان يملك الحد الادنى من العقل لترك المنصب الثقيل

لغيره و خرج باقل الخسائر  التي سيسببها على نفسه و ضميره و على شعبه . خرج

و ارسى قاعدة طيبة ربما يحفظها له التاريخ ، و الا سيدخل في سجل الطغاة الى الابد و

ستتلطخ اياديه بالدماء . قال عزوجل : " إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ

 فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا " الاحزاب 72


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق