انه زمن المقاومة والتحرير ...وتراكم الانتصارات

 انه زمن المقاومة والتحرير ...وتراكم الانتصارات

 

في موقف تحليلي تقييمي لمسارات و إجراءات ووقائع شهدتها المنطقة خلال ال21 سنة الماضية ، يستطيع الباحث الموضوعي أن يتبين بوضوح بان العصر والزمن الذي بدأ في أيار العام 2000 هو زمن مختلف عما قبله و أن هذا الزمن رغم الماسي و الخسائر لتي شهدها الإقليم بعده من حروب و دمار و وويلات ، فانه تميز بخصائص تختصر بعبارة اعتمدها ​السيد حسن نصرالله​ توصيفا للواقع " ولى زمن الهزائم و حل زمن الانتصارات " و هنا و قطعا للطريق أمام المرجفين و المشككين نقول بان هناك تمايز بين مصطلحين تمايز يجب الالتفات اليه وتجنب الدمج و الخلط فيه هما عنصر النصر و عنصر كلفة النصر ، فالنصر شيء و كلفة النصر شيء أخر و لا يمكن أن ننظر من باب كلفة النصر لنحدد أن تحقق النصر أو تخلف ، فقواعد تحديد النصر مرتبطة بتحقق الأهداف التي من اجلها نذهب إلى الحرب هجوما أو دفاعا ،أما الخسائر و التضحيات التي نتكبدها في الميدان أو في المجتمع فأنها تدخل في باب كلفة النصر ، و قد ننتصر أي نحقق أهداف عملنا ال​عسكري​ و تكون كلفة النصر جسيمة ، و قد نخسر كثيرا و تعظم التضحيات ومع هذا تلحق بنا الهزيمة .

و في حالنا الراهن نقول بان ​المقاومة​ و محور المقاومة بكل مكوناته حقق انتصارات كبرى ذات طبيعة استراتيجية عالية السقف ، ودفع مقابل ذلك أثمانا لا يمكن أغفالها على الصعيد البشري في صفوف المدنيين و العسكرين و المقاومين و المقاتلين ، و هنا نستطيع أن نقول أن الانتصارات التي يمكن ذكر أهمها أدناه لم تكن مجانية ولا يمكن تصور أن نتحقق مثل تلك الإنجازات و الانتصارات بدون دفع الأثمان ، ف​القاعدة​ العامة التي لا بد من تذكرها دائما أن الثمن يرتفع بمقدار ما يكون الهدف المطلوب ​تحقيق​ه مرتفعا و هاما و من يطلب تحقيق أهداف من طبيعة التحرير و امتلاك السيادة الوطنية و القرار الوطني المستقل و تحديد المصير في مواجهة مستعمر و تحالف استعماري يملك كل أسباب القوة العسكرية و الاقتصادية و السياسية سواها ، عليه أن يتوقع ضخامة المعاناة و الأثمان التي سيدفعها مقابل ذلك ، و أثمان المواجهة تكون مؤلمة لكن النصر أن تحقق يخفف من المها ثم ينسي الألم ، أما الهزيمة فأنها تفاقم الم الخسائر و تجدده في كل موقف تذكر الخسارة فيه .

لقد حققت المقاومة ومحورها وقواها بصنوفها مجتمعة في ال 21 عاما الماضية إنجازات هامة على أكثر من صعيد استراتيجي وسياسي وعسكري، وكانت كل محطة انتصار تفتح الطريق إلى انتصار جديد وبشكل تراكمي وإذا اعتمدنا التسلسل التاريخي لحدوث ذلك بدءا من العام 2000 نستطيع تبين ذاك الكم الكبير من الإنجازات والانتصارات وعلى الوجه التالي:

1) أخرجت ​إسرائيل​ من ​لبنان​ في العام 2000 و حررت معظم الأرض في ​الجنوب​ اللبناني و طردت إسرائيل من ارض عربية محتلة بدون قيد أو شرط حتى وبدون لقاء أو تفاوض ، ولم يكن سهلا على إسرائيل أن تطلب اللقاء العسكري الميداني مع لبنان لإقرار تدابير تنفيذ الانسحاب أو التأكيد على الحدود ويأتي الجواب اللبناني بالرفض حيث إنني عندما كنت رئيسا للجنة العسكرية المولجة بالتحقق من الاندحار الإسرائيلي رفضت مجرد اللقاء بضباط العدو و تحت أي عنوان و فرضنا الانسحاب إلى الحدود الدولية التي ناورت ​الأمم المتحدة​ بابتداع خط اسمته ازرق لتحجبها و رفضنا سلوكها هذا باعتبار هذا الخط وهمي لا يمكن أن يخفي حقيقة الحدود الدولية .

2) أخرجت إسرائيل من ​قطاع غزة​ في العام 2005، وأعيد رفع العلم ال​فلسطين​ي على جزء من ارض فلسطين التاريخية وأدخلت فكرة العودة إلى فلسطين في حيز الإمكان، ووجهت بذلك رسالة واضحة لكل المعنيين بشأن فلسطين بان المقاومة هي طريق ممكن لاستعادة الحقوق حتى ولو كان المغتصب بحجم إسرائيل وقوتها وقوة حلفائها الإقليميين والدوليين الذين يمسكون بقرار ​العالم​ تقريبا.

3) منعت إسرائيل من العودة إلى لبنان في لعام 2006، وحالت دون بلوغ إسرائيل اهدفها بتفكيك المقاومة فيه ووضع اليد على القرار اللبناني والانطلاق منه لاقامة ​الشرق الأوسط​ الأميركي الذي يسقط فيه أي حكم استقلالي وطني وجعل الاحتلال الأميركي للعراق يتمدد ليشمل سورية و​إيران​ أركان محور المقاومة. لقد شكلت هزيمة إسرائيل ​أميركا​ على يد المقاومة في لبنان في العام 2006 محطة تاريخية في الدفاع عن المنطقة وشعوبها وسيادتها وقرارها المستقل.

4) بين الأعوام 2008 و2014، منعت المقاومة العدو الإسرائيلي من فرض أرادته على غزة وتفكيك قدراتها العسكرية، وفي جولات القتال الثلاث بقيت المقاومة صامدة تنمي قدراتها تصاعديا إلى الحد الذي فاجأت فيه العالم في العام 2021 كما سنبين.

5) أخردت المحتل الأميركي من ​العراق​ في العام 2011 وأسقطت مشروع أنشاء منصة أميركية للانقضاض على سورية وإيران، كما أكدت ما كانت ​حرب 2006​ ارسته من قواعد بان هناك رفض سياسي وميداني لتحويل المنطقة إلى مستعمرة أميركية.

6) أما الأخطر فهو ما دار على الأرض السورية منذ العام 2011 حيث واجهت سورية ومعها القوى الرئيسية في محور المقاومة في لبنان وإيران والعراق بالتصدي للقوى الاستعمارية التي شنت الحرب الكونية عليها، الحرب التي أريد منها تفكيك محور المقاومة وتحويل سورية إلى حارس للكيان الصهيوني يتنازل عن الأرض والحقوق. لكن سورية وبعد 10 أعوام من المواجهة غير المسبوقة في توعها وحجمها وشراستها تمكنت من الصمود والنجاح في الدفاع وهاهي اليوم تذهب إلى الانتخاب الرئاسي من اجل استكمال الإنجازات المتحققة واستثمار الانتصار وأرسال رسالة واضحة لكل ذوي الشأن بان سورية عصية على العدوان ولن يكون قرارها بيد أحد سواها فشعبها من يقرر لنفسه ولا يتقبل وصاية عليه من أحد أي كان هذا الأحد ولن تسمح بتمرير مشاريع الاستعمار مهما كانت الكلفة وقد دفعت الكثير ولكنها انتصرت.

7) وفي ​اليمن​ كان فعل المقاومة مميزا أيضا حيث أنزلت الهزيمة بالمشروع الأميركي الرامي إلى وضع اليد على اليمن والسيطرة عبره على الثروات والقرار والممرات الاستراتيجية، فكانت المقاومة اليمنية على قدر الآمال ​المعلقة​ عليها وهزمت ​السعودية​ ومن خلفها ومنعتهم من تحقيق أهدافهم فيه وضاعت على أميركا فرصة حلمت بنجاحها فيها.

8) ومع اكتمال العام 21 لبدء عهد الانتصارات قدمت المقاومة على ارض فلسطين الأداء الرائع الذي حقق منجزات استراتيجية عظمى واظهر كفاءات عسكرية عالية، وقد نختصر ما أنجزت بعبارة انهها أجهضت مشروع تصفية قضية فلسطين وأجهزت على ​صفقة القرن​ ومفاعيلها وأرست قواعد مواجهة مع العدو الإسرائيلي تقوم على وحدة ​القضية الفلسطينية​ ووحدة ​الشعب الفلسطيني​ واستحالة تصفية القضية.

هذا التوثيق الموجز يقود إلى القول بان المقاومة التي بدأت فكرة ونمت ​منظومة​ وتطورت محورا ومعسكرا دفاعيا باتت اليوم تشكل مجموعة استراتيجية تحجز مقعدها في نظام عالمي قيد التشكل على أساس التعددية والمجموعات الاستراتيجية وما كان لها بلوغ ذلك لو لم تحقق الإنجازات المتقدمة الذكر، وبات أهل المقاومة وشعبوها يتطلعون إلى مستقبل واعد عنوانه منطقة لأهلها وقرارها بيد أبنائها ... انه زمن الانتصارات وسلسلة الإنجازات التي مكنت من تحقيق هذه الأحلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق