أنشطة ترفيهية للأطفال في مخيم عين الحلوة

 

العربي الجديد: انتصار الدّنّان
29-07-2021
حرم تفشّي فيروس كورونا الجديد في لبنان، كما في بقية دول العالم، الأطفال من الذهاب إلى المدارس ولقاء زملائهم واللعب معهم، لتنحصر حياتهم في مساحة ضيّقة هي المنزل، حيث يدرسون ويلعبون ويأكلون وينامون. أمرٌ كان له تأثير كبير عليهم بسبب عدم قدرتهم على إفراغِ طاقتهم واللعب والتواصل مع الآخرين. وفاقم الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه لبنان معاناة هؤلاء الصغار كما الكبا،ر سواء في المخيمات الفلسطينية أو خارجها، وقد بات الأهل عاجزين عن تأمين وسائل الترفيه لهم.
في هذا الإطار، تقول منسّقة البرامج النفسية في منظمة "زيتونة" غير الحكومية لإغاثة ودعم اللاجئين في لبنان، في مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، رشا ميعاري، إنه "لا ذنب للأطفال بما يدور حولهم. لذلك، ارتأينا تنظيم أنشطة ترفيهية خلال شهر ونصف الشهر من العطلة الصيفية في مركز الجمعية، تهدف إلى دعم الأطفال نفسياً بالدرجة الأولى، وجسدياً وتعليمياً".

تتابع: "في كل عام، نهتم بتفعيل نشاطات في إطار برنامج الدعم النفسي للأطفال، وتحديداً خلال العطلة الصيفية، وقد استهدفنا هذا العام 95 تلميذاً وتلميذة تراوح أعمارهم ما بين خمس سنوات وثماني عشرة سنة". وتشرح أن "الأنشطة متنوعة، منها قراءة القصص وبعض الألعاب الرياضية والترفيهية، كالغناء والعزف والاستماع إلى الموسيقى، والرسم، ومشاهدة الرسوم المتحركة". وتوضح أنّ "القائمين على الأنشطة يحرصون على ربط الألعاب بحياة الطفل اليومية. وبعد الانتهاء من كل لعبة، نناقشها مع الأطفال. ومن خلال المناقشة، يستطيع الطفل التعبير عن نفسه وعن مشاعره".
تضيف أن "هذه الأنشطة التي يقوم بها الأطفال تساعدهم على تفريغ الطاقة الموجودة لديهم، كجزء من عملية الدعم النفسي للأطفال، وإخراج كل ما هو سلبي بداخلهم". تتابع: "خلال الدورة، نكتشف مواهب الأطفال في الرسم والرقص والغناء وحتى الكتابة وغير ذلك".
توضح ميعاري أن "رسم الاشتراك في الدورة شبه مجاني، ونستهدف كافة الجنسيات". وتعزو سبب الإقبال على الدورة الصيفيّة إلى حاجة الأولاد أولاً إلى الترويح عن أنفسهم، بعد عام دراسي صعب، وعدم قدرة الأهل على إرسال أولادهم إلى النوادي الخاصة في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، بسبب كلفتها المرتفعة، بالإضافة إلى ارتفاع بدل النقل بسبب انقطاع مادة الوقود وارتفاع سعره. أما في المخيم، فلا يحتاج الطفل إلى بدل نقل. كما أنّنا لا نطلب منهم شراء أي شيء ،سواء للرسم أو التلوين وغيرها من الأمور".
وفي ما يتعلق بالرحلات خارج المخيم، فتقول: "بات الأمر صعباً. خلال السنوات الماضية، كنا ننظّم رحلات للأطفال إلى خارج المخيم، سواء إلى المتنزهات في الجنوب اللبناني، أو إلى مدينة الملاهي في صيدا. لكن بسبب الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار بدلات النقل، بالإضافة إلى الوضع الأمني، اكتفينا بأن نأخذهم إلى الملاهي في المخيم، وفيها ألعاب مختلفة يرغب بها الطفل". تضيف: "نحاول إسعاد الأطفال بالقدر الذي نستطيع، ونعمل مع متطوعات في هذه الدورة الصيفية".
من جهته، يقول رهيف ميعاري (11 عاماً)، الذي يتحدّر من قرية عكبرة الواقعة في شمال فلسطين في الجليل الأعلى على مقربة من صفد، ويقيم في مخيم عين الحلوة، إنه قرر الالتحاق بالدورة الصيفية للقاء أصدقائه وممارسة بعض الأنشطة معهم بدلاً من البقاء في البيت. "هنا نلعب ونمرح، وهذا يشعرني بالسعادة. كما أن المكان قريب من بيتي، ما يعني أنني لست في حاجة إلى بدل مواصلات". يضيف أن الأنشطة متنوعة ما بين رياضية، ككرة القدم أو كرة السلة، بالإضافة إلى الرسم والأشغال اليدوية.
أما هلا علي (11 عاماً)، والتي تتحدّر من مدينة صفد، فتقول: "آتي إلى هنا للقاء أصدقائي. كما أن النشاطات التي نقوم بها تشعرني بالسعادة. قبل تفشي فيروس كورونا، كنت أذهب مع عائلتي ورفاقي إلى مدينة الملاهي في صيدا، إلا أنها أغلقت بعد تفشي الوباء". كما تذكر أن والديها كانا يصطحبانها مع أشقائها إلى أحد المسابح في بلدة القاسمية الساحلية القريبة من مدينة صور (جنوب لبنان)، "لكننا لم نعد نستطيع الذهاب إلى أي مكان بسبب تفشي كورونا والغلاء الفاحش. من هنا، قررت الالتحاق بالدورة. أنا سعيدة هنا. أقرأ قصصاً جميلة وأتعلم أموراً جديدة. كما أراجع المواد الأساسية لأكون مستعدة للعام الدراسي الجديد. ولا أنسى اللعب".
إلى ذلك، تقول المتطوعة ملفانا الشولي، التي تتحدّر من قرية الشيخ داوود في فلسطين، والتي تقيم على مقربة من مخيم عين الحلوة: "أردتُ التطوّع بهدف الترفيه عن الأطفال الذين لا يستطيعون الخروج من المخيّم لممارسة نشاطات في النوادي الموجودة في المدينة، أو الذهاب إلى المسابح والملاهي خارج المخيم بسبب ارتفاع الأسعار، وتأمين اشتراكات تلك الأندية التي لا يستطيع أطفالنا تأمين بدلاتها، وارتفاع بدلات النقل. كما أن دورة الأنشطة التي تستمر مدة شهر ونصف الشهر مجانية، لذلك يستطيع الأطفال الالتحاق بها، وجميع الأطفال الذين التحقوا بالدورة هم من سكان مخيم عين الحلوة، أي أنّهم لا يتكلفون عناء التنقل والبدل المادي غير العشرة آلاف ليرة لبنانية (نحو نصف دولار بحسب سعر صرف السوق السوداء)، التي هي رسم اشتراك بالدورة".
تابع: "نتولى تسلية الأطفال من خلال ممارسة الألعاب والأنشطة الرياضية والرسم ومشاهدة الأفلام وقراءة القصص". وتقول: "هناك إقبال كبير من قبل الأطفال على الالتحاق بالدورة، ويعود السبب إلى أنها أتاحت لهم الترفيه عن أنفسهم، بعدما حرمهم الوباء والوضع الاقتصادي الصعب وارتفاع أسعار النقل من الذهاب إلى الأندية والمسابح والملاهي خارج المخيم".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق