من صحافة العدو الصهيوني

 


معاريف –  14/4/2021   

الخطة: دمج يمينا بالليكود – بدون تناوب..

بقلم: آنا برسكي

تتقدم الاتصالات الائتلافية بين الليكود ويمينا وذلك وفقا لمحافل في الحزبين. هذا وسيعقد لقاء المفاوضات التالي في بداية الاسبوع القادم. وذلك بعد أن التقى الاسبوع الماضي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس يمينا نفتالي بينيت مرتين في محادثات ثنائية وفي تركيبة اوسع ضمت ايضا طواقم المفاوضات.

ووفقا لمصادر مطلعة على تفاصيل المحادثات، في بداية الاتصالات طرح يمينا مطلبين: التناوب ودمج يمينا مع الليكود. غير أنه في اللقاء الاول شطب موضوع التناوب عن جدول الاعمال بعد أن تم الايضاح ليمينا بانه لن يكون ممكنا تلبية المطلبين معا. هكذا بحيث أنه صحيح حتى يوم امس، فان الرزمة التي يجري الحديث فيها تتضمن اتفاق الدمج والمناصب العليا التي سيحصل عليها يمينا في حكومة نتنياهو القادمة، بما فيها حقائب الدفاع، الخارجية والثقافة، الى جانب مناصب اخرى في الحكومة وفي الكنيست.  وافادت أخبار 12 أمس بان يمينا يريد ايضا حقيبة المالية ولكن نتنياهو مصمم على أن يبقيها لاسرائيل كاتس وكذا حقيبة العدل مصمم على ابقائها بيد الليكود.

وحسب الفكرة – على فرض أن تقوم الحكومة ولا تجرى انتخابات للكنيست قريبا – يحصل يمينا على عدد اعضاء في مركز الليكود يتناسب مع حجمه ويمكن لبينيت ان يعين الاعضاء الذين يراهم مناسبين.

أما نتنياهو من المتوقع أن يصطدم بمعارضة الخطوة في اوساط قسم من مسؤولي حزبه. ومع ذلك، تفترض محافل في الليكود بانه لما كان اتفاق الدمج سيسمح باقامة الحكومة، سينجح نتنياهو في التغلب على المقاومة واقرار الدمج في مركز الليكود.

وتقول هذه المصادر ان التفاؤل في الليكود ينبع من أنه في حالة الدمج ستفقد كتلة التغيير القدرة على تشكيل حكومة لان يمينا سيشطب من اعتبارهم كعضو محتمل في حكومة معارضي نتنياهو. وفي مثل هذه الحالة ستقف الساحة السياسية امام امكانيتين: إما حكومة يمين – حريديم برئاسة نتنياهو او التوجه الى انتخابات خامسة. وتقدر محافل سياسية بان تقليص الامكانيات سيجلب لحكومة نتنياهو جهات اضافية غير معنية بانتخابات مبكرة اخرى.

أما بالنسبة للمعارضة الثابتة من جانب رئيس الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش لاقامة حكومة مدعومة باي شكل من جانب حزب راعم، تقدر المحافل بان نتنياهو معني بان يعمل على ائتلاف من 59 دون اي ذكر لدعم راعم. وهذه الصيغة الغامضة ستسمح ظاهرا لسموتريتش بان يدعم الحكومة دون أن يخرق وعده. اذا ما اجيزت حكومة الـ 59 في التصويت في الكنيست، تعرب محافل في كتلة اليمين عن الامل في أن تنضم محافل سياسية اخرى اليها منعا لانتخابات خامسة.

يشار الى أن الليكود ويمينا لا يؤكدان تفاصيل الاتصالات ويشددان على انهما لا يكشفان عن تفاصيل المفاوضات الائتلافية.

وفي هذه الاثناء، في كتلة التغيير يعربون عن الشك بالنسبة للتقدم في اقامة حكومة برئاسة نتنياهو. وفي محيط رئيس يوجد مستقبل يئير لبيد الذي عاد مؤخرا من رحلة له الى الخارج، يقولون ان الاتصالات بينه وبين بينيت لم تتوقف للحظة.

-------------------------------------------

إسرائيل اليوم – 14/4/2021   

تحريضٌ إسرائيليٌّ كثيفٌ لوقف التمويل الأوروبيّ لمنظماتٍ حقوقيّةٍ فلسطينيّةٍ

بقلم: أولغا دويتش

  الاتحاد الأوروبيّ حول 38 مليون يورو لمنظمّات مرتبطة بالجبهة الشعبية

شنّت كاتبةٌ إسرائيليّةٌ هجومًا تحريضيًا، ضد المنظمات الحقوقية الفلسطينية، التي تتلّقى دعمًا من الاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا وهولندا وإيطاليا وإسبانيا.

  وزعمت رئيس منظمة NGO Monitor أولغا دويتش، في مقال نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم”، المُوالية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، زعمت، أنّ “عددًا من العمليات المسلحة الفلسطينية التي استهدفت إسرائيليين، نفذها مَنْ يُعرّفون أنفسهم ويعرّفهم الغرب بأنهم ناشطون في مجال حقوق الإنسان، وتمّ توظيفهم جميعًا من قبل المنظمات التي تطالب بتعزيز حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية”.

وزعمت أنه: “عندما علمت هذه الحكومات الأوروبية بتورط أولئك الذين استفادوا من أموال دافعي الضرائب في أوروبا في الهجمات الفلسطينية المسلحة التزم بعضها الصمت، ونفى البعض الآخر أنّ الأموال الأوروبية تذهب إلى هؤلاء الأشخاص، رغم أنهم كانوا أعضاء بارزين في المنظمات المسلحة”.

  وأوضحت أنّه “منذ عام 2011، قام الاتحاد الأوروبي وحده بتحويل 38 مليون يورو على الأقل إلى المنظمات المرتبطة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعندما كشفت دراسة أجرتها منظمة إسرائيلية غير حكومية أن الأوروبيين كانوا يسمحون بتوزيع الأموال على مؤيدي الهجمات المسلحة، استدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية سفير الاتحاد الأوروبي لتوبيخه”.

  يُشار إلى أنّ إسرائيل تعتبِر رسميًا وقانونيًا الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين تنظيمًا إرهابيًا، وتقوم بحملاتٍ مُكثّفةٍ لاعتقال عناصرها في الضفّة الغربيّة المُحتلّة بتهمة الانخراط في تنظيمٍ إرهابيٍّ يعمل بشكلٍ عسكريٍّ ضدّ الاحتلال الإسرائيليّ.

  وختمت الكاتبة، التي اعتمدت على مصادر أمنيّةٍ وسياسيّةٍ عليمةٍ في الكيان، ختمت بالقول إنّه “على وجه الخصوص، فإن نفس المنظمات التي يعمل فيها المشتبه بتنفيذهم عمليات مسلحة تقود حملات لتشويه سمعة إسرائيل في الأمم المتحدة، وفي مختلف البرلمانات الأوروبية، وفي المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وفي الوقت ذاته فإنّ منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية تقوم بحملات منذ عام ونصف لتسويق هذه المنظمات المسلحة”، على حدّ زعمها.

-------------------------------------------

معاريف - 16/4/2021

مسؤولية إسرائيل عن انفجار نطنز.. قصور أمني أم ثرثرات إعلامية؟

بقلم: ألون بن دافيد

من حريق في منشأة نطنز عام 2020

يبدو أن التعب هو التعبير الأكثر ملاءمة من الحزن ليميز ما يسود في إسرائيل بين يومي الذكرى. فنتيجة الشلل الناشئ عن انتخابات قادت إلى إحساس بالامتعاض، الذي نسب في الماضي لمعسكر “فقط لا بيبي”، انتقلت العدوى إلى مؤيدي نتنياهو أيضاً. فالفجوة الهائلة بين دعوات الوحدة التي أطلقت في احتفالات الذكرى وبين الخطاب العنيف الجاري في الشبكة والشارع حيث يمسك كل بعناق الآخر، أوضحت بعد 73 سنة من الاستقلال أن لا سبيل لأن يرص شعب صهيون الصفوف ولو حول رواية هزيلة واحدة.

وحتى الخروج المبارك من وعي الوباء واحتفال الاستقلال بلا كمامات لم ينجح ليصل إلى مستوى سمو الروح. وكذا عملية التخريب الفاخرة التي شلت مشروع اليورانيوم في إيران لأشهر طويلة، وهي عملية موجودة على ما يبدو في قلب الإجماع الإسرائيلي وتحولت على الفور إلى صخرة خلاف بين المعسكرين الصقريين. كل في موضعه يعيش. أما أساس الحقيقة الذي هو الضرورة المطلقة لخوض حوار في مجتمع ديمقراطي فقد سحب من تحت أقدامنا تماماً.

لكل شخص اسم، وهذا كان صحيحاً دوماً، أما اليوم فلكل شخص حقائقه أيضاً. فها هي الصحافة، التي هي إحدى المؤسسات الأخيرة التي يفترض بها أن تصب الأرضية للحقائق ولكل بحث والتأكد بأنها لم تتشوه بالأكاذيب وبالأنباء الملفقة، تنضم اليوم إلى التيار الجارف لما بعد الحقيقة في الشبكات الاجتماعية. وهكذا ولدت قصة “التسريبات” أو “الثرثرة”، التي ترافق الخطاب حول الأحداث الأخيرة تجاه إيران. قصة لم تكن.

لقد بتّ في عمر لا يشعر فيه المرء بالإهانة عندما يوصف بوصف منكر. وعليه، فإني سأحاول مع ذلك أن أضع الأمور في نصابها: قبل نحو أسبوعين عملت الوحدة البحرية، وفقاً لمنشورات أجنبية وإسرائيلية، ضد سفينة سافيز التابعة للحرس الثوري في البحر الأحمر. بعد ساعات من العملية بدأت تصدر منشورات إيرانية عن إصابتها، فرفعت وسائل الإعلام الإسرائيلية القصة إلى السطح، وبعد بضع ساعات من ذلك نشر في “نيويورك تايمز” على لسان مصدر أمريكي بأن إسرائيل أطلعت الولايات المتحدة على العملية. لم يستطب إسرائيل إلقاء المسؤولية شبه الرسمية الذي اتخذه الأمريكيون، ولكنها تجلدت على الأمر.

في نهاية الأسبوع الماضي، بدأت بضع صحف إسرائيلية بنفخ البالون، وبموجبه سرّب مصدر إسرائيلي أمر العملية لـ “نيويورك تايمز” حتى قبل أن تنفذ. ولحق بهم صحافيون كبار آخرون بحثوا بعناية عن المصدر الإسرائيلي الذي يتجرأ على تسريب عملية قبل أن تنفذ فيعرض المقاتلين للخطر. فحص واحد أكبر من شامل أجريته في أوساط كل المصادر ذات الصلة في جهاز الأمن، ولم يجد أحداً يعرف أن العملية سربت قبل التنفيذ. لم يكن أي توجه من جانب صحيفة أو صحافي لجهاز الأمن قبل تنفيذ العملية.

بين إسرائيل والولايات المتحدة تنسيق أمني وثيق، وتديران أحياناً أعمالاً مشتركة معاً، حيث شفافية كاملة بين الطرفين. وأحياناً تنفذ إسرائيل أعمالاً قد تكون لها تداعيات على أمن القوات الأمريكية في المنطقة، وهي تحرص على إطلاع الولايات المتحدة فور خروج المقاتلين الإسرائيليين من مدى الخطر.

في حالة سافيز، لا يوجد أي مؤشر على أن مصدراً إسرائيلياً ما أطلع صحافياً قبل تنفيذ العملية المنسوبة لإسرائيل. وهذا لم يوقف برامج الاستضافة من عقد الندوات الجدية عن الخطر الذي كان في التسريب الذي لم يكن، كما لم يوقف أيضاً السياسيين ومزيد من الصحافيين ممن تكرسوا السبت الماضي للانشغال بـ”خطر التسريبات”.

وعندها استيقظنا جميعاً صباح الأحد على تقرير جاء من إيران وليس من أي مكان آخر عن تخريب في المنشأة النووية. وهجمت وسائل الإعلام الإسرائيلية على ما بدا كعملية جسورة على نحو خاص، ولم يمسك بعض الصحافيين أنفسهم وبدأوا يسمون أنفسهم “مصادر استخبارية في الغرب”. وباسم تلك المصادر، ألقوا بالمسؤولية عن العملية على الموساد.

والآن لم يعد هذا مجرد تسريب واحد، بل “تسريبات” أو “ثرثرة أمنية” تعرض أمن الدولة للخطر. وامتلأت الندوات التلفزيونية بالسياسيين الذين يهرعون إلى المعركة وبالصحافيين المتحمسين الذين جاءوا لينتقدوا “الإحاطات” و “الثرثرة” في موضوع المعركة مع إيران.

التفوق النسبي

اعتراف: كصحافي منذ 36 سنة، كل حياتي المهنية وأنا أبحث عن المسربين للشموع. فهم روح هذه المهنة. حتى الآن ليس معروفاً لي جهة إسرائيلية ما أجرت إحاطة مرتبة عن العملية في إيران. وهذا لم يوقف بالطبع الموجة الثانية من المنشورات عن “الثرثرة”، والمقابلات مع مشاركي الندوات، ولا حتى حرك وزير الدفاع لأن يدعو إلى التحقيق في “التسريبات”. في عالم التواصل اليوم، فإن أحداثاً مثل العمليات، التصفيات، أو الغارات من الجو تصدح على الفور ولا تبقى في الخفاء. وحتى عندما هاجمت إسرائيل مفاعلاً نووياً في سوريا، أو اغتالت في دمشق رئيس أركان حزب الله عماد مغنية (حسب منشورات أجنبية) – لم يقدم أحد أي إحاطة، ولم يسرب أحد شيئاً، ولكن وسائل الإعلام فهمت على الفور ما حصل وبلغت بالأحداث في الزمن الحقيقي.

بالمناسبة، إن عملية اتخاذ القرارات في إسرائيل حول العمليات السرية كانت دوماً محصورة. ولم تبحث الحكومة أو الكابينت قط في تصفية علماء أو مخربين آخرين، ولم يقرا مسبقاً عمليات تخريب في البرنامج النووي الإيراني. هذه القراترات – إذا ما حصلت حقاً – يتخذها دوماً رئيس الوزراء بالتشاور مع وزير الدفاع والمستوى المهني. أما اقرار الحكومة أو الكابينت فمطلوب فقط لعمليات ذات إمكانية كامنة لأن تؤدي إلى حرب، مثل تدمير المفاعل السوري، وحتى الأحداث الأخيرة المنسوبة لإسرائيل لا تبشر بأننا عشية حرب واسعة مع إيران.

في بداية السنة الـ 74 لاستقلالنا، وانطلاقاً من المعرفة المؤسفة بأن “الجماعة الإسرائيلية” غير قادرة على الاتفاق على أي شيء، أقترح علينا جميعاً ولا سيما زملائي الصحافيين، أن نتبنى الحد الأدنى من الاستقلالة الفكرة. فمحاولة أجهزة الإعلام اللحاق بالشبكة الاجتماعية مآلها الفشل. فهي ستكون دوماً عنيفة وأكثر تشويقاً من الصحافة المؤطرة؟ أما نحن، الصحافيين المهنيين، فعلينا أن نلتصق بتفوقنا النسيب، وهو الحقائق المؤكدة. وإذا ما في السعي إلى البروز والسبق أو إحداث الضجيج، تخلينا عن المصداقية – سنفقد تفوقنا الأخير.

فضلاً عن الصدوع التي تشقنا كمجتمع، الانشقاق والكراهية، لا يزال هناك نواة من الإسرائيليين ممن يعملون بكد، ويدفعون الضرائب ويبعثون بأبنائهم إلى الجيش. هذه النواة عطشى للمعلومات التي يمكنها أن تصدقها، ونحن الصحافيين ملزمون بأن نوفرها لها. كخدمة حيوية في مجتمع ديمقراطي. لكلنا آراء، وهذا على ما يرام. ولكن محظور أن نتخلى عن الحقائق. 

-------------------------------------------

هآرتس - 16/4/2021

حين تكون الأغلبية اليهودية هي “المبدأ الأول والأخير” للبناء في مدينة القدس

بقلم: نير حسون

 

من مستوطنة رمات شلومو بالقدس

ارنون غفني شخص غير معروف في تاريخ القدس، فلا وجود لشارع أو ميدان على اسمه، ولا حتى لجسر صغير، ولكنه حين كان محافظاً لبنك إسرائيل، أثر في حياة عدد غير قليل من سكان المدينة على مدى السنين.

غفني مسؤول بدرجة معينة عن أحد المبادئ الأساسية التي شكلت وجه العاصمة. في 1972، بكونه المسؤول عن الميزانيات في وزارة المالية، تولى رئاسة اللجنة التي تشمل عدة وزارات لتمويل الزيادة المطلوبة في القدس. كانت تقف مسألة “الأغلبية اليهودية” في مركز اهتمام اللجنة؛ أي ما الذي يمكن فعله من أجل الحفاظ على وتعزيز الأغلبية اليهودية، 73.5 في المئة من اليهود في المدينة. وقد كانت للجنة توصية واحدة، وهي تسريع البناء لصالح اليهود. وتبنت حكومة غولدا مئير هذه التوصية كسياسة تخطيط في المدينة.

         وشعر عوفر غريدنغر بصدى هذا القرار بعد سنوات كثيرة، وقد ترك مؤخراً منصبه كرئيس لقسم التخطيط في بلدية القدس، وهي وظيفة تولاها مدة عقد تقريباً. “لديّ شعور بأن أحد العوامل التي أثرت على نظام التخطيط في القدس أكثر من أي عامل آخر، هو العلاقة الرقمية بين اليهود والعرب”، قال في مقابلة مع “هآرتس”. “هذا الاعتبار يؤثر على قرارات التخطيط حتى بدون أن يكون موجوداً على الطاولة بصورة علنية”.

يتحدث غريدنغر عن “صيغة”. وحسب قوله، فإن “هناك علاقة بين حجم المجموعات السكانية. وهذا يؤدي إلى أن ينشأ ضغط عال، الذي هو جزء من الاعتبارات للمصادقة على بناء وحدات سكنية كثيرة في غرب المدينة”.

الجزء الأول من المعادلة موجود في الطرف الثاني، في شرقي المدينة. وله هناك مظاهر واضحة: إن مجموعة سكانية لا تهاجر، مع زيادة طبيعية كبيرة، تحتاج إلى حلول سكنية في مناطق ترفض الدولة توسيعها. هكذا تم بناء أحياء مكتظة وغير منظمة، لكن يزداد الضغط لتوسيع مستمر لحدود المدينة، وإضافة وحدات سكنية بشكل واسع وسريع في غرب المدينة. أحد الأمثلة الحديثة على ذلك هي خطة البناء في “ريكس لفان”، التي هي في مركز صراع جماهيري حازم أمام منظمات ونشطاء خضر. “طالما لم نقم بحل مشكلات شرقي القدس فلن نحل مشكلة غربي القدس”، أضاف.

غريدنغر (59 سنة) هو مخطط مدن في مهنته، في مقابلة أولى يشير إلى القوى الخفية والعقبات والعلاقات الواسعة لتخطيط المدينة. الصراع الأكثر اشتعالاً في تخطيط القدس في السنوات الأخيرة يتعلق بتوسيع المدينة، ولكن دون اقتصار ذلك على النسبة أمام السكان غير اليهود.

صراع إلى جانب علامة استفهام: لماذا يجب على مساحة القدس أن تكبر طوال الوقت؟ في أماكن أخرى في العالم هناك عدد كبير من المدن الكبرى التي تنجح في تسوية أمورها بدون أن تزيد مساحة ولايتها القانونية البلدية طوال الوقت. باريس، مثلاً، عدد السكان فيها أكثر من ضعف عدد سكان القدس. ولكن مساحة المدينة أصغر. حسب أقوال غريدنغر، “لا يمكن المقارنة، الزيادة عندنا أسرع بكثير، ولم نقم في أي يوم بالبناء بشكل مكتظ مثلما في أوروبا. باريس مبنية باكتظاظ أكبر بكثير مما في القدس”.

“وموضوع الاكتظاظ يجب تفكيكه”، يواصل غريدنغر، و”شرقي المدينة مبني بصورة غير مكتظة، بسبب تخطيط غير ناجع. السكان المتدينون يرفضون الصعود إلى الطوابق العليا ويطلبون الاعتراف بخصوصيتهم. والأحياء التي بنتها وزارة الإسكان في المدينة خلال السنين، بنيت باكتظاظ غير عال، بما في ذلك جبل أبو غنيم الذي كان الأخير. وحسب قوله، إدراك أن الاكتظاظ يجب أن يكون أكبر هو الحكمة للسنوات العشرة الأخيرة. “لقد أنشأنا مدينة يصعب جداً إصلاحها، ونحن في هذه الأثناء بحاجة إلى وحدات سكنية”، وأضاف: “بعد ذلك نشأ ضغط من أجل توسيع المدينة نحو الخارج”.

ولكن دخلت إلى الصورة هنا الجهات الخضراء ومخططون مختلفون يحذرون من أن توسيع القدس، مثلاً باتجاه “ريخس لفان” (منحدرات هداسا)، سيسرع تحويلها إلى مدينة هوامش، بدون فضاء بلدي متواصل من النوع الذي لا يمكن التحرك فيه بدون استخدام السيارة. كل ذلك على حساب مناطق خضراء ونادرة تخدم سكان المدينة.

من يعارضون توجه التوسيع الحالي لهم اقتراح بديل: اكتظاظ المدينة بواسطة تحديث بلدي. ولكن غريدنغر قال إن “إخلاء المباني أمر معقد جداً”، ويخفف الحماسة. وعلى الرغم من أن القدس تتفاخر بكثير من خطط التحديث، إلا أن الحديث يدور حول مشاريع طويلة المدى تجد صعوبة في مواجهة وتيرة الزيادة الطبيعية. “التجديد يستغرق سنوات كثيرة لأنه الأكثر تعقيداً التخطيط داخل المدن مقارنة مع المناطق المفتوحة”. ويشرح: “هذا مقرون بكثير من التنظيم والعمل المجتمعي والاجتماعي لإخلاء السكان”.

إحدى العقبات الإشكالية جداً في الطريق إلى زيادة الاكتظاظ هي المواصلات، بالأساس الاعتماد على السيارات الخاصة. ومن أجل تحويل القدس إلى مدينة ذات تخطيط أكثر ذكاءً، يجب جعل سكان القدس يتنازلون عن سياراتهم.

ولكنها مهمة أصعب بكثير من هدم تلة خضراء أخرى، خصوصاً عندما يدور الحديث عن مدينة تمتد على مساحة كبيرة، والمواصلات العامة فيها غير كافية. “يجب أن توضع على الطاولة حاجة المدينة إلى مواصلات عامة ناجعة والتنازل على السيارات الخاصة في بعض الأماكن”، أشار غريدنغر. “لسنا ضد عائلات أو ضد حرية أن ينتقل الأشخاص من مكان إلى آخر، ولكن كي تعمل المدينة بصورة سليمة. إذا اعتمدت المدينة على السيارة الخاصة فستعلق. وهناك عائق في الطريق إلى تحقيق هذا الهدف، “فالمواصلات العامة يمكن إقامتها فقط في مناطق بلدية مكتظة”، أشار غريدنغر. “في المكان المكتظ فقط يمكن بناء سكة حديد وشبكة حافلات ناجعة”.       

       يحتلون ارتفاعاً

في الثمانينيات والتسعينيات كان البناء العالي هو أحد المواضيع الساخنة في القدس. صراعات قوية اندلعت حول خطط بناء أبراج سكنية بذريعة أن الحفاظ على المشهد الطبيعي وخط الأفق هو جزء جوهري من خصائص المدينة. “النقاش حول البناء العمودي في القدس تم حسمه منذ فترة”، قال غريدنغر. “لا يوجد مناص من بناء الأبراج”.

في السنوات الأخيرة تم في العاصمة بناء المزيد من المباني العالية. وهناك خطط لعشرات المباني التي تتكون من 18 – 30 طابقاً، عدد منها حتى أعلى من ذلك. الأبراج تطرح كحل لحاجة المدينة إلى التوسع. ولكن الحديث يدور عن حل بعيد عن أن يكون كاملاً؛ لأن الأبراج السكنية غريبة عن الشارع وتخلق تجمعات سكنية مغلقة. إضافة إلى ذلك، بسبب الحاجة إلى إبعاد الأبراج عن بعضها، فإن عدد الوحدات السكنية بالنسبة للمساحة يشبه البناء الأكثر انخفاضاً.

“من ناحية اجتماعية، هناك سؤال هو: ألا نقوم بتفكيك تجمعات قائمة عن طريق بناء أبراج؟ تساءل غريدنغر، “هناك نسبة معينة من السكان لا تستطيع تحمل نفقات السكن في أبراج. البرج يمثل أيضاً أفضلية لمجموعة سكانية معينة، ويفصل بين مجموعة سكانية عامة والمجموعة السكانية الأصولية، حيث إن الأخيرين لا ينتقلون للسكن في أبراج.

يعتقد غريدنغر أنه رغم النجاح الذي حققه من يؤيدون البناء المرتفع، إلا أنه يجب الحذر من هذه الأبراج، خاصة في نقاط حساسة في المشهد الطبيعي. “هناك برج يخطط له قرب جبل هرتسل، 40 – 50 طابقاً. هذا برج سيحجب المشهد المقدسي، ويحجب جبل هرتسل و”يد واسم”.

إن مصطلحات التخطيط الناجع والقدس يمكن أن يُسمع فيها تناقض داخلي، خصوصاً في مدينة تخلو من مخطط هيكلي حديث. وسبب ذلك أن وزير الداخلية، ايلي يشاي، حين رفض التوقيع على مخطط هيكلي معدّ، أقنعه أعضاء اليمين بأن هذا المخطط يبالغ كثيراً في إعطاء إمكانيات بناء للعرب. “إن قرب السياسة القطرية من السياسة المحلية يؤثر على إجراءات التخطيط في القدس”، قال غريدنغر. “من جهة، لا يمكنها أن تواصل حكومة إسرائيل تطبيق السيادة الإسرائيلية على كل مناطق المدينة، ومن جهة أخرى أن لا تخصص كل الموارد. إذا كان شرقي القدس تحت سيادة إسرائيل، فحينها يجب تمكينها من الوجود والتوسع وإنشاء اقتصاد. فلا يمكنك أن تقول هذه لنا، لكننا لا نسمح بذلك”.

على هذه الخلفية، أحد المخططات الكبيرة التي يتفاخر غريدنغر بها هو المخطط الهيكلي الجديد لقرية العيسوية. وهي إحدى القرى الصعبة جداً في القدس، التي بنيت معظم بيوتها بدون تراخيص وتخطيط. “لقد أدركنا أنه لا يمكن عمل مخطط واحد لكل القرية، بل عدة مخططات تعالج كل قطعة على حدة. قمنا بتقسيم القرية على عشرات الأجزاء الصغيرة. 3 – 4 مبان في كل جزء. يجب على السكان الانتظام معاً وتقديم مخطط بناء والحصول على رخصة بناء في عملية سريعة. لم نجد شيئاً شبيهاً بذلك في الدولة”. وقد تأتي البشرى من شرقي المدينة. “إذا نجح الأمر في العيسوية، فسينجح في قرى أخرى”، قال.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق