الفلسطينيون في لبنان.. الوضع المُزري وضرورة الاستجابة للتحديات

 


بقلم: هيثم أبو الغزلان

ليس الهدف من هذه المقالة استعراض جهود ومبادرات الأفراد والمؤسسات في مواجهة جائحة "كورونا"، وإنما استعراض بعض تلك الجهود في إطار العبرة والاستمرارية وتطوير ما هو قائم، وصولًا لبعض المقترحات التي أرى أنّها مفيدة وتخدم في الإطار نفسه.

بدأ انتشار جائحة كورونا في لبنان منذ شباط 2020، بعد أشهر عدة من التحركات الشعبية التي تفجرّت في تشرين أول 2019، ما أثّر على مختلف الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وارتفع منسوب التأثّر مع إعلان مجلس الدفاع الأعلى حالة الطوارئ لمواجهة تفشّي الوباء في 21-1-2021، وتمديدها لاحقًا.. كل ذلك كان له تأثير واضح على مجمل الأوضاع في لبنان، وعلى مجمل أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات وخارجها. وتفاقمت تلك الأوضاع سوءا مع انتشار جائحة كورونا في المخيمات، وانعكاس أزمة التمويل التي تعاني منها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، على برامجها وتقديماتها للاجئين الفلسطينيين من حيث الكمّية والنّوعيّة، وأعداد المستفيدين. والتأثّر بالوضع الاقتصادي الكارثي في لبنان، ممّا يعني أن الانهيار الشامل بات قاب قوسين أو أدنى، إذا لم يتم العمل على تدارك الأمر، ومعالجة هذه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتأثيراتها، والتداعيات التي يمكن أن تنتُج عنها.

إنّ التّعاطي المسؤول، والتعاون البينيُّ، الذي طاول شرائح مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، يُعتبر مثالًا حيًا على التعاون والتكافل والرحمة البينيّة.. كما يُشكّل التعاون والتحويلات النّقدية والمساعدات التي قدّمها المغتربون الفلسطينيون، والمخصّصات الشهرية للفصائل الفلسطينية، وموظفي "الأونروا"، عاملًا مهمًا في دورة حياة هذه الفئات المستهدفة.. لكن يظل الأمر غير كاف على اعتبار أن فئات متنوعة من المجتمع الفلسطيني لا تزال دون دخل، ودون مساعدات، أو هبات! وشكّلت مبادرات الجمعيات، والمؤسسات، والأفراد، ورجال أعمال، أحد العوامل الهامّة في إيصال التبرعات وتعزيز التعاون، وتقديم وجبات الطعام وغيرها.. وعزّزت فرق الإسعاف والدفاع المدني التابعة لعدد من الجهات من تقديم الخدمات المختلفة للاجئين.

كما كان للجنة الصحية برئاسة "الأونروا" بالتنسيق مع وزارة الصحة اللبنانية ومنظمة الصحة العالمية، والتي تضم ممثلين عن اللجان الشعبية، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ولجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، والمؤسسات والهيئات العاملة في المخيمات والتجمعات الفلسطينية المحلية والدولية، وعيادات الأونروا وغيرها من المؤسسات في المخيمات دور في مواجهة جائحة "كورونا"، واتخاذ الإجراءات الممكنة للتقليل من خطر الإصابة بالمرض وخصوصًا حملات التعريف بفيروس "كورونا" وطرق الوقاية منه، والشروع بحملات توعية في مراكز الوكالة، مع التشديد على أخذ الاحتياطات اللازمة وعدم الهلع.

وأعلنت "الأونروا" في بيان لها، أنها تقوم بتغطية جميع النفقات الطبية المتعلقة بفيروس "كورونا" في إطار سياستها. وأشارت الى أنّه "لا يزال تأمين الأسِرّة لمرضى "كورونا" يعتمد على القدرة الاستيعابيّة لكلِّ مستشفى، مع العلم أنّ معظم المستشفيات في لبنان تقترب حاليًا من الوصول إلى طاقتها الاستيعابية الكاملة. وهذا الأمر يجعل من الضروري لكل شخص الالتزام التّام بالتّدابير الوقائية".

كما شكّلت حملات التوعية وتعقيم المخيمات بمبادرات من فصائل ومؤسسات، وأفراد، منها: حملة "آمنون، وجمعية الفرقان، والدفاع المدني، واللجان الأمنية، ونور اليقبن، وغير ذلك من مبادرات فردية وجماعية، لتوزيع أدوية الأمراض المزمنة، وتقديمات مادية، وحصص غذائيّة وتموينيّة، ومُعقّمات، وأجهزة تنفّس، وتخصيص فصائل منظمة التّحرير مبلغ 250 ألف ليرة لكل عائلة مصابة بالكورونا.. والدور الكبير الذي تلعبه مؤسّسات طبّيّة، مثل: "الهلال الأحمر الفلسطيني "مستشفى الهمشري"، والشفاء، ومستوصفات، وممرضون، وأطباء، ووسائل اعلام فلسطينية، وروّاد التّواصل الاجتماعي، وغير ذلك"، رافعة مُهمّة في تعزيز التّصدي لهذه الجائحة. كما كان للأفراد الملتزمين بالإجراءات والتّعليمات دور مهم في درء "كورونا" عن أنفسهم وعائلاتهم.

وإزاء ذلك، لا بد من بعض المقترحات التي تُساهم في تعزيز محاربة هذه الجائحة وتداعياتها على أهلنا في المخيمات وخارجها، ومنها:

-           أن تعتمد وكالة "الأونروا" آلية جديدة لتوزيع المساعدات المالية لفئة "العسر الشديد"، تلحظ من خلال هذه الآلية الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الأكثر صعوبة لأغلبية اللاجئين؛ على اعتبار أنّ أغلبية اللاجئين، خصوصًا في هذه المرحلة، تكاد تنطبق عليهم معايير "العسر الشديد". فتقوم وفق الآلية الجديدة المقترحة بتوزيع المبلغ نفسه على جميع عائلات اللاجئين "الشؤون وغيرها"، ممّا يُسهم بإشاعة العدالة في التّوزيع، والتّخفيف من الآثار المُترتّبة من جائحة كورونا على الجميع. ومبدأ التوزيع هذا تعتمده الدولة اللبنانية، التي تُخصّص 400 ألف للعائلات الفقيرة.

-           إنشاء صندوق تبرعات.. يتم وضع الآليات الكفيلة له، والضابطة لعمله، من حيث النّزاهة والشّفافية، الهدف منه: تأمين أجهزة طبية، ومبادرات توليد الدخل الذاتي، وغير ذلك...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق