حلقة نقاشية حول هيكلة النظام المالي والمصرفي . د. زياد حافظ يطرح رؤيته حول الهيكلة .

 


عقد "المنتدى الاقتصادي الاجتماعي "، من خلال " دار الندوة" ، حلقة نقاشية حول " هيكلية النظام المالي والمصرفي في لبنان" عبر تطبيق " زوم"  شارك فيها عدد من الاقتصاديين والاختصاصيين . وقد قدم للحلقة ورقة النقاش الدكتور زياد حافظ ( الباحث في الشؤون الاقتصادية والاستراتيجية ، الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي) حول "الإصلاح المالي في لبنان: الدين العام والمصارف" .

وقد ادار الجلسة الأستاذ بشارة مرهج وشارك في النقاش كل من السادة : الدكتور عصام نعمان، الدكتور غالب أبو مصلح،  الدكتور غياث اليافي(لندن)، الدكتور حيان سليم حيدر، الدكتور ملحم سلمان (واشنطن)، الأستاذ عمر زين،  الدكتور بشير المر، الدكتور نجيب عيسى، الدكتور بطرس لبكي، الأستاذ معن بشور والدكتور ساسين عساف والباحث كريم مرهج.

حافظ

          ركّز الدكتور زياد حافظ في الورقة فيها على أهمية وضرورة  إعادة هيكلة الدين العام والقطاع المصرفي برمّته.  واعتبر د. حافظ أن الإصلاح المالي جزء من عملية أكبر تهدف إلى النهوض بالاقتصاد الوطني من الحالة التي وصل إليها نتيجة خيارات خاطئة وسياسات بائسة.  ان فهم هذه الخيارات والسياسات هو الأساس في طرح الإصلاحات المقترحة.  وحدد حافظ الخيارات بثلاث اولها الانتقال من بنية اقتصادية خدماتية ريعية إلى بنية إنتاجية وخدماتية ذات قيمة مضافة ومرتفعة.  أما الخيار الثاني فهو نقض اعتبار لبنان جزيرة منفصلة عن محيطه العربي والإقليمي وبالتالي إبراز ضرورة التشبيك مع دول الجوار العربي في مرحلة أولى ومع كل من إيران وتركيا كتمهيد للانضمام الى الكتلة الاوراسية والطريق الواحد والحزام الواحد، وفي مراحل لاحقة مع سائر الدول العربية.  أما الخيار الثالث فهو إعادة الاعتبار للتخطيط المركزي وريادة القطاع العام في قيادة القاطرة الاقتصادية.  وهذه الخيارات تتلاقى مع الخيار الأساسي وهو تثبيت المقاطعة للكيان الصهيوني حيث الصراع معه صراع وجود وليس صراع حدود.

بناء على هذه الخيارات تأتي اقتراحات إعادة هيكلة الدين العام لتحرير موارد الدولة من خدمة الدين العام للاستثمار في القطاعات الإنتاجية عبر الاستثمار في البنى التحتية والتعليم والخدمات الصحية ، وعبر تمويل مؤسسات مختصة للقطاعات الإنتاجية. 

وفي إطار إعادة هيكلة الدين العام اقترح د. حافظ  ثلاث سيناريوهات ممكنة تعكس موازين القوّة بين القوى السياسية وجدّيتها بالنهوض.  وأشار الى ان فلسفة إعادة الهيكلة تعتمد مبدأ توزيع أعباء الدين العام وفقا لتحديد مسؤولية الوقوع في الدين.  فالسيناريو الأول يعتبر أن الدين العام مكوّن من سلسة ديون لتسديد ديون متراكمة بفوائد مرتفعة دون أي مبرّر اقتصادي. وتعتبر الورقة أن الفوائد التي دفعت توازي أضعاف الرأس المال الأساسي وبالتالي يجب شطب مجمل الدين. وهذا سينعكس على ميزانية المصارف  وإعادة هيكلتها في الجزء الثاني من الورقة.  في هذا السيناريو تعتبر الورقة أن المسؤولية كانت في الأساس على عاتق المصارف التي كانت تعلم أن طريقة الاقتراض القصير الأجل وبفوائد مرتفعة جدّا لا مبرر اقتصادي لها ولا يمكن للدولة تسديدها.  فإما كانت تعلم ذلك فارتكبت عندئذ جرما موصوفا بغية الربح، وإما كانت جاهلة فارتكبت عندئذ جرم سوء الإدارة والمهنية.

السيناريو الثاني فهو اعتماد رأس المال الأساسي للدين وإعادة هيكلته على قاعدة تسديده على فترة طويلة وفائدة رمزية تجعل خدمة الدين العام لا تتجاوز إلا نسبة متدنية من الموازنة.  تعتبر الورقة في هذه الحالة أن القوى السياسية ، عبر الحكومات ، مسؤولة مع المصارف وإن كانت المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الاخيرة.

السيناريو الثالث وهو الأقرب إلى المزاج العام يقوم  بالتفاوض على قاعدة رأس المال وتسديده على فترة طويلة وبفائدة متدنية بحيث تكون المسؤولية متوازنة بين الدولة والقطاع المصرفي وحاملي سندات الخزينة والمستفيدين من الفوائد المرتفعة التي لم يكن لها أي مبرّر.  هنا أيضا يكون تسديد رأس المال الدين على مدى فترة طويلة وبفوائد متدنية تجعل خدمة الدين العام لا يتجاوز 5-8 بالمائة من الموازنة العامة.

إعادة هيكلة الدين العام تنعكس بشكل مباشر على المصارف التي حملت سندات الخزينة عبر استعمال ودائع المودعين ،وليس بالضرورة رؤوس أموالها الخاصة.  وبناء على ذلك تقترح الورقة ثلاث سيناريوهات تعيد النظر في ملكية المصارف وعددها وحجمها.

السيناريو الأول الأكثر جذرية هو جعل القطاع المصرفي بشقيه الرسمي والخاص تحت سيطرة القطاع العام.  وبالتالي يتم شطب الدين العام وضمان الودائع على الأقل تلك العائدة للمودعين الصغار. موازين القوة قد لا تسمح بذلك الحل الجذري ولكنه يجب أن يطرح لأن القطاع المصرفي برهن عن سوء ائتمان وعدم مهنية وعدم كفاءة.  والقطاع المصرفي تصرّف بطريقة غير مقبولة مع المودعين فلا بد من معاقبته من جهة وتصحيح مسار الأمور من جهة أخرى.  كما أن الدولة تُنشئ مصارف مختصة لتمويل القطاعات الإنتاجية أسوة بالنموذج الصيني حيث أصبحت أربعة مصارف مملوكة من الدولة أكبر مصارف العالم.

السيناريو الثاني يقضي بملكية مشتركة بين الدولة والشعب حيث رأس مال المصارف يكون من الدولة ومن اكتتاب شعبي ويقوم أيضا على قاعدة عدد محدود للمصارف بما فيها المصارف المختصة .

السيناريو الثالث يقضي بإعادة هيكلة القطاع المصرفي في العدد والملكية التي تصبح مختلطة بين القطاع العام والقطاع الخاص. وكذلك في تنوع الاختصاص والتمويل.

كما تناولت الورقة إعادة هيكلة مصرف لبنان ودوره الوظيفي في عملية النهوض والتنمية وتغيير طاقم الإدارة . واعتبرت الورقة ان السرّية المصرفية لم يعد لها جدوى بعد التطورات التي حصلت خلال حقبة الطائف والتي كانت تعتمد على تدفق الرساميل الخارجية لإنعاش القطاع المصرفي والاقتصاد الوطني.  فالتوجهات المقترحة مختلفة كلّيا ولا ترى أي مبرر للسرّية المصرفية.

12/3/2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق