زهرةٌ رمضانية (17) .. شماتة

 

بقلم الأسير المجاهد: سامح سمير الشوبكي

سجن ريمون الصحراوي

قال التابعي يحيى الرازي رحمة الله: "عجبتُ لذي عقل يقول في دعائه: اللهّم لا تُشمت بي الأعداء، ثمّ يشُمت بنفسه كلَّ عدو. قيل: وكيف ذلك يا يحيى؟ قال: يعصي الله فيشمت به في الدنيا والآخرة كل عدو".

رحمك الله أخانا يحيى وكأنك تنظر إلينا، إلى أحوالنا، وتوجه كلامك الاستنكاري هذا لنا، فلسطينيين وعرب ومسلمين، وقد وقع المحظور فعلًا، وشمت بنا الأعداء، شمتوا وأي شماتة، شمتوا وعصينا يا يحيى، وأي خطيئة ارتكبنا عندما تجرأ الكثير على المعصية الأكثر فتكًا بالمجتمعات، المعصية القتالة التي تصيب العمود الفقري للمجتمعات البشرية، فتصل بها إلى العطب والشلل، المعصية التي تمثل الفرحة الكبرى والسرور الغامر لأعدائنا وخصومنا المتربصين، أقزام الزمان وخفافيش الظلام!

إننا نتحدث عن معصية الخصومة والفرقة والشقاق، فكم من شخص يقاطع أمه وأبيه وأخته وأخيه ولأتفه الأسباب! كم من زوج يتنمر على زوجته ويذيقها أصناف النكال! كم من جار يعيش النزاع والخلاف مع جاره بسبب الأطفال يلعبون ويلهون! كم من دماء سُفكت بسبب الإرث والميراث والتوغل على حقوق الناس! كم من أشلاء آدمية تطايرت في شوارعنا وأسواقنا ومساجدنا العربية بذريعة الموالاة والمعارضة والعكس! وكم من بلاد تعيش الآن الانتقام والتجزئة والشرذمة والتشظي بسبب الأفكار المتنافرة؟ ولا زلنا يا يحيى بعد كل هذا نقف بين يدي الله تبارك وتعالى نقول: "إلهنا وجاهنا ومولانا لا تُشمت بنا الأعداء!".

في شهر رمضان الأُلفة، دعونا نقهر ونهزم المعصية والأعادي الفرحين؛ بالتصالح النفسي والعائلي والمجتمعي والوطني.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق