بيان صادر عن قيادة حركة فتح- الساحة اللبنانية



يا جماهير شعبنا العظيم 

يا أهلنا في القدس، وفي كل الاراضي الفلسطينية، نقف اليوم جميعاً أمام استحقاقات جوهرية وأساسية عبر مسيرة شعبنا النضالية، وأمام التحديات المصيرية التي تهدِّد مقدساتنا، وأرضنا التاريخية، ومصيرنا. إن الجانب الصهيوني المحتل لأرضنا يمارس العدوان، والارهاب، والاقتلاع، والاستيطان بحرية كاملة ومدعوماً من الولايات المتحدة لذلك وأمام ظواهر التطبيع المؤلمة فإن العدوَّ يمارس عدوانه على شعبنا وعلى أرضنا، وعلى مقدساتنا دون تردد.

وللأسف فإن هناك أطرافاً دولية وعربية تقوم بتقديم خدمات مجانية للكيان الصهيوني من خلال تسجيل اختراقات مؤلمة في المجتمع المقدسي، وذلك عبر شراء الأراضي من أصحابها، ثم تسريب وثائق البيع والشراء إلى الاحتلال للتصرف بها من خلال التنازل عنها.

إن القدس كمحافظة، وكعاصمة لدولة فلسطين تتعرض لحملة واسعة من التهويد والاستيطان منذ احتلالها لأنها هي بيت القصيد، ورغم الهجمة الشرسة على القدس فإنها لا تزال صامدة وثابتة، وعلينا أن نتذكر بأن الاحتلال ومنذ العام 1967 قد بنى ما يزيد عن 528 مستوطنة، وهدم اكثر من 170 ألف مسكن، وصادر ما يزيد على واحد وعشرين مليون دونم، واقتلع اكثر من ثلاثة ملايين شجرة، وما زالت سلطات الاحتلال تعمل على تشجيع اليهود من أجل القدوم إلى الاراضي الفلسطينية، وتوطينهم.

نتوجه بالتحية إلى أهلنا في القدس الأبية ونشدُّ على أيديهم وهم يناضلون من أجل الحفاظ على هوية القدس الدينية، ومحاربة مشاريع التهويد والاستيطان التي يعمل عليها الكيان الصهيوني، خاصة في حي الشيخ جراح، حيث يتم إنذار الأهالي بالرحيل، من أجل إسكان المستوطنين.

ومن هنا فإننا ندعو الامم المتحدة لممارسة دورها،وتطبيق القرارات الصادرة أممياً  للحفاظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية وأهمها حقُّ عودة اللاجئين إلى أرضهم، وحق أهلنا في القدس أن يعيشوا في  أرضهم التاريخية بحرية وأمان واستقرار، واتخاذ الإجراءات الأمنية الدولية لحماية الشعب الفلسطيني في أرضه المحتلة، مثل باقي الشعوب واحباط مؤامرات التصعيد الصهيوني الهادفة إلى تقسيم الحرم القدسي كما جرى في الحرم الإبراهيمي.

كل أرض فلسطين مهمة، لكن القدس اليوم هي مستهدفة بالذات فالصهاينة بكل تكويناتهم يعملون على تهويد القدس باعتبارها العاصمة الأبدية وفقاً لجوهر المشروع الصهيوني الديني والسياسي، ويتم ذلك من خلال القمع أولاً، وتكثيف الاستيطان، وإيجاد ظروف معيشية قاسية، وفرض إجراءات القمع، والحصار، والعزل والإغلاق، إضافة إلى ما هو قائم منذ سنوات وهو جدار الفصل العنصري.

المقدسيون بحاجة إلى تكثيف الدعم السياسي والمساعدات لإحياء المؤسسات، وتقديم الدعم الشعبي، والسياسي فلسطينياً وعربياً واسلامياً. إن ما يجري في القدس هو مخطط عنصري تهويدي يستهدف ليس فقط الأرض، وانما تغيير واقعها الجغرافي والديموغرافي بما يتناسب مع المخطط المرسوم لتغيير معالم هذه المدينة العربية الاسلامية إلى مدينة يهودية تلمودية، أي نسف كافة المعالم القائمة حاليا"ً واستبدالها عبر الجرف والهدم وبناء المستوطنات، ومعالم توراتيه جديدة تنسجم مع المخطط المرسوم كي لا تبقى مدينة القدس عاصمة فلسطينية وعربية وإسلامية. وهذا المشروع يتطلب بالتأكيد طرد الأهالي الأصليين، وترحيلهم، وزرع المستوطنات مكانهم.

إنَّ ما نراه من رصد الأموال الكافية لإنجاز هذا المخطط الذي يسعى إلى فصل وتشتيت القرى العربية عن بعضها، وبالتالي فصل قرى شمال القدس عن قلب المدينة، وإقامة حزام استيطاني، يشكِّل الخطورة القصوى.

ولعل ما هو أخطر مما سبق ذكره إصرار الاحتلال الصهيوني على العمل وبشكل متسارع لتقسيم المسجد الأقصى إلى قسمين بشكل أولي، وتكريس ذلك عملياً وبشكل تدريجي تماماً كما حدث في المسجد الإبراهيمي في الخليل، حيث تمَّ الاستيلاء عليه، واقتسامه مع المسلمين هناك.

وما تسعى إليه حكومة نتنياهو الآن في القدس وبشكل مستعجل هو السيطرة على القسم الشرقي من الأقصى، ابتداء من منطقة مصلى باب الرحمة إلى باب الرحمة، وصولاً إلى مقبرة باب الرحمة، والتي سيطر الاحتلال على جزء منها من أجل إقامة حدائق ومسارات تلمودية، ثم يعمل على ربط هذه المناطق عبر التلفريك لمراقبة كل ما يجري في المسجد الأقصى.

إنَّ التطورات الخطيرة التي نشهدها اليوم تتجسَّد على أرض الواقع هي المقدمة الفعلية لتنفيذ مشروع بناء الهيكل بعد السيطرة على جزء كبير من الأقصى علماً أن الحرم القدسي هو عربي إسلامي، بمساحته المعروفة وهي 144 دونماً.

هذه التطورات الخطيرة والمصيرية تفرض على أبناء شعبنا الفلسطيني الحر المعروف بمواقفه المشرِّفة أن يضع كل ثقله في مواجهة هذه المخططات الصهيونية، واذا كانت الموقف الإسلامية والعربية لم تحسم أمرها، وهي مترددة أو لا مبالية إلاَّ من رحم ربي، ولكن نحن كشعب ليس أمامنا سوى حسم الخيارات المصيرية، والذهاب باتجاه التصعيد والمواجهة قبل أن يجتاح التهويد والاستيطان أرضنا ومقدساتنا.

ومن هنا فإننا نبارك الخطوات التصعيدية التي اختارها شعبنا، والتي يتحمَّلُ فيها كوادرنا المسؤولية إيماناً منا بأن هذا العدوان التهويدي المتواصل لن يتوقف إلاَّ من خلال تجديد روح الانتفاضة التي عشناها مع الشهيد أبو جهاد، والتي حققت انتصاراً بارعاً شهد له العالم، فاليوم علينا أن نجسِّد الانتفاضة الأولى بمعطيات حديثة ومدروسة، وأن نستفيد من تجاربنا السابقة، فنحن اليوم أمام خيار واحد، وهو خيار تحرير القدس، والحفاظ على الأقصى، وتجييش شبابنا، وأهلنا في هذه المواجهات التي لا بد منها، والعدو لا يفهم إلاَّ لغة الحسم لأنه تمادى كثيراً، وللأسف فالعدو الصهيوني يتمادى على أهلنا، وعلى مقدساتنا، ويستوطن أرضنا بينما هناك حالة جمود عربياً وإسلامياً، واكثر من ذلك فإنَّ البعض ذهب باتجاه التطبيع وبشغف، وهناك من يعمل على تسهيل مهمة الاحتلال بالسيطرة على الارض الفلسطينية.

إن ما يقوم به شعبنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وشبابنا وكوادرنا يطمئننا بأن العزة والكرامة والشهامة المزروعة في شعبنا كفيلة بتطهير هذه الديار المقدسة أرض الإسراء والمعراج، الأرض التي صلَّى فيها كل الأنبياء ستلفظ، وتقهر هذه الحثالة من الصهاينة، فأرضنا رواها أجدادنا، وآباؤنا، بالدماء الزكية، واليوم وصلت الأمانة إلينا، وعلينا أن نحفظ الأمانة مهما كانت ثقيلة، وإن تنصروا الله ينصركم ويثبِّت أقدامكم.

ولكن شعارنا أينما كنا عالقدس رايحين فنحن شعب الجبارين.

المجد والخلود لشهدائنا الابرار.

الحرية والعزة لأسرانا البواسل.

والشفاء للجرحى الأبطال

وإنها لثورة حتى النصر.

                                               قيادة حركة فتح في لبنان- إعلام الساحة 

                              26/4/2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق