لا خيار سوى الانتصار



ماهر الصديق


الشيئ الطبيعي ان يبدو على وجه خالدة جرار الحزن ، أن تذرف الدموع و تغرق في

وصلة من البكاء . الطبيعي أن لا تتمالك نفسها ، و تنهار كما هو حال النساء

في مثل هذه الظروف ، عندما يفقدن عزيزا عليهن . انه امر مفهوم لو فعلته امرأة

من عوام الناس ، امرأة غير فلسطينية ، لكنه غير مفهوم في لغة الشموخ و التحدي

الذي تتمتع به المرأة الفلسطينية الصابرة الصامدة . انه تصرف غير شائع في الحالة

الفلسطينية ، لا سيما امام هذا العدو المجرم الذي يطمح ان يرى الفلسطيني خانعا

منكسرا . خالدة جرار لم ترد لهذا الصهيوني الذي يراقب تصرفاتها ان يراها الا في

حال القوة و الثبات و الصبر و المكابرة ، حتى و إن كان مصابها جلل . نعم يحزن

الفلسطيني عندما يفقد فلذة كبده ، عندما يحرم قسرا من ممارسة انسانيته . عندما لا

يتمكن من القاء النظرة الاخيرة على فقيده ، و لا يشارك في الجنازة ، و لا  يتقبل

   العزاء . انه يحزن عندما لم يجد من يواسيه في محنته ، عندما يكون في زنزانة

بعيدا عن الاحبة ، في وقت هو في امس الحاجة لمن يقف معه . لكنه لا يقبل على

نفسه ان يقدم هدية لعدوه ، ان يجعل العدو يشعر بالانتصار ، او ان يراه في حالة

ضعف حتى و هو في الاسر . هذا بالضبط ما ارادته الاسيرة الفلسطينية خالدة جرار .

ارادت ان تقهر العدو حتى في ادق الساعات و اكثرها ايلاما . حبست دموعها و

حزنها ، ابتسمت و سخرت من هذه الجبان الذي يكبل يديها ، ارادت ان تقول له

انت ايها الافاق القادم من خلف المحيطات ، قدرت بالقوة على أسري ، قدرت

ان تحجز حريتي لكنك لم و لن تتمكن من كسر ارادتي ، انك ايها الصهيوني المجرم

لن تنتصر علي ، فأنا فلسطينية لا تثني عزيمتي المصائب ، و لن تحطم ارادتي

الصعاب ، انت ايها الصهيوني لن تحقق في وطني الا الخيبة و الهزيمة ، و ان

نصرنا اصبح قريب ، اقرب مما تظن ، ان النصر قاب قوسين او ادنى .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق