سألني سائل بجرأة الحريص المحتار



الحاج رفعت شناعة

كثيرون ينتقدون حركة فتح ويحملونها مسؤولية التراجع في الوضع الفلسطيني، فماذا تقولون؟
لا شك أن الوضع الفلسطيني تراجع بعد إلانقسام الذي حصل العام 2007، ودخلنا جميعاً في مرحلة سوداوية أضعفت كافة الفصائل، لأن الوحدة الوطنية ضُربت في العمق، وفُصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وهذا ما أعطى فرصةً ثمينة ونادرة للاحتلال الصهيوني كي يمزّق النسيجَ الداخلي الفلسطيني، ويعطِّل المسيرة الوطنية مع الكثير من الإرباكات، التي أوجدت نوعاً من الشلل والمعوِّقات الحادة.
وحتى اكون منطقياً في إجابتي فإنني لا أُنكر وجود هذا التراجع سواء في سلامة الأداء، أو في الممارسة الثورية المطلوبة في إطار الصراع ضد الاحتلال، أو في متانة وصلابة البنية التنظيمية، أو في الأداء إلاعلامي المطلوب لمواجهة الجبهة إلاعلامية المفتوحة ضد حركة فتح وقيادتها. وأنا لا أُريد الدخول في التفاصيل لأنَّ الشرح سيطول، ولكنني اكتفي بالقول:
إنَّ السبب الأهم في هذه العملية هو محاولة تجاهل النظام الداخلي، واللوائح الداخلية التي أقرَّتها المؤتمرات الحركية، والتي هي مُلزِمة لكافة الأطر بأن تطبقها بكاملها، وكما وردت في النص، دون مواربة.
وخلال هذا الأسبوع سيتم انعقاد مؤتمر الإقليم.
بعد أن عُقدت مؤتمرات المناطق في لبنان والمطلوب من كل منطقة أن تقيّم نتائج مؤتمرها، وهل هي مقنعة أم لا؟ وإذا كانت هناك نتائج سلبية، فالمطلوب من الإدارة التنظيمية أن تتفحص أوراق الامتحانات، حتى تحدد الثغرات ، وأسبابَها، وتضع العلاجَ المناسب للأخطاء التي ارتكبها الأعضاء، ثم ضرورة إجراء دورة سريعة للمعالجة، حتى نستطيع الخروج من الأزمة التنظيمية ونبدأ عملية الإصلاح بروية.
إن نجاح العملية التنظيمية والسلوكية يتوقف حقيقة على مصداقية وتعاون الاطراف في إنضاج العملية، وضرورة إجراء لقاءات تجمع بين المربين، والموجهين والسياسيين عندها يمكن أن نلزم الأعضاء بالتعلُّم، ونرفع المستوى الاخلاقي، بعد هذه الشراكة التربوية والثورية، ورفع مستوى الاداء السلوكي والوطني.
نحن هنا نسعى إلى توحيد التوجهات، وتبادل الثقافات، واختيار الوسائل والأساليب الناضجة من أجل استثمار الوقت المناسب، إضافة إلى الإلتزام بما يكرِّس هذه الروحية الأخوية والتربوية، لأن تنظيم حركة فتح هو جزء لا يتجزأ من المجتمع الذي ينبغي إصلاحه.
وعندما تعلن قيادة العمل التنظيمي عن تحديد تواريخ انعقاد المؤتمرات في المناطق، ثم ويوم الأحد القادم نحن على موعد مع انعقاد مؤتمر إقليم لبنان، وبالتالي على الجميع أن يتسلح تنظيمياً بالتقارير التي أعدها خلال تجربته التي مارسها وأن يضع النقاط على الحروف، وأن يتسلح بالحجج والبراهين المقنعة والموضوعية والمؤتمر وأعمالُه هي فرصة تتكرر كل سنتين أو كل ثلاث سنوات مرة، والمجال مفتوح للجميع ليعبِّر عن أفكاره، وعن اقتراحاته.
وفي هذه المؤتمرات يبرز الكادر المثقف، والقادر على إجراء التغيير بشكل مقنع، وبعيداً عن التهجمات، أو الإساءات. كما يبرز بعض الأخوة الذين يستعجلون الأمور وطيَّ الصفحات، وحرق المراحل دون الدخول في البحث المعمَّق، واستنتاج الخلاصات المدروسة. وهذا النوع من الأعضاء لا يهمة الخلاصات الفكرية والتنظيمية ، ولا يهمة التدقيق في المداخلات، وإنما المهم عنده أن تفوز الأسماء التي طلبت منه أن يدعمها وهم من أبناء العشيرة، أو العائلة أو الأسماء المصنَّفة من جماعة فلان أو فلان ، أو مناصرة المسؤول الفلاني لأنه لا يبخل على أصحابه.
وفي مثل هذه المؤتمرات نضعُ الجميعَ على المحك، فالكلام المدروس والموضوعي هو الذي يقنع الآخرين، وليس التهجم والتجريح.
إنَّ العبْءَ الأكبر في مثل هذه المؤتمرات يقع على عاتق الأخوة والأخوات الذين جاؤوا إلى المؤتمر ليس لمبايعة فلان أو فلان. وإنما للبحث عن الأوفياء لحركة فتح.
جاؤوا ليقولوا كلمة الحق، ورفض كل ما هو باطل، ومقاومة الحجة بالحجة ضمن النظام الداخلي وضوابطه.
إنَّ المؤتمر الذي نتحدث عنه هو الذي يتميّز بحرية الرأي، والانضباط من الجميع لدى رئاسة المؤتمر.
المؤتمر الذي نتحدث عنه هو فرصة ثمينة لأبناء حركة فتح ولشهداء فتح، ولأسرى هذه الحركة الرائدة، كلهم ينتظرون منا أن نكون على مستوى المسؤولية، وأن نمتلك الجرأة والشجاعة لحماية حركة فتح من الانتهازيين إذا وجدوا، ومن خلال دورنا الحكيم نستطيع أن نكون نحن المؤتمنين على أرضنا المباركة، وعلى شعبنا المجاهد والمقاتل والمؤتمنين على وصايا الشهداء.
ويسبق هذا كله وهو الأساس في المؤتمرات أن نكون مع الحق دائماً. والذي يكون مُستحقاً الإختيار يجب نُصرتُه علناً. ويجب منع عملية ممارسة الضغوطات على أيٍّ كان.
إذا أردنا أن نكون أوفياء لهذه الحركة علينا أن لا نسمح بالانتقام من فلان ضد فلان لأنه لم يلبِّ طلباته. ونأمل أن يكون الباب مفتوحاً أمام المظلوم لتقديم الشكوى، وهذا أمرٌ بالغ الأهمية، لأننا عندما نقرر عقد مؤتمر تنظيمي فالعنوان العريض له إجراء عملية النقد والنقد الذاتي، والاتفاق على خطط معالجة هذه الأخطاء، ووضع برامج الاصلاح المطلوبة.
أمَّا القضية الجوهرية التي تفرض نفسها على نتائج الانتخابات والتي يترتب عليها مواقف وردات فعل قد تعجب البعض، بينما لا تعجب البعض الآخر، وبالتالي هذه نتائج نهائية وليس من حق أحد أن يعترض إذا كان الجميع قد شارك بالترتيبات، ولم تتم أي عملية غش أو خداع.
واذا كان بعض الكوادر يعتبرُ أنَّ كل من وعده بأنه سينتخبه، وتخرج النتائج بعكس ما كان يتوقع، فعليه أن لا يغضب من النتائج، لأن الكثيرين لا يَصْدقون في وعودهم. ولذلك على الكادر أن يعمل ما يرضي ضميره، ويترك الباقي لله.
نذكِّر أن مؤتمر إقليم لبنان يجب أن يكون على مستوى تضحيات أبناء حركة فتح الطويلة من أجل الحفاظ على مصالح الحركة ومستقبلها، وأن يكون أعضاء المؤتمر أبناء وأتباع حركة فتح التاريخية الذين أسسوا التنظيم في لبنان، وهؤلاء القادة أمثال صخر حبش ، وأبو الهول، وراجي النجمي، وأبو شحتة، والحاج طلال، وزياد الأطرش واللائحة تطول. فمن سبقونا من قادة أدوا الأمانة بكل شرف، ولم يبيعوا أصواتهم ، وإنما كانوا يبحثون عن حركة فتح ياسر عرفات رمز الشعب الفلسطيني.
فلنستذكر هؤلاء العظماء الذين وهبوا أنفسهم لله، ولحركة فتح ولتحرير الأرض المباركة، وليس لإنشاء تكتلات لا تخدم الحركة، وإنما تخدم الأشخاص. علينا أن نستذكر هؤلاء المؤسسين بعد أن صنعوا المجد والعزة.
الوفاء لحركة فتح يكون دائماً بحماية تنظيمها، ونصرة مبادئها، ورفض كل ما من شأنه أن يفتت جسمها، لأنها العنوان الأصيل صاحب الجذور الوطنية.
وإنها لثورة حتى النصر
30/7/2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق