مشكلة فردية تتحوّل إلى اشتباك مسلح يستمر لأكثر من 10 ساعات في مخيّم الرّشيدية

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين / لمى ابو خروب
اندلع اشتباك مسلّح منذ الساعة الثالثة فجرَ اليوم الأحد 6 حزيران/يونيو، في مخيّم الرشيدية في مدينة صور جنوب لبنان، استمر لأكثر من 10 ساعات متواصلة، بعدها أخذ إطلاق الرصاص شكلًا متقطّعًا،  إلى أن ساد الهدوء الحذر على المخيّم الجديد، منذ ساعتين، في ظلّ غياب تامّ للفصائل، ليعود الاشتباك من جديد بعد الهدنة.
وأفادت مصادر لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنّ الإشتباك بالأصل هو مشكلة فردية بين أحد أقارب المدعو حسين الزيني والمدعو أحمد السيد، أدى إلى مقتل السيّد، وتحوّل بعدها إلى اشتباك مسلّح، تم فيه محاصرة منزل الزيني، من قبل أصحاب السيد، لاتهامهم الزيني بتنفيذ القتل، بينما ينفي الآخر الاتهام عنه.
وبعد محاصرته، فتح الزيني ذخيرته، الثقيلة وشنّ اشتباكاً من منزله، اتّخذ خلاله أفراد من عائلته أدرعًا بشرية، وسط إطلاق كثيف وإلقاء قنابل في محاولة لإلقاء القبض عليه، ورفض بذلك تسليم نفسه، رغم المفاوضات التي حصلت بعدها، وما زال الشباب المسلّحون مصرّين على قتل الزيني متى ما خرج من منزله.
وأدى الاشتباك إلى سقوط 8 جرحى حتى اللحظة، اثنان منهما في حالة خطرة، بينهم أفراد من عائلة الزيني، وإلى حالة نزوح كبيرة في حيّ منزل الزيني، أثناء محاصرته. وكانت سيارت وفريق الدفاع المدني الفلسطيني فرع مخيّم برج الشمالي المجاور قد توجّهت إلى مخيّم الرشيدية للمساعدة في نقل الجرحى ودعم الفرق الطبيّة الموجودة في الاشتباك.
وقبل لحظات وردت لموقعنا معلومات بحرق منزل الزيني وسط إطلاق كثيف للنار في المكان. 
WhatsApp Image 2021-06-06 at 7.07.02 PM.jpeg

دمار وخراب ورعب وتضرّر بيوت وسيارات ومحلات تجارية
واستُخدم في الاشتباك، الذي أدى إلى تضرر العديد من البيوت والسيارات والمحلات التجارية، رصاص كثيف وأسلحة متوسطة ورصاص قنص وقنابل وقذائف آر بي جي، حتى وصف البعض المخيم اليوم بـ "ساحة حرب".
تقول إحدى اللاجئات في المخيّم، ه.ر ل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّ أصوات الاشتباكات غطّت صوت آذان الفجر، وأنّهم لم يستطيعوا النوم طوال الليل بسبب أصوات القذائف، وتقول أخرى، موجودة في نفس الحي، "شارعنا أشبه بساحة حرب، بيوتنا تهتزّ من القنابل والقذائف، والرصاص لم يهدأ منذ الساعة الثالثة صباحًا.. ليلة دموية بامتياز"، مضيفة: "تلفت أعصابنا على الآخر، الدار عنا صارت مليئة بالرصاص، والشبابيك راحت"، مشيرةً إلى أنّها وعائلتها في المنزل محاصرون، ولا يستطيعون الخروج من الغرفة حتى، بسبب تسلّق أحد المسلحين سطح منزلهم والبدء بإطلاق النار من هناك.
وأكّدت اللاجئة أنّ بعض المسلّحين صعدوا إلى بيوت الأهالي وخلعوا الأبواب للوصول إلى الأسطح، متمنيةً بذلك عدم تضرر المحل التجاري الذي يمتلكه والدها "لأن إذا المحل صرله شي رزقنا كله بروح" حسب قولها، ومشيرةً إلى تكسير وتدمير عددًا من المنازل، تحديدًا تلك الموجودة في ذات الحيّ، وإلى تضرر دكان ومحل "مكياج" ومشتل لعائلة واحدة بالكامل.
وأنهت حديثها قائلةً: "دايمًا بصير في اشتباكات بس ولا مرة كان متل هيك، هاد الشخص من يوم يومه عامل عصابة وتجارة مخدرات".
الزيني "تاجر مخدرات" بحسب شهادات من أهالي المخيّم
وروت لاجئة أخرى من المخيّم، ل.م لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" تفاصيل الاشتباك، وأشارت بذلك إلى أنّ المتّهم بالقتل، المدعو زيني، "هو بالأساس تاجر مخدّرات، وظلّ في السجون اللبنانية فترة طويلة، إلّا أنّ ذخيرة الأسلحة التي يمتلكها مخيفة"، حسب قولها. وأضافت أنّ التوتر يسود المكان، والأهالي خائفون ومرعوبون، وبعض البيوت تضررت، قائلةً: "أنا ما شفت هيك اشتباك في المخيّم من قبل مطلقًا".
كما أشارت إلى منع التجوّل الذي يسود الحيّ وإلى تهديدات الزيني الذي كان يهدد إذا ما تمّ التعرض له بتفجير الحيّ بالكامل، بأنابيب غاز.
القوة الأمنية غائبة عن موقع الاشتباك
إلّا أنّ لاجئاً آخراً من المخيّم كان موجودًا في موقع الاشتباك، ع.ق أكّد ل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنّ أنابيب الغاز التي كان الزيني يهدد بتفجير الحيّ بها تم إزالتها، مشيرًا إلى عدم وجود أيّ فرد من القوة الأمنية في موقع الاشتباك، وأنّ المسلّح يرفض تسليم نفسه رغم إصابة أحد الأفراد الذين يتّخذهم كأدرع بشريّة.
 وأضاف أنّ الوضع متوتّر جداً وأن الجميع في المكان يريد قتل الزيني والفصائل الفلسطينية السياسية ترفض التدخّل.
وقال م.ج  لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، وهو أحد اللاجئين الموجودين الآن في موقع الاشتباك أيضًا، أنّ الزيني لم يتمم السنة خارج السجن، وهو تاجر سلاح، وأنّه "من يوم مطلع من الحبس ما هدي"، وأنّ الأمن الوطني قدم من  مخيّم عين الحلوة في مدينة صيدا، من أجل حل المشكلة، إلّا أن الطرف الأول رافض أن يسلم نفسه والطرف الآخر مصرّ على قتل الطرف الأول.
الفصائل الفلسطينية غائبة عن المشهد
أكّد جميع الذين تواصل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" معهم في مخيّم الرشيدية إلى غياب تام لدور الفصائل السياسية الفلسطينية، والقوة الأمنية والمشايخ والتنظيمات في المخيّم. وعبّرت اللاجئة ح.ع عبر صفحتها "على انستغرام" عن غياب دور الفصائل السياسية قائلةً: "المسلّحون يجوبون الشوارع كأنّها ملك أبيهم والفصائل الفلسطينية غائبة عن المشهد... اشتباكات، حرب عصابات، زعران ببعضهم، سمّوها كما تريديون، لا بدّ أن تنتهي وأن ينتهي معها عصر الزّعيم وكلّ من مثّله".

وبينما عبّر البعض عن حالة الرعب التي يعيشوها بسبب التوتّر الأمني الحاصل بالمخيّم، وناشد البعض الآخر من الأهالي الفصائل الفلسطينية للتدخّل، استخدم البعض الآخر مجموعات "واتساب" حاولوا خلالها التعبير ونقد فشل الفصائل السياسية بإدارة مخيّم الرشيدية. حيث جاءت إحدى الانتقادات بتعبير: "الفصائل الفلسطينية في مخيم الرشيدية اليوم أثبتت فشلها وحتى تُعيد ماء وجهها، عليها ان تقوم بما هو واجبٌ عليها من إعادة الأمن والأمان وحفظه داخل المخيم والتعامل مع المخلّين بأمنه".
 كما جاءت أخرى بتعبير: "إذا لم يتم اتخاذ حلّ لما يحدث في مخيم الرشيدية، فجميع الفصائل و القوى و الأحزاب و الحركات متّهمة في المشاركة في هذا الفساد أمام الرأي العام."

 وكان الناشط الفلسطيني، من مخيّم الرشيدية، أحمد فاعور، قد ناشد في رسالة مطوّلة نشرها على صفحته عبر "فيسبوك"، ناشد فيها، مسؤولي فصائل منظمة التحرير وقوة التحالف الوطنية والإسلامية، كلّ بصفته واسمه، بدءاً من سفير السلطة الفلسطينية في لبنان، أشرف دبّور، بتحمّل مسؤولياتهم تجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، مؤكّدًا أنّه من حقه وحق كل لاجىء أن يسائلهم طالما أنّهم مسؤولون، وأنّه من أولى مسؤولياتهم في هذا البلد هي حماية وجود اللاجئين "وتعزيز صمودهم"، وهذا ما ينالون عليه شرعيّتهم، ومراكزهم، وما يترتب عليها من رواتب وامتيازات وإمكانيات مادية وبشرية.
وحمّلهم فاعور كافّة الظروف التي يعيشها اللاجئون في المخيّمات الفلسطينية، وطالبهم بالعمل الجاد الفوري لإدارة الأمن في مخيّم الرشيدية وباقي المخيّمات، والعمل على إيجاد آليات تساهم في حفظ أمن وكرامة الأهالي، والحدّ من تكرار الخروقات والمشاكل الأمنية ومن يتسبّب بها وما يترتّب عليها.
وكان فاعور قد تعرّض في 27 أيّار/مايو، الشهر الفائت، إلى إلقاء قنبلة صوتية في حديقة منزل والدته، التي تبلغ من العمر 71 عامًا، والواقع في حيّ نحف. وقام بعدها بزيارة مسؤول قوّات الأمن الوطني في الرشيدية، غسّان عوض "أبو رامي بحرية"، إلى أنّه أخبره "أنّه عاجز عن القيام بأي خطوة ذلك لأنه لا يحظى بأي غطاء أمني أو سياسي لا من الفصائل الفلسطينية ولا من أجهزة أو مؤسسات الدولة اللبنانية المختّصة".
وذكر فاعور في رسالته الحوادث والخروقات الأمنية التي حصلت وقام بتسجيلها منذ ذلك التاريخ، وتتضمن هذه الحوادث، خلال أقل من عشر أيام، إلقاء قنابل صوتية وسرقة محلّات تجارية، وإطلاق رشقت ناريّة.
الفصائل السياسية ماذا ترد على الانتقادات الموجهة ضدها؟
حاولنا في "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" الاتّصال بمسؤول القوة الأمنية الفلسطينية في الرشيدية، إلى أنه لم يرد على الاتصال.
وأفاد أحد أعضاء اللجنة الشعبية في المخيم، ابراهيم أبو الدهب، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنّ المشكلة فردية والفصائل تعمل على حلّها، بطريقة توقف فيها سفك الدماء، وسوف تقوم بإصدار بيان في هذا الخصوص، مؤكّدًا عدم وجود أي من الفصائل الفلسطينية في موقع الاشتباك ورافضًا أن يعطي أي تفصيل عن طرق الحلّ. وكانت معلومات قد أفادتنا عن وصول مسؤول الأمن الوطني في مخيّم عين الحلوة، اللواء صبحي أبو عرب، إلى مخيّم الرشيدية، وحاولنا التواصل معه إلى أنه لم يجيبنا لكننا استطعنا التأكد من وجوده في الرشيدية وفي اجتماع لحلّ الأزمة. إلا أنّه حتى اللحظة لا حلول ولا أي خيوط للحلّ. وتشير مصادرنا أيضًا إلى تجدد الاشتباك بين الحين والآخر.
 أخبار غير دقيقة عبر وسائل الإعلام العربية
أشار فاعور في رسالته إلى سنين من الظلم والتمييز والحرمان الذي يعيشه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وعلى إثر ذلك، تابعنا في "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" الأحداث في مخيّم الرشيدية بدقّة وتخوّف من نقل أي معلومة خاطئة. إلّا أنه ومن خلال ملاحظتنا تبيّن أن عدداً من وسائل الإعلامية اللبنانية وغيرها، يتسارعون لنقل أخبار غير متأكدين من صحتها. فقد نقلت الوكالة اللبنانية للإعلام مثًلا، خبر "اشتباك بين الفصائل الفلسطينية في الرشيدية" وهو خبر عار من الصحة، وقد يؤدي إلى إثارة النعرات ومهاجمة المخيّمات الفلسطينية من قبل الأصوات "العنصرية" المجاورة، بحسب ما ينقل الناشطون عبر الهاتف.
تقول اللاجئة ح.ع من مخيّم الرشيدية ل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، في هذا الصدد، وبعد تعبيرها عن إستيائها من نقل أخبار مغلوطة أنّها لم تتفاجىء أبدًا أنّ بعض المواقع تنقل أخبارًا بمعلومات قليلة ومبهمة وسطحية، مشيرةً إلى استغرابها ادّعائهم امتلاك الأخبار والمعلومات في الوقت الذي يُصعب فيه على أهل المخيّم أنفسهم معرفة ما يجري بالظبط، وأضافت أن الإعلام اللبناني لا يأخذ في عين الاعتبار الأهالي السلميين ومعاناتهم عندما يتحدث عن سلاح المخيّمات، وأشارت إلى روايات متضاربة يتم تداولها، وإشاعات وخلبطات، مؤكّدةً أنّ حياتهم في المخيّم والرعب الذي يعيشونه ليسا محورًا للسباقات الصحفية.


7-6.jpg
7-5.jpg
7-4.jpg

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق