ارتباك في مواجهة أزمة "كورونا" في مخيّم الرشيديّة جنوب لبنان.. من المسؤول؟



 

 بوابة الاجئين : لمى أبو خرّوب 

لم تكن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بمنأى عن جائحة "كورونا" التي جتاحت لبنان والعالم؛ ولكن للمخيمات  خصوصيّة واضحة، من حيث كونها مغلقة بنظام إداري خاص بها بمعزل عن الدولة اللبنانية، قوامه المؤسسات الفلسطينية سواء لجان شعبية و "أونروا" ومنظمات مجتمع مدني، إضافة إلى جهود أهليّة تحاول أحياناً وحيدةً، الحد من انشار الوباء في أماكن تواجدهم في المخيمات والتجمعات.

وتتفاوت جهود الجهات المعنية من مخيم إلى آخر، إلأ أن الوضع في مخيم الرشيدية بمدينة صور جنوبي لبنان يبدو الأكثر غموضاً، فهناك أعداداً متزايدة للإصابات ترصدها وزارة الصحة اللبنانية يومياً مع غياب ملحوظ لأيّ جهة تتابع الحالة الوبائيّة، وهو ما لمسناه في  موقع "بوابة اللاجئين الفلسطييين" حيث  لا يُتاح لنا  الوصول إلى جهة معنيّة،  والسبب  "لا معني في المخيم بهذا الأمر".

هذا إضافة إلى شكاوى متكررة رصدناها، ومنها  من قبل مسؤول خلية الأزمة في مخيّم البص، عبد الحليم أبو عيّاش الذي تحدث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" عن صعوبة التعامل مع الوضع في مخيم الرشيدية، بسبب غياب جهة معنيّة متخصصة،  يمكن التحدث إليها بما يخص شرح الحالة الوبائية والعمل على الحد من انتشارها في المخيم. وكانت بلدية صور قد سألت أكثر من مرة أبو عيّاش عن جهة يمكنهم المتابعة معها في الرشيدية، والجواب "لا جهة"، فمن المسؤول في مخيّم الرشيدية عن متابعة الحالة الوبائيّة؟

تأسيس متأخّر لخليّة أزمة لا تخلو من المشاكل

بعد عدة نداءات من ناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وارتفاع مضطرد لأعداد المصابين بفايروس "كورونا" بلا متابعة صحية دورية لهم، تأسست "خليّة مواجهة كورونا"  في مخيم الرشيدية أخيراً، في أواخر شباط/ فبراير، أي بعد قرابة العام على تفشي الجائحة في مخيّمات الجنوب، وتكونت من ممثلين عن كلّ منّ : "جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني" ممثلة بالدكتور يوسف عجاوي، اللجنتين الشعبية والأهلية، جمعية الشفاء، جمعية أبناء المخيمات، وكالة  "اونروا" ممثلة بمدير المخيّم،  والأستاذ فوزي كسّاب ومدير قسم الصحّة في منطقة صور، إضافة إلى كلّ من مؤسسة سنابل للمسنيين، جمعية نبع، والنجدة الاجتماعيّة.

وفي سؤال "لماذا لم تتشكل خلية أزمة مواجهة كورونا في أكبر مخيم في مدينة صور من قبل؟"، جاء رد أمين سر اللجنة الشعبية لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" بأنّ المخيّم ليس بحاجة إلى خلية أزمة، طالما فيه مستشفى، ولأنّ "ما في هالإصابات" وفق قوله.

إلاَ أنّ المستشفى الذي تحدّث عنه والتابع لجمعية "الهلال الأحمر الفلسطيني" لا يمتلك القائمين عليه، حتّى أعداد المصابين في المخيّم ، حسبما أكّد مديره الدكتور يوسف عجاوي لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين."

يأتي ذلك في وقت يؤكّد فيه كثيرون حاجة المخيّم لتشكيل طارئ يتابع الحالة الوبائيّة، بسبب خروج الوضع عن السيطرة حسبما أفاد أحد المُسعفين في المخيّم لموقعنا،  والذي انتقد التأخّر في تشكيل الخليّة، مشيراً بذات الوقت إلى عدة مشاكل تعتري عملها، في ظل تسجيل أعداد متزايدة من الإصابات، وتضارب في الأرقام بين الجهات المختلفة، حيث سجّلت وحدة ادارة الكوارث في بلدية صور 27 إصابة في يوم واحد، نهاية شباط فبراير/ الفائت  أشارت مصادر أخرى  تابعها موقعنا  إلى  33 إصابة بذات اليوم.

تضارب بالأرقام يسيطر على متابعة الوباء في المخيّم ، وكذلك انعدام في  الدقة وتحمل المسؤولية وتهرّب منها، ومبادرات فردية وحيدة تجد صعوبة في محاولة ضبط الوضع، وإضافة إلى طغيان الاعتبارات السياسية وغياب التعاون بين أعضاء الخلية، حسبما رصد موقعنا عن مصادر متطابقة.

غياب التنسيق والتعاون والدعم  يُربك العمل لمواجهة الوباء

"بالنهاية اتفقوا ألاّ يتفقوا"، عبارة قالها أحد المسعفين المطلعين على الوضع في مخيم الرشيدية لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، طلب عدم التصريح عن اسمه، وهي عبارة تختصر حال الخليّة بعد تشكيلها.

فالخلية التي تشكلت بناء على طلب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، لم تتلق دعماً بالمعقمات والمنظفات إلا من الجمعية نفسها عن طريق تبرعات حركة "فتح" لها.

إلاً أنّ ذلك لا يعفي الهلال الأحمر من التقصير، إذ لم يتعاون هذا الأخير مع باقي أطراف الخلية، فبينما تؤمن مؤسسة "أبناء المخميات" أنابيب "أوكسوجين"، وتزود الأهالي بها بناء على وصفة طبيب، تفيد بحاجة مريض "كورونا" لها، الّا أنّ جمعية الهلال الأحمر لم تعيّن  طبيباًّ مختصّاً  لمتابعة المُصابين،  يُمكنه إعطاء الوصفات.

وفي اتصال مع مدير مستشفى بلسم، الدكتور يوسف عجاوي، رفض الحديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" عن عمل أي من الجمعيات داخل الخلية قائلاً: " نحن نقوم بعملنا وغير مخولين بالحديث عن عمل أي جهة أخرى، وأكثر من ذلك، غير مخوّلين بالتصريح عن الجهات الأخرى التي تعمل"، وذلك في إشارة غير مباشرة إلى وضع غامض يسوده غياب التنسيق والتعاون بين أعضاء الخليّة.

 وبينما يغيب التعاون بين جمعيتي "الهلال الأحمر" و"أبناء المخيمات"، نجد هذه الأخيرة تعمل لوحدها دون تنسيق مع جهات أخرى، بحسب أحد المُسعفين، فيما  لم  تتبرع أيّة جهة بـ "أنابيب أوكسوجين" للخلية، في وقت يؤكد فيه مسؤول خلية الأزمة في مخيم البص لموقعنا،  حاجة مخيم الرشيدية لانابيب "أوكسوجين"، مُشيراُ إلى أنّ العديد من الحالات الفردية تسغيث به لتأمين أنابيب لها، إلا أنّ امكانياته وقدراته المحدودة تجعله عاجزاًّ عن تامين كميات كبيرة ومتابعة مخيّم بأكمله، إلى جانب متابعته مخيم البص وضواحيه.

استمرار الاعتماد على الجهود الفرديّة

تأسست خلية الأزمة من 30 شخصاًّ،  بينما هي لا تحتاج إلى أكثر من 10 أفراد، بحسب أحد المسعفين المتطوعين، الذي أضاف قائلاً: نحن بحاجة إلى  مجموعتين فقط، تتألف كل واحدة منهما من ممرّضين ومسعف وطبيب، ليكون لها فاعليّة حقيقيّة.

وبينما يعمل المتطوّع مع اثنين آخرين  لوحدهم على معاينة المرضى وزيارتهم، خارج أوقات  دوام عملهم، وبطريقة غير معلنة، و يحاولون بمجهود فردي تأمين أنابيب "الأوكسوجين" ، تقوم جمعة الشفاء بالعمل منفردة أيضاً في المخيّم وتنحسر جهودها بنقل المرضى إلى المستشفيات أو الموتى إلى المقابر، ومتابعة حالات المرضى ما استطاعت.

هذا عدا عن وجود سيارة إسعاف واحدة في المخيم تابعة لمستشفى بلسم، وهي غير مجهزة حتى لنقل مريض عادي، فكيف  بمريض "كورونا"؟ حسبما تسائل. وهو نقص يستدعي في معظم الاحيان طلب الصليب الأحمر اللبناني  والدفاع المدني الفلسطيني فرع مخيّم برج الشمالي لنقل المرضى من الرشيدية بحسب تصريحات مسؤول الدفاع، أبو عبد الله التكلي لموقعنا في وقت سابق.

أمّا انعدام الدقة والإهمال يبدو في أوجه، عندما نأتي للحديث عن اللجنة الشعبية، وهوما أشارت إليه مصادر "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، بأنّ اللجنة وفي إحدى اللوائح التي قدمتها بأسماء مصابين، أوردت إسماً مكرراً 3 مرات وتعافى مسبقاً من "كورونا"، واسم آخر لشخص متوفي.

الوضع على حاله حتى بعد تشكيل خلية أزمة

وحسبما نقل أبو عياش لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" فإنّ مسؤول وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات قضاء صور، مرتضى مهنى، كان قد اخبره عن زيادة واضحة في أعداد الإصابات بمخيم الرشيدية وأنّ البلدية غير قادرة على الوصول لجهة معنيّة يُمكن مُساعدتها على ضبط الوضع.

ووفقاً لأحد المتطوعين، فإنّ البلدية حاولت التواصل مع أفراد من الذين يعملون طوعيّاً، لتقدّم المُساعدة من خلالهم، إلا أنهم غير مخوّلين بالحديث مع البلدية، كي لا يتعرّضوا لمشاكل في أعمالهم مع الجهات التي يعملون لديها  داخل المخيم.

وأشار المتطوّع إلى أنّ التسييس  قد طغى على طابع عمل الخلية، "فكل جهة بدها ياها إلها"، هذا عدا عن عرقلة أعمال العديد ممن يريدون التطوّع، سواء مسعفين أم ممرضين، لعدم تمتعهم بغطاء سياسي فصائلي، يمكّنهم من العمل على الأرض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق