اللاجئون الفلسطينيون في لبنان أمام اقتراب كارثة رفع الدعم ..ماذا بجعبة "أونروا"؟

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين / لمى أبو خرّوب

يقترب رفع الدعم عن المواد الأساسية المستوردة في السوق اللبناني من الدخول إلى حيّز التنفيذ، حسبما أبلغ حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، المعنيين في الحكومة اللبنانية، عن عدم إمكانية الاستمرار في الدعم لما بعد أواخر شهر أيّار/مايو، الجاري.
وفي الوقت نفسه، وحسبما أعلن وزيرالمالية في حكومة تصريف الأعمال، غازي وزني، أنّ خطّة ترشيد الدعم عن المواد الأساسيّة ما زالت غير واضحة المعالم، وذلك مع توقّع نفاذ أموال الاحتياط الأجنبي من مصرف لبنان. في حين سيعزز رفع الدعم عن المواد الأساسيّة،الأزمة الاقتصادية التي يعيشها جميع المقيمين في لبنان، فكيف ممكن أن يكون وضع اللاجئين الفلسطينيين في حال رفع الدعم ومن يتحمّل مسؤوليتهم؟
 "في حال تمّ رفع الدعم سيكون الشعب الفلسطيني في لبنان أمام كارثة حقيقيّة"
 
تُشبه معاناة الفلسطينيين في لبنان معاناة المواطنين اللبنانيين اليوم في ظلّ انهيار الاقتصاد اللبناني وتدهور قيمة العملة الوطنيّة مقابل الدولار الأمريكي، وغلاء المعيشة وفقدان القدرة الشرائية، إلّا أن دائرة معاناة اللاجئين أوسع لأنهم من الأساس محرومون من حقوقهم الاقتصاديّة والاجتماعيّة والمدنيّة والسياسيّة، بما فيها حرمانهم من حق العمل.
"في حال تمّ رفع الدعم سيكون الشعب الفلسطيني في لبنان أمام كارثة حقيقيّة"، يقول مشرف الأبحاث في مركز الزيتونة للدراسات وائل سعيد، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، ويضيف أنّ نسبة التضخّم قد تخطّت 400% وأنّ الأسعار سوف ترتفع ما يقارب 7 أضعاف، حسب الفروقات بين سعر الليرة اللبنانية وسعر الدولار الأمريكي. ممّا يعني أن كلّ فرد سيصبح بحاجة إلى أضعاف مدخوله، من أجل تأمين أساسيّات الحياة فقط.
 ويتزامن ذلك مع ارتفاع في نسبة البطالة بين صفوف اللاجئين الفلسطينيين، بما فيها الارتفاع الملحوظ في نسبة البطالة بين الخرّيجين والمتعلمين من المجتمع الفلسطيني في لبنان، وتتخطّى هذه النسبة، رغم تفاوت أرقام الإحصائيّات، 50%، حسبما أضاف.  
" الدولة اللبنانية معنية بطريقة أو بأخرى بتوفير معيشة كريمة للاجئ الفلسطيني الذي بإمكانه أن يكون جزء من الحل"
 
ويؤكّد سعيد في هذا الإطار،  على تحمّل كافة المعنيين مسؤولياتهم تجاه اللاجئين، بما فيهم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بصفتها المسؤول الأول عن اللاجئين، ومنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، والدولة اللبنانية وذلك استنادًا إلى "البروتوكول" الذي تم الاتّفاق عليه في الدار البيضاء، والذي ينصّ على معاملة الفلسطيني في لبنان معاملة المواطن في كافّة الحقوق باستثناء السياسية منها والحق في إعطاء الجنسية.
واشار سعيد، إلى ضرورة مراعاة الدولة اللبنانية، أنّ الشعب الفلسطيني موجود على أراضيها وهي معنيّة بطريقة أو بأخرى بتأمين جانب من الحياة الكريمة للاجىء الفلسطيني. مُضيفاً أنّ الفلسطيني في لبنان، بإمكانه فعليًا أن يكون جزءً من الحلّ وليس المشكلة، وذلك إذا ما تمّ إعطاءه جانب من حقوقه المدنيّة كحقّ التملّك مثلًا الذي يسمح بإدخال أموال إلى خزينة الدولة.
"إنّ الدولة اللبنانية سوف ترفع الدعم وسوف تقوم بتوفير بطاقات تموينية للبنانيين، وما يُقارب الـ 200 ألف فلسطيني سيعانون معاناة دراماتيكيّة."
 
وتابع سعيد، أنّ هناك قضايا أخرى يستفيد منها لبنان ومنها ادخال عائدات والمساهمة الفلسطينية في عجلة الاقتصاد، وفي موضوع العمل يمكن للبنان إذا ما عامل العامل الفلسطيني إسوةً بالمواطن اللبناني أن يجلب استثمارت فلسطينية من المغتربين، وفق قوله.
ولفت سعيد إلى ضرورة أن تتحمل مؤسسات المجتمع الدولي كامل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه اللاجئين في لبنان، وذلك لما للمجتمع الدولي من دور وسبب تاريخي في معاناة اللاجئين منذ تهجيرهم من أراضيهم. وقال واصفًا وضع اللاجئين: "إنّ الدولة اللبنانية سوف ترفع الدعم وسوف تقوم بتوفير بطاقات تموينية للبنانيين، وما يُقارب الـ 200 ألف فلسطيني سيعانون معاناة دراماتيكيّة."
ومن شبه المؤكد، أنّ مجتمع اللاجئين الفلسطينيين سيستثنى  من أي خطّة لبنانية مرتقبة لترشيد الدعم، والتي من المتوقّع أيضاً أن تتضمن بدائل مقترحة للمواطنين اللبنانيين ومنها الدعم النقدي أو بطاقات تموينيّة. وهذا التوقع يعود إلى تاريخ تعاطي الدولة اللبنانية مع اللاجئين إلى ناحية حرمانهم من حقوقهم، واستثنائهم في مساعدات سابقة، سبق ووزعّتها الدولة على مواطنيها فقط بحجة أنّ وكالة "أونروا" هي المسؤولة عن إيجاد حلول وبدائل للفلسطينيين.
وفي هذا الإطار، كانت نخب لبنانية قد حذّرت من استثناء الفلسطينيين من خطّة ترشيد الدعم، ومنهم رئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني، الوزير السابق، حسن منيمنة، الذي كان قد قال في تصريحات صحفيّة إنّه من الواجب أن تشمل الخطّة كلّ المقيمين على الأراضي اللبنانية، دون استثناء، مشيرًا إلى الأزمة المالية التي تعاني منها وكالة "أونروا".
 ورأى أستاذ السياسات والتخطيط في الجامعة الأمريكية في بيروت والمشرف على مرصد الأزمة، ناصر ياسين، في تصريحات صحفيّة، إنّ أي نوع من التمييز في الخطة كاستثناء الفلسطينيين قد يولّد توتّرات وحساسيّات، "لذلك لا بد من إيجاد طريقة لدعم الفلسطينيين الموجودين في لبنان ربما عن طريق التعاون مع أونروا والمجتمع الدولي لا سيما أن الفلسطينيين بوصفهم لاجئين يجب أن يبقوا تحت الحماية الدولية."
ماذا بجعبة وكالة "أونروا"؟
وكانت الهئية 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين قد دعت "أونروا" في وقت سابق إلى عقد مؤتمر انقاذي عاجل، في وقت شهدت فيه المخيّمات والتجمّعات الفلسطينية، من شمالها إلى جنوبها، تحرّكات احتجاجيّة عديدة تطالب فيها الوكالة بإقرار خطّة طوارىء عاجلة وشاملة.
وبهذا الخصوص، قالت الناطقة باسم وكالة "أونروا" في لبنان، هدى السمرة، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" " إنّ الوكالة كانت قد أعلنت سابقًا أنّها تبذل كلّ ما بوسعها لحشد موارد ماليّة للتمكن من صرف مساعدات نقدية طارئة للاجئي فلسطين، وأنّ الوكالة قد تمكّنت من توفير بعض الأموال لمساعدة الفئات الأكثر حاجة."
وأشارت السمرة، إلى أنّ الوكالة تأمل أن تتمكن قريباً من الإعلان عن مزيد من التفاصيل بهذا الخصوص، إذ لم يُحدد بعد موعد واضح لبدء توزيع هذه المساعدات، حسب قولها.
"إذا كان هناك حلول فيجب أن تكون مستعجلة آنية وليست ذات مبالغ ضئيلة وعلى فترات متباعدة"
 
وعقّب سعيد على كلام السمرة وخطّة الوكالة بصرف مساعدات، في حديثه مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" قائلاً :"إذا كان هناك حلول فيجب أن تكون مستعجلة آنية وليست ذات مبالغ ضئيلة وعلى فترات متباعدة، بل يجب أن تحمل طابع الاستمرارية والاستدامة، وأن تكون مقاربة للحل الذي ستعمل الدولة اللبنانية على اتّباعه مع مواطنيها، لأن الوضع لا يحتمل التأجيل أو التأخير."
ويتحسّس لاجئون فلسطينيون خطورة هذا الوضع المعيشي الآيل إلى التدهور أكثر واكثر، وبهذا الإطار قالت الناشطة الاجتماعية الفلسطينية، غادة ضاهر، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّ الوضع من المتوقع أن يتّجه نحو الأسوأ، مشيرة إلى احتمالية عدم قدرة البعض على تأمين قوت يومهم. وتوجّهت إلى المعنيين من فصائل سياسية فلسطينية ووكالة "أونروا" وطالبتهم بضرورة تحمّل مسؤويّاتهم تجاه اللاجئين.
وتأتي هذه المخاوف في ظلّ أرقام فقر وبطالة متصاعدة حيث أشارت آخر الإحصائيات صدرت قبل أشهر، إلى ارتفاع نسبة الفقر والبطالة بين أوساط الفلسطينيين تصل إلى 80%، علمًا أنّ هذه الأرقام متفاوتة بين دراسة وآخرى، في وقت يزداد الوضع المعيشي تدهوراً بالتوازي مع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصاديّة والماليّة في البلاد.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق