زهرةٌ رمضانية (19) .. الزمن والحب


بقلم الأسير المجاهد: سامح سمير الشوبكي

سجن ريمون الصحراوي

ثنائية يعرفها جيدًا أصحاب القضايا أينما كانوا في هذا العالم، وهنا أعزائي: خلف جدران الاعتقال الخرساء يوجد قوم منكم من أبنائكم يلمسون الزمن بأيديهم، يغازلهم ويغازلوه، يشاغبهم ويشاغبوه، قومٌ جمعت بينهم وبين زمنهم علاقة الصديق اللدود والرفيق الخصم والأخ العدو عندما نزلت عليهم مقولة حيكم الحياة الذي قال: "الزمن بطيء جدًا لمن ينتظر، سريع جدًا لمن يخشى، طويل جدًا لمن يتألم، قصير جدًا لمن يحتفل، ولكنه الأبدية والخلود لمن يحب".

نعم، الزمن هنا بطيء جدًا لمن ينتظر لقاء الخلان بعد غياب، وهو سريع جدًا عندما يحمل خبر فقد الأحبة الذين رحلوا دون وداع أخير، والزمن هنا طويل جدًا لمن يتألم عنف الصدام بين السجان وأدواته القمعية وبين الأجساد النحيلة التي تنتج نفسها في كل مواجهة متجددة، والزمن هنا قصير جدًا لمن يحتفل لحظة الانتصارات الصغيرة والمكثفة في آن عند تبادل الآراء بين ألوان الطيف الفلسطيني بلا قلق ولا وجل، بل بكل يقين بأن تصادم الأفكار المختلفة هو صاعق التجديد في حالة الأمة التي تنشد خلع الثياب البالية. وهنا يتحول الزمن إلى صوت أذان يتردد صداه في الزنازين التي تقتضّ بلا رياء بالراكعين الساجدين والواثقين وهم يهتفون: "اللهم خذ من أعمارنا حتى ترضى". عندئذ تعيش فلسطين الأسيرة أبدية الحب لأبنائها وبناتها المشردين في القارات الخمس، وهي على يقين بأن وعد الله حق مهما طال الزمن أو كثر.

في شهر رمضان الزمن الجميل، نهدي فلسطين المحبة الأبدية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق