ماهر
الصديق
السياسة
بمفهومها العام هي فن الممكن ، و بلوغ الاهداف بأقل الخسائر و افضل المكاسب . أما
السياسة
بالنسبة لحركات المقاومة فإنها تتمثل بإرضاء الجماهير التي تؤيدها تأييدا خالصا
لاقصى
الحدود
و تدافع عنها بإستماتة و تراها المثل الاعلى ، لانها شرف و كرامة . و انها بالنسبة لهم
فوق
الحكومات و الاحزاب ، و أهم من كل رجال السياسة و السياسيين . و المقاومة بالنسبة
للأنظمة
هي منفعة تمكنها من تحسين صورتها القبيحة امام الشعوب و تغطي عيوبها و إذلالها
لشعوبها
تحت شعارات وطنية و قومية و إنسانية و أخلاقية ، بينما هي في حقيقتها تقوم بكل
أشكال
القمع و التنكيل ، و تتماهى مع العدو الصهيوني بشكل مباشر او غير مباشر . إن
المقاومة
في
أوضاع لا تحسد عليها من بعض الجوانب ، فهي تريد ان تُبقي هامشا للحركة و ممر مفتوح
لها و
دعم يمكنها من الاستمرار و التطوير لقدراتها و مجال يجعلها قادرة على فتح ثغرات
في
جدران الحصار المفروض عليها و على انصارها
و على الشعب الفلسطيني ، و هذا
لن
يكون الا بسياسة حكيمة لا تغضب الانظمة المستبدة و المناوئة ، و كذلك الانظمة التي
لها
اهداف بعيدة و مصالح اقليمية لا تخفى على احد ، و في نفس الوقت لا تخسر نفسها
و
مواقفها المبدئية و الاخلاقية و لا تخسر الدعم المعنوي اللامحدود من الشعوب
العربية
و
الاسلامية . إن تلك الانظمة تريد ان تستدرج المقاومة للحديث بإيجابية عنها ، و
وسائل
الاعلام
المغرضة جاهزة لابراز أية هفوة او سقطة و تسليط الضوء عليها و ذلك لتشويه
صورة
المقاومة و زعزعة علاقتها العضوية العميقة مع الشعوب التي تمثل قاعدتها الحقيقية .
انهم
يريدون من قادة المقاومة ان يقولوا أشياء تستفز شعوب المنطقة المقهورة و التي عانت
و
تعاني من الاستبداد و الطغيان ، و لهذا فإن أي تصريح ينسب لمسؤول محسوب على
المقاومة
يجب ان
يأخذ بالحسبان تلك الاعتبارات التي تلهب مشاعر الشارع العربي و الاسلامي الذي
يمثل
السند الحقيقي للمقاومة . يجب على من يصرّح ان يتمتع باعلى درجة من الدبلوماسية
و ان
يتنبه لأسئلة الصحفيين و رجال الاعلام الذين يريدون الايقاع بالمقاومة و إيجاد
فجوة
بينها
و بين الامة . إن التصريحات التي تكون عمومية هي أقل ضررا من التصريحات
التي
تخصص دولا و افرادا ، كالقول : نشكر كل من يقدم لنا الدعم . ان قضية فلسطين
هي
قضية العرب و المسلمين . نشكر الرؤساء و الامراء و السياسيين و رجال الاعمال
الذين
وقفوا الى جانبنا . هذه تصريحات لا يمكن ان تؤثر على مشاعر الشعوب العربية
و
الاسلامية . و الشعوب عموما تتفهم حساسية الظروف و التعقيدات و الصعوبات القاهرة
التي
تعاني منها المقاومة ، و أن المقاومة محاصرة من الشقيق قبل العدو ، و ان بعض العرب
يعتبرونها
ارهابية و يساعدون الصهاينة من اجل القضاء عليها و على قضية الشعب الفلسطيني .
لكن
المقاومة لا يمكن ان تقدم مادة يستغلها هؤلاء المطبعون و العملاء و عشاق الصهاينة
.
انهم
يريدون ان يلصقوا بالمقاومة ما ليس فيها كالتشكيك بسلامة عقيدتها ، و وصمها
بالتبعية
لهذه
الجهة او تلك ، و الاستفادة من التصريحات غير المدروسة لإقامة سد بين المقاومة و
بين
جماهيرها
العارمة من المحيط الى الخليج ، بل و في كل اصقاع العالم . ان الانجازات العظيمة
التي
حققتها المقاومة و التراكمات الكفاحية التي جعلتها في أسمى مقام لدى شعوب الامة .
و شعور
الامة
بان الامل الوحيد لخلاصها و تحررها و تحرير الارض المحتلة من رجس الصهاينة لا يمكن
ان
يتحقق الا بالمقاومة العاقلة المبدعة المصنعة العاملة بجد و النظيفة بعقيدتها و
ممارساتها .
هذه
الانجازات يجب الحفاظ عليها ، و يجب منع تشويهها بسقطات و تصريحات ، يعرف
الجميع
انها لا تقصد إثارة مشاعر الجماهير العربية و الاسلامية ، و انما لمقتضيات سياسية
و
لظروف معقدة ، لكنها تُستغل استغلالا رخيصا لتشويه انتصارات المقاومة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق