الحاجة بدرية.. أرضنا أغلى من كنوز الدنيا

 


وكالة القدس للأنباء – ربيع فارس

"أرضنا أغلى من كنوز الدنيا" بهذه العبارة التي جاءت مترادفة مع مناسبة يوم الأرض بدأت الحاجة بدرية أحمد عبد الغني (مواليد ١٩٤٨ ومن سكان مخيم نهر البارد شمال لبنان) حديثها عن حلم سرق من بين جفونها، وعن مراحل صعبة أمضتها في مخيمات اللجوء بعد احتلال العصابات الصهيونية لمدينة صفد وبقية المدن والقرى الفلسطينية.

قبل أن تكبر الحاجة بدرية وهي في سن الطفولة وتتاح لها فرصة حصاد ثمار من حقول ذويها في صفد، ومشاهدة مزارعين وهم يجمعون نتاج عرقهم واللهو مع أقرانها في أعراس البلدة التراثية، هجرتها العصابات الصهيونية مع أسرتها من فلسطين إلى الشتات.

لكن أهلها عوضوها عن هذا الغياب بالحديث الدائم عن كروم المدينة، وحقول الزيتون، والأفراح التي كانت تشكل ذاكرة لتاريخ عريق، وغرسوا في حنايا نبضها، عشق وحب فلسطين أرضا وبحرا وجبالا وسهولا ومقدسات.

كبرت عبد الغني وكل أملها وأحلامها العودة إلى صفد، واستنشاق هوائها النقي الذي افتقدته في زواريب المخيم.

تنقلت من مكان إلى آخر والوجع يلاحقها، وكانت نقاط ترحالها منطقة رميش جنوب لبنان وعنجر في البقاع، ثم الاستقرار في مخيم نهر البارد.

روت بدرية قصة لجوئها بحسرة، فهي فقدت حضن الأرض، مسقط رأسها، وفقدت معه الأمان والاستقرار والحياة الدافئة، ولم يبقى لديها سوى أمنية العودة إلى وطنها إلى صفد، حيث جذور الآباء والأجداد، وعبق التاريخ العريق.

قالت بدرية: "حدثني والدي عن أنه كان لدينا عددا من قطع الأرض الزراعية في صفد وأبو ديس، هذه الأرض كانت تشتهر بزراعة جميع أنواع الخضرة والفواكه والزيتون، وكان أهالي كل الحي يساعدون بعضهم البعض في جمع المحاصيل ويتنقلون من أرض لأرض بدون مقابل".

وأضافت "كانت الحياة حلوة في فلسطين، كان الجميع يتشارك في تكاليف الأعراس كي لا يتحمل العريس تكاليف العرس وحده، كان الحي في مدينتنا عبارة عن عائلة كبيرة".

لم تنسى بدرية تلك اللحظات القاسية على الذاكرة عندما بدأت العصابات الصهيونية بالقصف بالطائرات على حارة الطواحين في صفد، وأوضحت "كان أبي في أرض أبو ديس في تلك اللحظات، فحملتنا أمي وغادرنا الى لبنان ولجأنا الى منطقة رميش ولم نلتق بأبي إلا بعد ٣ شهور في رميش، وكنا نسكن كل ثلاث عائلات تحت سقف شادر واحد".

"بعد ذلك غادرنا إلى عنجر في البقاع ومن هناك انتقلنا إلى مخيم نهر البارد حيث تم بناء بيوت من طين وبقينا كذلك حتى تطور المخيم عبر السنين".

وختمت عبد الغني: "الحياة في فلسطين كانت أفضل بكثير لأن أملاكنا ورزقنا هناك، ورغم وجودنا المؤقت في لبنان فإن فلسطين تعيش في قلوبنا، ولقد تربينا على ذلك، والعودة إليها ستبقى عنواننا إلى أن يتحقق ذلك".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق